< سفر مراثي إرميا 3

Listen to this chapter • 4 min
[1] أَنا الرَّجُلُ الَّذي رأى البُؤْسَ، تَحتَ عَصا غَضَبِه.
[2] قادَني وسَيَّرَني في الظَّلام، ولم يَكُنْ هُناكَ نور.
[3] عَلَيَّ وَحْدي يَمُدُّ يَدَه، ويُعيدُها النَّهارَ كُلَّه.
[4] أَبْلى لَحْمي وجِلْدي، وهَشَّمَ عِظامي.
[5] بَنى علَيَّ وأَحاطَني، بِمَرارَةٍ ومَشَقَّة.
[6] أَسكَنَني في الظُّلُمات، مِثلَ المَوتى مِن قَديم.
[7] سَيَّجَ علَيَّ فلا أَخرُج، وثَقَّلَ قُيودي.
[8] إِنَّه ولو صَرَختُ وٱستَغَثتُ، يَصُدُّ صَلاتي.
[9] سَيَّجَ على طُرُقي بِالحَجَرِ المَنْحوت، وسَدَّ سُبُلي.
[10] هو لي دُبٌّ في الكَمين، وأَسَدٌ في المِرْصاد.
[11] أَضَلَّ طُرُقي ومَزَّقَني، وجَعَلَني قَفْرًا.
[12] سَدَّدَ قَوسَه ونصَبَني، هَدَفًا لِلسَّهْم.
[13] خَرَقَ كُليَتَيَّ، بِسِهامِ جَعبَتِه.
[14] صِرتُ أُضْحوكَةً لِجَميعِ شَعْبي، وأُغنِيَّةً لَهم طَوالَ النَّهار.
[15] جَرَّعَني مَرارات، أَرْواني العَلْقَم.
[16] كَسَّرَ بِالحَصى أَسْناني، وأَطعَمَني رَمادًا،
[17] فأُبعِدَت نَفْسي عنِ السَّلام، ونَسيتُ الهَناء.
[18] وقُلتُ: «زالَت ثِقَتي، ورَجائي الَّذي مِنَ الرَّبّ».
[19] أُذكُرْ بُؤْسي وتَشَرُّدي، العَلقَمَ والسُّمّ.
[20] تَتَذَكَّرُ تَتَذَكَّرُ نَفْسي، وتَنْهارُ فِيَّ.
[21] هٰذا ما أُرَدِّدُ في قَلْبي، فلِذٰلك أَرْجو.
[22] مَراحِمُ الرَّبِّ لم تَنْتَهِ، لأَنَّ رَأفَتَه لا تَزول.
[23] هي جَديدةٌ في كُلِّ صَباح، وأَمانَتُه عَظيمة.
[24] قالَت نَفْسي: «الرَّبُّ نَصيبي، فلِذٰلك أَرْجوه».
[25] الرَّبُّ صالِحٌ لِلَّذينَ يَنتَظِرونَه، للنَّفْسِ الَّتي تَلتَمِسُه.
[26] خَيرٌ أَن يُنتَظَرَ بِسُكوتٍ، خَلاصُ الرَّبّ.
[27] خَيرٌ لِلرَّجُلِ أَن يَحمِلَ النِّيرَ في صِباه.
[28] لِيَجلِسْ وَحدَه ويَسكُتْ، حين يَفرِضُه الرَّبُّ علَيه.
[29] لِيَجعَلْ في التُّرابِ فَمَه، عَسى أَن يَكونَ لَه أَمَل.
[30] لِيَعرِضْ خَدَّه لِمَن يَلطِمُه، ولْيشبَعْ إِهانَةً.
[31] لأَنَّه لا يَنبِذُ السَّيِّدُ لِلأَبَد.
[32] فإِنَّه ولَو آلَمَني يَرحَم، بِحَسَبِ كَثرَةِ رأفَتِه.
[33] ولَيسَ مِن قَلبِه يُذِلُّ، ويُؤالِمُ بَني البَشَر.
