< سفر العدد 22

Listen to this chapter • 5 min
[1] ثُمَّ رَحَلَ بَنو إِسْرائيل، فخَيَّموا في عَرَبَةَ موآبَ الَّتي عِبْرَ أُردُنِّ أَريحا.
[2] ورأَى بالاقُ بنُ صِفُّورَ كُلَّ ما صَنَعَ إِسْرائيلُ بِالأَمورِيِّين.
[3] فخافَ موآبُ بِسَبَبِ هٰذا الشَّعبِ جِدًّا، لأَنَّه كانَ كَثيرًا، وٱرتَعَبَ بِسَبَبِ بَني إِسْرائيل.
[4] فقالَ موآبُ لِشُيوخِ مِديَن: «الآنَ تَرْعى هٰذه الجَماعةُ كُلَّ ما حَوالَينا، كَما يَرْعى الثَّورُ خَصِبَ الحُقول». وكانَ بالاقُ بنُ صِفُّورَ مَلِكًا لِموآبَ في ذٰلك الوَقْت.
[5] فأَرسَلَ رُسُلًا إِلى بِلْعامَ بنِ بَعور، إِلى فاتورَ الَّتي على النَّهرِ في أَرضِ بَني عَمَّوْ، لِيَستَدْعوه. وقالَ له: «هُوَذا شَعبٌ قد خَرَجَ مِن مِصْر، فغَطَّى وَجهَ الأَرض، وهو مُقيمٌ قُبالَتي.
[6] فالآنَ تعالَ فٱلعَنْ لي هٰذا الشَّعْب، لأَنَّه أَقْوى مِنِّي، لَعَلِّي أَستَطيعُ أَن أَضرِبَه وأَطرُدَه مِنَ الأَرض. لأَنِّي أَعلَمُ أَنَّ مَن تُبارِكُه يَكونُ مُبارَكًا ومَن تَلعَنُه يَكونُ مَلْعونًا».
[7] فمَضَى شُيوخُ موآبَ وشُيوخُ مِديَن، وفي أَيديهِم حُلْوانُ العِرافة، وأَتَوا إِلى بِلْعامَ وأَخبَروه بِكَلامِ بالاق.
[8] فقالَ لَهم: «بيتوا هٰهُنا اللَّيلَةَ فأَرُدَّ علَيكم جَوابًا كما يَقولُ لِيَ الرَّبّ». فمَكَثَ رُؤَساءُ موآبَ عِندَ بِلْعام. فأَتى اللهُ بِلْعامَ وقالَ له:
[9] «مَن هُم هٰؤُلاءِ الرِّجالُ الَّذينَ عِندَكَ؟»
[10] فقال بِلْعامُ لله: «إِنَّ بالاقَ بنَ صِفُّور، مَلِكَ موآب، أَرسَلَ إِلَيَّ
[11] أَنْ هُوَذا شَعبٌ قد خَرَجَ مِن مِصرَ فغَطَّى وَجهَ الأَرض. فالآنَ تَعالَ وٱلعَنْه لي، لَعَلِّي أَستَطيعُ أَن أُحارِبَه وأَطرُدَه».
[12] فقالَ اللهُ لِبِلْعام: «لا تَمْضِ معَهم ولا تَلعَنِ الشَّعبَ، فإِنَّه مُبارَكٌ».
[13] فقامَ بِلْعامُ في الصَّباح وقالَ لِرُؤَساءِ بالاق: «إِنصَرِفوا إِلى أَرضِكم، لأَنَّ الرَّبَّ أَبى أَن يأذَنَ لي في الذَّهابِ معَكم».
[14] فقامَ رُؤَساءُ موآبَ وعادوا إِلى بالاقَ وقالوا: «قد أَبى بِلْعامُ أَن يأتِيَ معَنا».
[15] فعادَ بالاقُ فأَرسَلَ رُؤَساءَ كَثيرينَ أَجَلَّ مِن أُولٰئِكَ.
[16] فأَتَوا بِلْعامَ وقالوا لَه: «كَذا قالَ بالاقُ ٱبنُ صِفُّور: لا تَمْتَنِعْ مِنَ المَجيءِ إِلَيَّ،
[17] فإِنِّي سأُكرِمُكَ جِدًّا، وكُلُّ ما تَقولُه لي أَصنَعُه. تَعالَ فٱلعَنْ لي هٰذا الشَّعْب».
[18] فأَجابَ بِلْعامُ مُرسَلي بالاقَ وقالَ لَهم: «لَو أَعْطاني بالاقُ مِلْءَ بَيتِه فِضَّةً وذَهَبًا، لم أَستَطِعْ أَن أَتَجاوَزَ أَمرَ الرَّبِّ إِلٰهي فأَعمَلَ شَيئًا صَغيرًا أَو كَبيرًا.
[19] والآنَ ٱمكُثوا أَنتُم أَيضًا هٰذه اللَّيلَةَ هُنا، فأَعلَمُ ما يَعودُ الرَّبُّ فيُكَلِّمُني بِه».
[20] فأَتى اللهُ بِلْعامَ لَيلًا وقالَ لَه: «إِن كانَ هٰؤُلاءِ النَّاسُ جاءُوا لِيَدعوكَ، فقُمْ وٱمضِ معَهم. لٰكِنَّ الأَمرَ الَّذي أَقولُه لَكَ إِيَّاه تَصنَعُ فَقَط».
