< سفر المزامير 78

Listen to this chapter • 6 min
[1] تَعليم. لِآساف. أَصغِ يا شَعْبي إِلى شَريعَتي، أَمِلْ أُذُنَيكَ إِلى أَقْوالِ فَمي.
[2] أَفتَحُ فَمي بِالأَمْثال، وأَفيضُ بِأَلْغازِ الزَّمَنِ القَديم.
[3] ما سَمِعْناه وعَرَفْناه، وما أَخبَرَنا به آباؤُنا،
[4] لا نَكتُمُه عن بَنيهم، بل نُخبِرُ بِه الجيلَ الآتي: تَسابيحَ الرَّبِّ وعِزَّتَه، وعَجائِبَه الَّتي صَنَعَها،
[5] لأَنَّه أَقامَ شَهادةً في يَعْقوب، ووَضَعَ شَريعةً في إِسْرائيل. وأَوصى آباءَنا أَن يُعَلِّموها أَبناءَهم،
[6] لِكَي يَعلَمَ الجيلُ الآتي، البَنونَ الَّذينَ سيُولَدون. فيَقوموا ويُخبِروا أَبْناءَهم،
[7] حتَّى يَضَعوا ثِقَتَهم في الله، ولا يَنْسَوا أَعمالَ الرَّبّ، بل يَحفَظوا وَصاياه.
[8] ولا يَكونوا مِثلَ آبائِهم، الجيلِ العاصي المُتَمَرِّد، الجيلِ الَّذي لم يَثبُتْ قَلبُه، ولا كانَ أَمينًا للهِ روحُه.
[9] إِنَّ بَني أَفْرائيمَ النَّبَّالةَ الماهِرين، في يَومِ القِتالِ أَدبَروا.
[10] لم يَحفَظوا عَهدَ الله، وأَبَوا أَن يَسيروا في شَريعَتِه.
[11] ونَسُوا أَعْمالَه وعَجائِبَه الَّتي أَراهم،
[12] إِذ صَنَعَ العَجائِبَ أَمامَ آبائِهم، في أَرضِ مِصرَ، في حُقولِ صُوعَن.
[13] فَلَقَ البَحرَ فجَعَلَهم يَعبُرون، وأَقامَ المِياهَ كأَنَّها أَسْوار.
[14] وهَداهم بِالغَمامِ في النَّهار، وفي اللَّيلِ كُلِّهِ بِضَوءِ النَّار.
[15] فَلَقَ الصُّخورَ في البَرِّيَّة، فسَقاهم كأَنَّما مِن غِمارٍ غَزيرة،
[16] وأَخرَجَ سَواقِيَ مِنَ الصَّخرَة، وأَجْرى المِياهَ كالأَنْهار.
[17] وعادوا يَخطَأونَ إِلَيه، ويَتَمرَّدونَ على العَلِيِّ في البَرِّيَّة.
[18] وجَرَّبوا اللهَ في قُلوبِهم، سائِلينَ طَعامًا لأَنفُسِهم.
[19] فَتَكلَّموا على اللهِ وقالوا: «أَيَقدِرُ اللهُ أَن يُعِدَّ في البَرِّيَّةِ مائِدة؟
[20] إِنَّه ضَرَبَ الصَّخرَة، فسالَتِ المِياهُ وفاضَتِ السُّيول، فهَل يَقدِرُ أَيضًا أَن يُعطِيَ خُبزًا، أَو يُعِدَّ لِشَعبِه لَحمًا؟».
[21] فسَمِعَ الرَّبُّ فثارَ ثائِرُه. فاشتَعَلَتِ النَّارُ على يَعْقوب، وثارَ الغَضَبُ على إِسْرائيل،
[22] لأَنَّهم لم يُؤمنوا بِالله، ولا ٱتَّكَلوا على خَلاصِه.
[23] ثُمَّ أَمَرَ الغُيومَ مِنَ العَلاء، وفَتَح أَبْوابَ السَّماء،
[24] وأَمطَرَ علَيهمِ المَنَّ لِيَأكُلوا، وأَعطاهم حِنطَةَ السَّماء،
[25] فأَكَلَ الإِنْسانُ خُبزَ الأَقوِياء، وأَرسَلَ إِلَيهم زادًا حتَّى شَبِعوا.
[26] بَعَثَ في السَّماءِ ريحًا شَرقِيَّة، وساقَ بِقُدرَتِه ريحًا جَنوبِيَّة،
[27] فأَمطَرَ علَيهم لُحومًا كالتُّراب، وطُيورًا كَرَمْلِ البِحار،
[28] وأَسقَطَها في وَسَطِ مُخَيَّمِهم حَولَ مَنازِلِهم.
[29] فأَكَلوا وشَبِعوا تَمامًا، وأَتاهم بِمَا يَشتَهون،
[30] ولم يُسَكِّنوا مُشْتَهاهم، وطَعامُهم ما زالَ في أَفْواهِهم،
[31] حتَّى ثارَ فيهم غَضَبُ الله، وقَتَلَ الأَقوِياءَ مِنهم، وصَرَعَ شَبابَ إِسْرائيل.
[32] مع هٰذا كُلِّه عادوا يَخطَأون، ولم يُؤمِنوا بِعَجائِبِه
[33] فأَفْنى أَيَّامَهم بِنَفخَة، وسِنيهم بِمَخافَة.
[34] ولَمَّا كان يَقتُلُهم، كانوا يَلتَمِسونَه ويَتوبون، وإِلى اللهِ يَبتَكِرون،
[35] ويَذكُرونَ أَنَّ اللهَ صَخرَتُهم، وأَنَّ الإلٰهَ العَلِيَّ فاديهِم.