[34] إِذا سُحِقَ تَحتَ الأَرجُلِ، جَميعُ أَسْرى الأَرْض،
[35] أَو حُرِّفَ حَقُّ الرَّجُلِ، أَمامَ وَجهِ العَلِيّ،
[36] وإِذا ظُلِمَ الإِنْسانُ في دَعْواه، أَفَما يَرى السَّيِّد؟
[37] مَنِ الَّذي تَكَلَّمَ فكانَ الأَمْر، دونَ أَن يَأمُرَ السَّيِّد؟
[38] أَلَيسَ مِن فمِ العَلِيِّ، يَخرُجُ الشَّرُّ والخَير؟
[39] فلِماذا يَتَذَمَّرُ الإِنسان؟ فليَتَجَبَّرْ على خَطيئَتِه.
[40] لِنَفحَصْ طُرُقَنا ونَختَبِرْها، ونَرجِعْ إِلى الرَّبّ.
[41] لِنَرفَعْ قُلوبَنا معَ الأَيدي، إِلى اللهِ في السَّمٰوات.
[42] إِنَّنا عَصَينا وتَمَرَّدْنا، وأَنتَ لم تَغفِر.
[43] إِلتَحَفتَ بِالغَضَبِ وطارَدتَنا. قَتَلتَ ولم تُشفِقْ،
[44] إِلتَحَفتَ بِغَمامٍ، لِئَلاَّ تَعبُرَ الصَّلاةُ إِلَيكَ.
[45] جَعَلتَنا نُفايَةً ورُذالَة، بَينَ الشُّعوب.
[46] جَميعُ أَعْدائِنا، فَتَحوا علَينا أَفْواهَهم.
[47] حَلَّ بِنا الرُّعبُ والهَلاك، والدَّمارُ والتَّحَطُّم.
[48] عَيني تَسيلُ بِأَنْهارِ مِياه، على تَحَطُّمِ بِنتِ شَعْبي.
[49] عَيني تَقطُرُ ولا تَسكُت، لأَنَّه لا قَرارَ لَها.
[50] إِلى أَن يَطَّلِعَ الرَّبُّ، ويَنظُرَ مِنَ السَّماء.
[51] عَيني تُعَذِّبُ نَفْسي، بِسَبَبِ بَناتِ مَدينَتي.
[52] قد صادَني أَعْدائي صَيدًا، كعُصْفورٍ مِن دونِ سَبَب.
[53] أَنزَلوا حَياتي إِلى الجُبّ، ودَحرَجوا علَيَّ حَجَرًا.
[54] فاضَتِ المِياهُ فَوقَ رَأسي، وقُلتُ: «قد هَلَكتُ».
[55] دَعَوتُ بِٱسمِكَ يا رَبِّ، مِن أَعْماقِ الجُبّ.
[56] سَمِعتَ صَوتي فلا تَصُمَّ أُذُنَك، عن صَلاتي وٱستِغاثَتي.
[57] إِقتَرَبتَ يَومَ دَعَوتُكَ، قُلتَ: «لا تَخَفْ».
[58] دافَعتَ أَيُّها السَّيِّدُ عن قَضِيَّتي، وٱفتَدَيتَ حَياتي
[59] قد رَأَيتَ يا رَبُّ ظُلامَتي، فأَجرِ ليَ الحُكْم.
[60] رَأَيتَ ٱنتِقامَهم كُلَّه، وجَميعَ أَفكارِهم علَيَّ.
[61] سَمِعتَ إِهانَتَهم يا رَبِّ، وجَميعَ أَفْكارِهِم علَيَّ.
[62] كَلامُ مُقاوِمِيَّ وتآمُرُهم، علَيَّ اليَومَ كُلَّه.
[63] أُنظُرْ جُلوسَهم وقِيامَهم: إِنِّي أُغنِيَّةٌ لَهم.
[64] إِجزِهِم جَزاءً يا رَبِّ، بِحَسَبِ أَعمالِ أَيديهم.
[65] إِجعَلْ على قُلوبِهم غِشاوَة، ولْتَحِلَّ بِهِمِ لَعنَتُكَ.
[66] طارِدْهم بِغَضَبِكَ وأَبِدْهم، مِن تَحتِ سَمَواتِ الرَّبّ.