الجنون في غياهب السجون
05 September 2025

الجنون في غياهب السجون

حكايات من الكتب

About
يُشير الكتاب إلى أن النظام العقابي الحالي يفشل في إصلاح الجناة، بل يُحوّل السجناء، خصوصًا الذين يعانون من أمراض عقلية، إلى أشخاص يعانون من الجنون، مما يهدد سلامتهم وسلامة المجتمع عند إطلاق سراحهم. أصبحت السجون هي أكبر مزود للخدمات النفسية وأكبر مصحة عقلية في الولايات المتحدة. الأسباب الرئيسية لأزمة الصحة العقلية في السجون، وفقًا للكتاب:
    إنهاء إقامة المرضى في المستشفيات (Deinstitutionalization): أدى إغلاق المصحات العقلية ونقص الموارد في نظام الصحة العقلية العام إلى زيادة أعداد الأفراد الذين يعانون من اضطرابات عقلية في الشوارع، ومن ثم تعرضهم للاعتقال والسجن.الاكتظاظ الشديد وظروف السجن القاسية: تُسبب هذه الظروف زيادة في حالات العنف، ونقص الخصوصية، وتدهور النظافة، وتفاقم الأمراض العقلية، وارتفاع معدلات الانتحار والانهيار العاطفي بين السجناء.وحدات الحراسة المشددة والحبس الانفرادي (Supermax/Ad-Seg): تُعتبر هذه الوحدات، التي صُممت للعزل الشديد، بيئات غير إنسانية تُسبب تدهورًا حادًا في الصحة العقلية للسجناء، حتى لأولئك الذين لم تكن لديهم مشاكل عقلية سابقة.نقص الرعاية الصحية العقلية الكافية: تعاني السجون من نقص في عدد الموظفين المدربين والبرامج العلاجية. غالبًا ما تقتصر الرعاية على الأدوية فقط، دون اهتمام كافٍ بالعلاج بالمحادثة أو الدعم النفسي.العنصرية والتمييز العرقي: يلعب التمييز في نظام العدالة الجنائية دورًا كبيرًا في سجن أعداد غير متناسبة من الأقليات. داخل السجون، تؤدي المواقف العنصرية من الحراس والمعاملة القاسية إلى تفاقم الاضطرابات العقلية والنفسية لدى السجناء الملونين.العنف والاعتداءات (خاصة الاغتصاب): يتعرض السجناء، وخاصة النساء، للاغتصاب والاعتداءات الجسدية من قبل الحراس والسجناء الآخرين، مما يترك آثارًا نفسية مدمرة ويعقد حالاتهم العقلية.الصدمات المتراكمة (الطفولة والسجن): يعاني معظم السجناء من تاريخ طويل من الصدمات في طفولتهم، وتُضيف ظروف السجن القاسية صدمات جديدة، مما يؤدي إلى انهيارات نفسية وأمراض مثل اضطراب ما بعد الصدمة.الحرب على المخدرات: أدت إلى زيادة هائلة في عدد المسجونين لجرائم غير عنيفة تتعلق بالمخدرات، والذين كثيرًا ما يُهمَلون داخل السجون.نقص الدعم الأسري والاجتماعي: قلة الزيارات والتواصل مع الأهل تؤدي إلى العزلة والاكتئاب، خاصة للأمهات السجينات.نقص التخطيط الجيد لإطلاق السراح: يُطلق سراح العديد من السجناء، بمن فيهم المصابون بأمراض عقلية خطيرة، دون خطة دعم أو علاج، مما يزيد من احتمالية عودتهم إلى الإجرام.خصخصة السجون: تخلق شركات السجون الخاصة حوافز مالية لإبقاء السجناء لفترات أطول وتقليل الإنفاق على الرعاية، مما يؤثر سلبًا على جودة الخدمات.
النتائج والآثار المترتبة على هذه الأزمة:
    تدهور الصحة العقلية: يؤدي الاكتظاظ والعزل والعنف إلى إصابة السجناء بأمراض عقلية خطيرة أو تفاقم حالاتهم الموجودة، ويدفعهم نحو الجنون.ارتفاع معدلات الانتحار: تشهد السجون معدلات انتحار مرتفعة، خاصة في الحبس الانفرادي وأثناء الساعات الأولى من الاعتقال.زيادة العدوانية والعنف: يخرج السجناء من السجن أكثر غضبًا وعنفًا مما كانوا عليه عند دخولهم، مما يشكل تهديدًا للسلامة العامة.ارتفاع معدلات العودة إلى الإجرام (Recidivism): عدم توفر التأهيل والرعاية الكافية يزيد من احتمالية عودة السجناء إلى السجن.التكاليف المالية الباهظة: نظام السجون الحالي مكلف للغاية، خاصة رعاية السجناء المصابين بأمراض عقلية، وتفوق هذه التكاليف بكثير تكلفة توفير الرعاية المجتمعية.
التوصيات المقترحة للإصلاح: يدعو الكتاب إلى تغيير جذري في نظام العدالة الجنائية والسياسات الاجتماعية. وتشمل هذه التوصيات:
    تحسين خدمات الصحة العقلية والتأهيل النفسي داخل السجون: من خلال برامج علاج شاملة، وموظفين مدربين، وتوفير بيئات آمنة للعلاج.تغيير السجون كمؤسسات: إعادة التأهيل وبرامج التعليم، وإنهاء استخدام وحدات الحراسة المشددة والعزل الانفرادي، خاصة للمصابين بأمراض عقلية.إجراء تغييرات على المستوى المجتمعي: وضع حد للاكتظاظ في السجون والتمييز العنصري في إصدار الأحكام.إبعاد المجرمين غير العنيفين عن نظام العدالة الجنائية: خاصة المدانين في جرائم المخدرات وأولئك الذين يعانون من اضطرابات عقلية.محاربة الفقر والاستثمار في الأطفال والشباب والعائلات: لمعالجة الأسباب الجذرية للجريمة.زيادة الشفافية والمساءلة: السماح للصحافة والخبراء القانونيين بدخول السجون لكشف الانتهاكات وضمان إجراء تحقيقات دقيقة.تعزيز التواصل بين السجناء وأحبائهم: من خلال زيارات منتظمة ومراسلات، لما لذلك من أثر إيجابي على صحتهم العقلية ونجاح إعادة التأهيل.تغيير "منطق القانون والنظام": التوقف عن الاعتقاد بأن السجن القاسي هو الحل الوحيد، والاعتراف بأن هذا المنطق يقود إلى الفشل والعنف ويهدد السلامة العامة.
الخلاصة: يُشير الكتاب إلى أن الاستمرار في تجاهل أزمة الصحة العقلية في السجون يعني تفاقم المشكلة وتهديد السلامة العامة. ويدعو إلى تغيير جذري في التعامل مع الجريمة والعدالة، مبني على التعاطف والإنسانية، لتمكين السجناء من إعادة تأهيل أنفسهم ليصبحوا مواطنين منتجين.