< إنجيل لوقا 12

Listen to this chapter • 7 min
[1] وٱجتَمَعَ في أَثناءِ ذٰلِكَ أُلوفٌ مِنَ النَّاس، حتَّى داسَ بَعضُهم بَعضًا، فأَخَذَ يَقولُ لِتلاميذِه أَوَّلاً: «إِيَّاكُم وَخَميرَ الفِرِّيسيِّين، أَي الرِّياء.
[2] فما مِن مَستورٍ إِلاَّ سَيُكشَف، وَلا مِن مَكتومٍ إِلاَّ سيُعلَم.
[3] فكُلُّ ما قُلتُموه في الظُّلُمات سيُسمَعُ في وَضَحِ النَّهار، وما قُلتُموه في المَخابِئِ هَمْسًا في الأُذُن سَيُنادى بِهِ على السُّطوح.
[4] «وأَقولُ لَكم يا أَحِبَّائي، لا تَخافوا الَّذينَ يَقتُلونَ الجَسَد ثُمَّ لا يَستَطيعونَ أَن يَفعَلوا شَيئًا بَعدَ ذٰلك.
[5] ولٰكِنَّني سَأُبَيِّنُ لكم مَن تَخافون: خافوا مَن لَه القُدرَةُ بَعدَ القَتْلِ على أَن يُلقِيَ في جَهَنَّم. أَقولُ لَكم: نَعَم، هٰذا خافوه.
[6] أَما يُباعُ خَمسَةُ عَصافيرَ بِفَلسَيْن، ومَعَ ذٰلكَ فما مِنها واحِدٌ يَنساهُ الله.
[7] بل شَعَرُ رؤوسِكم نَفسُهُ مَعدودٌ بِأَجمَعِه. فلا تخافوا، إِنَّكُم أَثمَنُ مِنَ العَصافيرِ جَميعًا.
[8] «وأَقولُ لَكم: كُلُّ مَنْ شَهِدَ لي أَمامَ النَّاسِ، يَشهَدُ لَهُ ٱبنُ الإِنسانِ أَمامَ مَلائِكَةِ الله.
[9] ومَن أَنْكَرَني أَمامَ النَّاس، يُنكَرُ أَمامَ مَلائِكَةِ الله.
[10] «وكُلُّ مَن قالَ كَلِمَةً على ٱبْنِ الإِنسان يُغفَرُ لَه. وأَمَّا مَن جَدَّفَ على الرُّوحِ القُدُس، فلَن يُغفَرَ لَه.
[11] «وعندَما تُساقونَ إِلى المَجامِعِ والحُكَّامِ وأَصحابِ السُّلطَةِ، فلا يُهِمَّنَّكُم كَيفَ تُدافِعونَ عَنْ أَنفُسِكم أَو ماذا تَقولون،
[12] لأَنَّ الرُّوحَ القُدُسَ يُعَلِّمُكم في تِلكَ السَّاعةِ ما يَجِبُ أَن تَقولوا».
[13] فقالَ لَه رَجُلٌ مِنَ الجَمْع: «يا مُعَلِّم، مُرْ أَخي بِأَن يُقاسِمَني الميراث».
[14] فقالَ لَه: «يا رَجُل، مَن أَقامَني علَيكُم قاضِيًا أَو قَسَّامًا؟»
[15] ثُمَّ قالَ لَهم: «تَبَصَّروا وٱحذَروا كُلَّ طَمَع، لأَنَّ حَياةَ المَرءِ، وإِنِ ٱغْتَنى، لا تَأتيه مِن أَموالِه».
[16] ثُمَّ ضَرَبَ لَهم مَثَلاً قال: «رَجُلٌ غَنِيٌّ أَخصَبَت أَرضُه،
[17] فقالَ في نَفسِه: ماذا أَعمَل؟ فلَيسَ لي ما أَخزُنُ فيه غِلالي.
[18] ثُمَّ قال: أَعمَلُ هٰذا: أَهدِمُ أَهرائي وأَبْني أَكبَرَ مِنها، فأَخزُنُ فيها جَميعَ قَمْحي وأَرْزاقي.
[19] وأَقولُ لِنَفْسي: يا نَفْسِ، لَكِ أَرزاقٌ وافِرَة تَكفيكِ مَؤُونَةَ سِنينَ كَثيرة، فَاستَريحي وكُلي واشرَبي وتَنَعَّمي.