[21] فقامَ بِلْعامُ في الصَّباح ووَضَعَ البَرذَعَةَ على أَتانِه ومَضى مع رُؤَساءِ موآب.
[22] فغَضِبَ اللهُ لِمُضِيِّه ووَقَفَ ملاكُ الرَّبِّ في الطَّريقِ لِيُقاوِمَه، وهو راكِبٌ على أَتانِه ومعَه خادِماه.
[23] فرَأتِ الأَتانُ ملاكَ الرَّبِّ واقِفًا في الطَّريق، وسَيفُه مُجَرَّدٌ بِيَدِه، فمالَت عنِ الطَّريقِ وسارَت في الحُقول. فَضَرَبَها بِلْعامُ لِيَرُدَّها إِلى الطَّريق.
[24] فوَقَفَ ملاكُ الرَّبِّ في مَضيقٍ بَينَ الكُروم، وكانَ حائِطٌ مِن هُنا وحائِطٌ مِن هُناك.
[25] فلَمَّا رَأَتِ الأَتانُ مَلاكَ الرَّبّ، اِلتَصَقَت بِالحائِطِ فضَغَطَت على رِجْلِ بِلْعامَ بِالحائط، فعادَ إِلى ضَرْبِها.
[26] ثُمَّ عادَ ملاكُ الرَّبِّ فجازَ ووَقَفَ في مَوضِعٍ ضَيِّقٍ لا سَبيلَ فيه لِلتَّحَوُّلِ يَمنَةً أَو يَسرَةً.
[27] فلَمَّا رَأَتِ الأَتانُ مَلاكَ الرَّبّ، رَبَضَت تَحتَ بِلْعام، فغَضِبَ بِلْعامُ وضَرَبَ الأَتانَ بِالعَصا.
[28] ففَتَحَ الرَّبُّ فَمَ الأَتانِ فقالَت لِبِلْعام: «ماذا صَنَعتُ بِكَ حتَّى ضَرَبْتَني ثَلاثَ مَرَّات؟»
[29] فقالَ بِلْعامُ لِلأَتان: «لأَنَّكِ سَخِرتِ مِنِّي، ولَو كانَ في يَدي سَيفٌ لَكُنتُ قَتَلتُكِ على الفَور».
[30] فقالَتِ الأَتانُ لِبِلْعام: «أَلَستُ أَنا أَتانَكَ الَّتي رَكِبتَها مُنذُ كُنتَ إِلى اليَوم؟ هَل عَوَّدتُكَ أَن أَصنَعَ بِكَ كَذا؟» قالَ «لا».
[31] فكَشَفَ الرَّبُّ عن بَصَرِ بِلْعام، فرَأَى مَلاكَ الرَّبِّ واقِفًا في الطَّريق، وسَيفُه مُجَرَّدٌ بِيَدِه، فٱنحَنى ساجِدًا على وَجهِه.
[32] فقالَ لَه مَلاكُ الرَّبّ: «لِماذا ضَرَبتَ أَتانَكَ ثَلاثَ مَرَّات؟ فهاءَنَذا خَرَجتُ ووَقَفتُ مُقاوِمًا، لأَنَّ الطَّريقَ مَسْدود.
[33] فرَأَتني الأَتانُ فمالَت مِن أَمامي ثَلاثَ مَرَّات، ولَو لم تَمِلْ عَنِّي لَقَتَلتُكَ على الفَورِ وأَبقَيتُها».
[34] فقالَ بِلْعامُ لِمَلاكِ الرَّبّ: «قد خَطِئتُ لأَنِّي لم أَعلَمْ أَنَّكَ واقفٌ تجاهي في الطَّريق. والآنَ فإِن ساءَ في عَينَيكَ فإِنِّي أَرجِع».
[35] فقالَ مَلاكُ الرَّبِّ لِبِلْعام: «إِمْضِ مع النَّاس، والقَولُ الَّذي أَقولُه لَكَ إِيَّاه تَقولُ فقَط». فمَضى بِلْعامُ مع رُؤَساءِ بالاق.
[36] فلَمَّا سَمِعَ بالاقُ بِمَجيءِ بِلْعام، خَرَجَ لِمُلاقاتِه إِلى عارَ مُوآبَ الَّتي على حُدودِ أَرْنونَ الواقِعَةِ في طَرَفِ الحُدود.
[37] فقالَ بالاقُ لِبِلْعام: «أَلَم أُرسِلْ إِلَيكَ لأَدعُوَكَ؟ فلِماذا لم تَأتِ إِلَيَّ؟ أَتُراني لَستُ قادِرًا على إِكْرامِكَ؟
[38] فقالَ بِلْعامُ لِبالاق: «والآنَ وقد أَتَيتُ إِلَيكَ، أَتُراني أَستَطيعُ أَن أَقولَ أَيَّ شَيء؟ فالكَلامُ الَّذي يَضَعُه اللهُ على فمي إِيَّاه أَقولُ».
[39] ومَضَى بِلْعامُ مع بالاق ودَخَلا قِرْيَتَ حُصوت.
[40] فذَبَحَ بالاقُ بَقَرًا وغَنَمًا وأَرسَلَ مِنها إِلى بِلْعامَ وإِلى الرُّؤَساءِ الَّذينَ معَه.
[41] وفي الصَّباح، أَخَذَ بالاقُ بِلْعامَ وصَعِدَ بِه إِلى باموتَ بَعْل، فرأَى مِن هُناكَ أَقْصى الشَّعْب.