[36] فخَدَعوه بِأَفْواهِهم، وكَذَبوا علَيه بِأَلسِنَتِهم.
[37] أَمَّا قُلوبُهم فلم تَكُنْ معَه، ولا آمَنوا بِعَهدِه.
[38] وهو رَحيمٌ يَغفِرُ الإِثمَ ولا يُهلِك، وكَثيرًا ما يَرُدُّ غَضَبَه، ولا يُثيرُ كُلَّ سُخطِه،
[39] ويَذكُرُ أَنَّهم بَشَر، نَفَسٌ يَذهَبُ ولا يعود.
[40] كم مَرَّةٍ تَمَرَّدوا في البَرِّيَّةِ علَيه، وفي القِفارِ أَغضَبوه،
[41] وعادوا فجَرَّبوا الله، وأَحزَنوا قُدُّوسَ إِسْرائيل.
[42] لم يَذكُروا يَدَه، يَومَ ٱفتَداهم مِنَ المُضايِق.
[43] هو الَّذي جَعَلَ في مِصرَ آياتِه، وفي حُقولِ صُوعَنَ مُعجِزاتِه،
[44] فحَوَّلَ أَنْهارَهم إِلى دِماء، وسواقِيَهم لِكَيلا يَشرَبوا.
[45] أَرسَلَ علَيهم ذُبابًا فأَكَلَهم، وضَفادِعَ فأَهلَكَتهم،
[46] وأَسلَمَ إِلى الدَّبى غَلاَّتِهم، وإِلى الجَرادِ ثَمَرَ أَتْعابِهم.
[47] أَهلَكَ بِالبَرَدِ كُرومَهم، وبِالصَّقيعِ جُمَّيزَهم،
[48] وأَسلَمَ إِلى البَرَدِ بَهائِمَهم، وإِلى الحَريقِ قُطْعانَهم.
[49] أَرسَلَ علَيهم نارَ غَضَبِه، السُّخْطَ والحَنَقَ والشِّدَّة، أَرسَلَ مَلائِكَةً مُهلِكين.
[50] شَقَّ لِغَضَبِه طَريِقًا. لم يَحفَظْ مِنَ المَوتِ نُفوسَهم، وأَسلَمَ إِلى الوَباءِ حَياتَهم،
[51] وضَرَبَ كُلَّ بِكرٍ في مِصرَ، بَواكيرَ الرُّجولَةِ في خيامِ حام.
[52] ثُمَّ رَحَّلَ شَعبَه كالغَنَم، وساقَهم كالقَطيعِ في البَرِّيَّة،
[53] وهَداهم في أمانٍ فلم يَخافوا، ووارى البَحرُ أَعْداءَهم.
[54] وأَدخَلَهم أَرضَ قُدسِه، الجَبَلَ الَّذي ٱقتَنَته يَمينُه،
[55] وطَرَدَ الأُمَمَ مِن وُجوهِهِم، وجَعَلَ بِحَبلِ القُرعَةِ ميراثًا لَهم، وأَسكَنَ أَسْباطَ إِسْرائيلَ في خِيامِهم.
[56] وجَرَّبوا اللهَ العَلِيَّ وتَمَرَّدوا، ولم يَحفَظوا شَهادَتَه
[57] وٱرتَدُّوا فغَدَروا كآبائِهم، وٱنقَلَبوا كالقَوسِ الخادِعة.
[58] وأَسخَطوه بِمَشارِفِهم، وأَغاروه بِتَماثِيلِهم.
[59] سَمِعَ اللهُ فثار ثائِرُه، ونَبَذَ إسرائيلَ نَبْذًا،
[60] وهَجَرَ مَسكِنَ شيلو، الخَيمةَ الَّتي نَصَبَها بَينَ النَّاس.
[61] وأَسلَمَ إِلى الأَسْرِ عِزَّتَه، وإِلى يَدِ المُضايِقِ جَلالَه،
[62] وأَسلَمَ إِلى السَّيفِ شَعبَه، وغَضِبَ على ميراثِه.
[63] أَكَلَتِ النَّارُ شَبابَهم، ولم يُزَغرَدْ لِعَذاراهم.
[64] بِالسَّيفِ سَقَطَ كَهَنتُهم، وما بَكَت أَرامِلُهم.
[65] كالنَّائِمِ ٱستَيقَظَ السَّيِّد، وكالجَبَّارِ الَّذي فَرِحَ بِالخَمْر،
[66] فضَرَبَ أَعْداءَه في أَدْبارِهم، وجَعَلَهم عارًا أَبَدَ الدُّهورِ.
[67] ونَبَذَ خَيمَةَ يوسُف، ولم يَخْتَرْ سِبْطَ أَفْرائيم،
[68] بلِ اخْتارَ سِبْطَ يَهوذا، جَبَلَ صِهْيونَ الَّذي أَحَبَّ،
[69] وبَنى مَقدِسَه كالعُلى، كالأَرضِ الَّتي أَسَّسَها لِلأَبَد.
[70] وٱختارَ داوُدَ عَبدَه، ومِن حَظائرِ الغَنَمِ أَخَذَه،
[71] مِن خَلْفِ المُرضِعاتِ أَتى بِه، لِيَرْعى يَعْقوبَ عَبدَه وإِسْرائيلَ ميراثَه.
[72] فرَعاهم بِسلامَةِ قَلْبِه، وهَداهم بِفِطْنَةِ يَدَيه.