[20] فقالَ لَه الله: يا غَبِيّ، في هٰذِه اللَّيلَةِ تُستَرَدُّ نَفْسُكَ مِنْكَ، فلِمَن يكونُ ما أَعدَدتَه؟
[21] فهٰكذا يَكونُ مَصيرُ مَن يَكنِزُ لِنَفْسِه ولا يَغتَني عِندَ الله».
[22] وقالَ لِتَلاميذِه: «لِذٰلكَ أَقولُ لَكُم: لا يُهِمَّكُم لِلعَيشِ ما تَأكُلون، ولا لِلجَسَدِ ما تَلبَسون،
[23] لأَنَّ الحَياةَ أَعظَمُ مِنَ الطَّعام، والجَسَدَ أَعظَمُ مِنَ اللِّباس.
[24] أُنظُروا إِلى الغِربانِ كَيفَ لا تَزرَعُ ولا تَحصُد، وما مِن مَخزَنٍ لها ولا هُرْيٍ، واللهُ يَرزُقُها، وكَم أَنتُم أَثمَنُ مِنَ الطُّيور!
[25] ومَن مِنكُم يَستَطيعُ، إِذا ٱهتَمَّ، أَن يُضيفَ إِلى حَياتِه مِقدارَ ذِراعٍ واحِدة؟
[26] فإِذا كُنتُم لا تَستَطيعونَ ولا إِلى القَليلِ سَبيلاً، فلِماذا تَكونونَ في هَمٍّ مِن سائِرِ الأُمور؟
[27] أُنظُروا إِلى الزَّنابِقِ كَيفَ لا تَغزِلُ وَلا تَنسُج. أَقولُ لَكُم إِنَّ سُلَيمانَ نَفسَه في كُلِّ مَجدِهِ لَم يَلبَسْ مِثْلَ واحِدَةٍ مِنها.
[28] فإِذا كانَ العُشبُ في الحَقْلِ، وهو يُوجَدُ اليَومَ ويُطرَحُ غَدًا في التَّنُّور، يُلبِسُه اللهُ هٰكذا، فما أَحْراكُم بِأَن يُلبِسَكم يا قَليلي الإِيمان؟
[29] فَلا تَطلُبوا أَنتُم ما تَأكُلُونَ أَو ما تَشرَبونَ ولا تَكونوا في قَلَق،
[30] فهٰذا كُلُّه يَسْعى إِلَيه وَثَنِيُّو هٰذا العالم، وأَمَّا أَنتُم فأَبوكُم يَعلَمُ أَنَّكم تَحتاجونَ إِلَيه.
[31] بلِ ٱطلُبوا مَلَكوتَه تُزادوا ذٰلك.
[32] «لا تَخَفْ أَيُّها القَطيعُ الصَّغير، فقد حَسُنَ لدى أَبيكم أَن يُنعِمَ عَليكُم بِالمَلَكوت.
[33] بيعوا أَموالَكم وتَصَدَّقوا بِها وٱجعَلوا لَكُم أَكْياسًا لا تَبْلى، وكَنزًا في السَّمٰواتِ لا يَنفَد، حَيثُ لا سارِقٌ يَدنو ولا سوسٌ يُفسِد.
[34] فحَيثُ يَكونُ كَنزُكُم يَكونُ قَلبُكم.
[35] «لِتَكُنْ أَوساطُكُم مَشدودة، ولْتَكُنْ سُرُجُكُم مُوقَدَة،
[36] وكونوا مِثلَ رِجالٍ يَنتَظِرونَ رُجوعَ سَيِّدِهم مِنَ العُرس، حتَّى إِذا جاءَ وقَرَعَ البابَ يَفتَحونَ لَه مِن وَقتِهِم.
[37] طوبى لأُولٰئِكَ الخَدَمِ الَّذينَ إِذا جاءَ سَيِّدُهم وَجَدَهم ساهِرين. الحَقَّ أَقولُ لكم إِنَّه يَشُدُّ وَسَطَه ويُجلِسُهُم لِلطَّعام، ويَدورُ علَيهِم يَخدُمُهم.
[38] وإِذا جاءَ في الهَزيعِ الثَّاني أَوِ الثَّالِث، ووَجدَهم على هٰذِهِ الحال فَطوبى لَهم.
[39] وأَنتُم تَعلَمونَ أَنَّه لو عَرَفَ رَبُّ البَيتِ في أَيَّةِ ساعَةٍ يأتي السَّارِق، لَم يَدَعْ بَيتَه يُنقَب.
[40] فكونوا أَنتُم أَيضًا مُستَعِدِّين، فَفي السَّاعَةِ الَّتي لا تَتَوقَّعونَها يَأتي ٱبنُ الإِنسان».
