لورينا ماكينت ودّعت جمهورها في مونتريال بفيض من الرفعة والتجلّي
01 November 2019

لورينا ماكينت ودّعت جمهورها في مونتريال بفيض من الرفعة والتجلّي

RCI | العربية - ريبورتاج
About
سيطر جوٌ من الحزن والكآبة المصحوبة بمشاعر الإعجاب والإكبار في قلوب عشاق سيدة القيثارة الكندية لورينا ماكينت الذين أتوا كُثرا لحضور حفلها الأخير في مونتريال قبل انكفائها عن التأليف والتلحين والانتاجات الموسيقية لتتفرّغ لمحاربة "آفتين تجتاحان عالمنا اليوم وهما العواقب السلبية للعالم الرقمي والتغييرات المناخية". وجاء خبرُ الاعتزال "حتى إشعار آخر ولأجل غير محدد" للرسولة بشعرها الذهبي الطويل في ورقة برنامج حفلها الذي وُزع على الحضور مرفقا بهدية هي البوم تسجيل حيّ ومباشر للحفل الذي أحيته لورينا ماكينت الربيع الماضي في قاعة "رويال ألبرت هول" العريقة في لندن.

تلقينا بفرح عارم ألبومها على باب مسرح "ويلفريد بيلتييه" أكبر مسارح ساحة الفنون العريقة في وسط مونتريال ليلة أول أمس الأربعاء كما تهافت الحضور على شراء البوماتها ومشتريات أخرى خاصة بالجولة الحالية للنجمة الكندية التي تختتمها بعد غد الأحد في مدينة شيربروك جنوب مدينة مونتريال تسبقها حفلة يوم غد السبت في العاصمة الكندية أوتاوا. حفل أول أمس في مونتريال كان الحفل الوحيد للنجمة الكندية العالمية في المدينة الكوسموبوليتية في إطار ست حفلات ختامية في كيبيك وأونتاريو. وكانت المحطة الأولى لهذه الجولة بدأت أيضا في كندا في شهر أليول/سبتمبر من العام الماضي في مدينة ستراتفورد في مقاطعة اونتاريو حيث الإقامة الدائمة للورينا ماكينت. وقد حملت هذه الجولة الفنية التي استمرّت لأكثر من عام كامل اسم عنوان البومها الأخير الذي صدر في ربيع العام الماضي 2018 "الأرواح الضائعة"، Lost Souls.
انتهى السفر وانطلقت قافلة جديدة على ضوء القمر ولكن في كنف دفء الشمس...

أشتهي عناقك...سيّان عندي الوقت

المهّم ظلّ السماء...وبحمايتها أعود إلى حيث كنتُ...إلى نقطة الصفر...

في الليل الداجي، نتيهُ مثل الأرواح الضائعة...

وفي الظلمة الحالكة نبحث عن الضوء...

وفي الصباح على غرار حبّة الندى وظلال القمر أعود إليكَ...

(كلمات أغنية الأرواح الضائعة للورينا ماكينت كتابة ولحنا)
تُعيد الرسولة بشعرها الذهبي الطويل الأرواح الضائعة إلى الحياة، تنتشي القلوب بغنائها وتطرب الآذان وتسافر الأرواح عبر أزمنة حالمة بعيدة.

https://www.youtube.com/watch?v=5qqt8KaIhZE

الحضور في صالة المسرح حبس أنفاسه وسط نور خافت عكسته الشموع المضاءة على المسرح ليُخيّل إليك أنك في صومعة صوفي أو قديس يُصلي ويبتهل بصوته السماوي السرمدي لرب الأزل والوجود.

استاء كل الناس من حولي من مسكي للورقة والقلم لأكتب كل الاختلاجات والتوصيفات خلال الحفل، عجبا لرد فعل الحضور الذي لم أعهده من قبل في هذه الصالة وهو كان يريد أن يتلقف ويتابع بكل حواسه واختلاجاته كل الإبداع الفني المتميّز الذي كان يتجلّى على المسرح.

تشغل لورينا ماكينت حضورها في كل لحظة من لحظات حفلها ليواكب الإبداع المشهدي البصري الإبداع السمعي الغنائي.

عزفت أولا على القيثارة بخشوع لا متناه وتحليق في السماوات السابعة انتقلت بعدها إلى الأورغ ثم البيانو ثم الأكورديون يرافقها تختها الموسيقي الذي يتضمن العود والتشيلو والكمنجة وغيرها من الألات الوترية والالكترونية. ولا داعي لنقول إن كل موسيقي مرافق للورينا ماكينت هو على مقياسها في الإبداع وهو يجيد أداء ألحانها ويجتهد في تشكيل لوحة بصرية سمعية فنية غنائية موسيقية استثنائية غير مسبوقة.

أكثر من مرّة قابلت لورينا ماكينت خلال مسيرتي الإعلامية ولكن هذه المرّة كانت المقابلة مفعمة بالمشاعر المختلفة من فرح واغتباط امتلئ في قلبي من غنائها ومن حزن وشجن اعتصر بقلبي لأنه يا عالم متى أراها مجددا تعتلي المسارح وتأسر القلوب وتفتنها...هذا لأن المحبة لا تعرف عمقها إلا ساعة الفراق/بعدسة روبير منصف

سلاسة الأداء عند الرسولة لا متناهية وكأن صوتها يرقص على أجنحة الفراشات التي تحلّق بنا بعيدا حيث الأزل والمدى اللامحدود. نستسلم لأغنيتها وصوتها الجيّاش الذي تارة يحّن وتارة يغضب وأطوارا يرقص بهجة وحبورا.

مسمرّة على كرسيي شعرت للحظة أن الحلم يقظة واليقظة حلم...بلحظة سافرت إلى العصور الغابرة في الأندلس على الإيقاعات الشرقية...خُطفت روحي مني وأشعرني صوتها أنني أُلامس السماء والغيوم والنجوم.

هدوء الآلات والموسيقى هو هدوء ما قبل العاصفة لتشتّد بين الفينة والأخرى النوتة وتتسارع وتتكّثف وتتداخل الآلات فيما بنيها بسرعة مجنونة محدثة دهشة لا متناهية...كأن هذه النوتة تتراكض خلف السحاب ترفرف وتطير لتعانق الأبد السرمدي.

خصّصت لورينا ماكينت بعد الحفل بعضا من الوقت للقاء جمهورها وعشاقها في العالم العربي عبر مذياع القسم العربي لراديو كندا الدولي. وقد التقيتها في مقصورتها خلف كواليس المسرح وكان الحوار التالي بيني وبين النجمة الكندية المخضرمة ابنة الـ 62 عاما لورينا ماك...