مع ختام الدورة الخامسة من القمة العالمية للهيدروجين الأخضر وتطبيقاته (Power-to-X 2025) التي انعقدت في مراكش في أولى أيام الشهر الجاري، شهد المغرب دفعة جديدة في مسار تطوير الهيدروجين الأخضر، مع الإعلان عن تعبئة 658 ألف دولار لدعم 3 مشروعات مبتكرة، اختيرت في إطار برنامج تعاون علمي وصناعي بين المملكة وفرنسا لتوجيه الاستثمارات نحو حلول مبتكرة في قطاع الطاقات المتجددة منخفضة الكربون.
التعاون البحثي المغربي-الفرنسي لا يتوقّف عند الهيدروجين الأخضر فحسب، لا بل يتعّداه أيضا إلى كلّ المشاريع التي تخدم الانتقال الطاقي واستخدام الطاقات المتجدّدة في البنايات الخضراء. ترسّخت مكانة الشراكة الفرنسية-المغربية في الاقتصاد الأخضر ولعلّ أبرز الأمثلة على ذلك توحيد جهود تبادل الخبرات البحثية ما بين منصّتي مركز الطاقة الخضراء Green Energy Park في مدينة بن جرير في المغرب ومنصّة البيت البحثي Villa Sobre التي تختبر في مدينة ليون الفرنسية تقنيات الراحة الحرارية والرصانة الطاقية لمنازل المستقبل في المدرسة الوطنية للأشغال العمومية المستدامة ENTPE.
في إطار مسابقة الهندسة Solar Decathlon التي تضع المهندسين الجامعيين أمام تحدّي تصميم وبناء مساكن موفّرة للطاقة، بنيت ثلاثون فيلا في مدينة بن جرير في المغرب عام 2019. بعد انتهاء المسابقة، تحوّلت هذه الفلل إلى مركز بحثي يدرس الطاقات المتجدّدة ألا وهو مركز الطاقة الخضراء Green Energy Park.
التشبيك العلمي ما بين المهندسين الفرنسيين التابعين لمدرسة ENTPE و مركز الطاقة الخضراء في المغرب يبدو جليا عبر ورش العمل والتكوين الأكاديمي والتدريب المهني خلال مدارس صيفية لمهندسي البلدين.
الأسبوع الماضي وأثناء حفل افتتاح منصّة البيت البحثي لتجارب الرصانة الطاقية في مدرسة ENTPE تمثّل مركز الطاقة الخضراء المغربي بشخص المهندس العمراني المُكلّف بإدارة قسم النجاعة الطاقية، محمّد وليد مغازلي.
بما يتماشى مع نهج الاقتصاد الدائري وتثمين الموارد المحلية بغرض إيجاد مواد عازلة للمساكن الخضراء تقلّص بصمتها الكربونية، تتكثّف التجارب الهندسية البحثية على مواد عازلة قادمة من مصادر طبيعية Bio-sourced materials . ففيما تختبر في فرنسا مواد عزل المباني المصنوعة من قشّ الأرز، تقام تجارب في الجانب المغربي على نبات طبيعي من الحشائش هو الحلفا التي تصنع منه السلال في الثقافة الشعبية، كما لفت إليه المهندس العمراني، محمّد وليد مغازلي، ضمن التسجيل الصوتي.
في الختام اقتضى القول عن المغرب إنّه من أوائل الدول العربية والأفريقية التي وضعت إستراتيجية طاقة وطنية شاملة منذ العام 2009، تقوم على تنويع مصادر الطاقة، وتحقيق الأمن الطاقي، وتقليل البصمة الكربونية، مع استهداف رفع مساهمة الطاقات المتجددة إلى 52% من مزيج الكهرباء بحلول العام 2030.
غير أنّ أستاذ السياسات الطاقية والتنمية المستدامة في جامعة الحسن الأول بسْطات الدكتور مجيدي مصطفى أشار إلى وجود تحديات هيكلية كبرى ما تزال تعوق عملية تحول الطاقة في المملكة المغربية أبرزها: قصور شبكات النقل والتخزين للطاقة المتجددة، وضعف التعليم الفني المرتبط بالطاقة، وهجرة الكفاءات المحلية، واعتماد المشروعات على الخبرات الأجنبية.