[41] فقالَ بُطرس: «يا رَبّ، أَلَنا تَضرِبُ هٰذا المَثَل أَم لِلنَّاسِ جَميعًا؟»
[42] فقالَ الرَّبّ: «مَن تُراهُ الوَكيلَ الأَمينَ العاقِلَ الَّذي يُقيمُهُ سَيِّدُه على خَدَمِهِ لِيُعطِيَهم وَجبَتَهُم مِنَ الطَّعامِ في وَقْتِها؟
[43] طوبى لِذٰلِكَ الخادِمِ الَّذي إِذا جاءَ سَيِّدُه وَجَدَه مُنصَرِفًا إِلى عَمَلِهِ هٰذا.
[44] الحَقَّ أَقولُ لَكُم إِنَّهُ يُقيمُه على جَميعِ أَموالِه.
[45] ولٰكِن إِذا قالَ ذٰلِكَ الخادِمُ في قَلْبِه: إِنَّ سَيِّدي يُبطِئُ في مَجيئِه، وأَخَذَ يَضرِبُ الخدَمَ والخادِمات، ويأكُلُ ويَشرَبُ ويَسكَر،
[46] فيَأتي سَيِّدُ ذٰلِكَ الخادِمِ في يَومٍ لا يَتَوَقَّعُه وساعَةٍ لا يَعلَمُها، فيَفصِلُه وَيَجزيهِ جَزاءَ الكافِرين.
[47] «فذاكَ الخادِمُ الَّذي عَلِمَ مَشيئَةَ سَيِّدِهِ وما أَعَدَّ شَيئًا، ولا عَمِلَ بِمَشيئَةِ سَيِّدِه، يُضرَبُ ضَربًا كَثيرًا.
[48] وأَمَّا الَّذي لم يَعلَمْها، وعَمِلَ ما يَستَوجِبُ بِه الضَّرْب، فيُضرَبُ ضَرْبًا قليلاً. ومَن أُعطِيَ كثيرًا يُطلَبُ مِنهُ الكَثير، ومَن أُودِعَ كثيرًا يُطالَبُ بِأَكثَرَ مِنه.
[49] «جِئتُ لأُلقِيَ على الأَرضِ نارًا، وما أَشدَّ رَغْبَتي أَن تَكونَ قدِ ٱشتَعَلَت!
[50] وعَلَيَّ أَن أَقبَلَ مَعمودِيَّةً، وما أَشَدَّ ضِيقي حتَّى تَتِمّ!
[51] «أَتَظُنُّونَ أَنِّي جِئتُ لأُحِلَّ السَّلامَ في الأَرْض؟ أَقولُ لَكُم: لا، بَلِ الاِنْقِسام.
[52] فيَكونُ بَعدَ اليَومِ خَمسَةٌ في بَيتٍ واحِدٍ مُنقَسمين، ثَلاثَةٌ مِنهُم على ٱثنَينِ وٱثنانِ على ثَلاثَة:
[53] سيَنقَسِمُ النَّاسُ فيَكونُ الأَبُ على ٱبنِهِ والِٱبنُ على أَبيه، والأُمُّ على بِنتِها والبِنتُ على أُمِّها، والحَماةُ على كَنَّتِها والكَنَّةُ على حَماتِها».
[54] وقالَ أَيضًا لِلجُموع: «إِذا رَأَيتُم غَمامَةً تَرتَفِعُ في المَغرِب، قُلتُم مِن وَقتِكم: سَيَنزِلُ المَطَر، فيكونُ كَذٰلك.
[55] وإِذا هَبَّتِ الجَنوب قُلتُم: سيَكونُ الجَوُّ حارًّا، فيَكونُ ذٰلك.
[56] أَيُّها المُراؤون، تُحسِنونَ تَفَهُّمَ مَنظَرِ الأَرضِ والسَّماء، فكَيفَ لا تُحسِنونَ تَفَهُّمَ الوَقْتِ الحاضِر؟
[57] ولِمَ لا تَحكُمونَ بِالعَدْلِ مِن عِندِكم؟
[58] فإِذا ذَهَبتَ مع خَصمِكَ إِلى الحاكِم، فَٱجتَهِدْ أَن تُنهِيَ أَمْرَكَ معه في الطَّريق، لِئَلاَّ يَسوقَكَ إِلى القاضي، فيُسلِمَكَ القاضي إِلى الشُّرطِيّ، ويُلقِيَكَ الشُّرطِيُّ في السِّجْن.
[59] أَقولُ لَكَ: لَن تَخرُجَ مِنه حتَّى تُؤَدِّيَ آخِرَ فَلْس».