< سفر القضاة 9

Listen to this chapter • 8 min
[1] فٱنطَلَقَ أَبيمَلِكُ بنُ يَرُبَّعْلَ إِلى شَكيمَ إِلى أَخْوالِه وكَلَّمهم وكُلَّ عَشيرَةِ بَيتِ أَبي أُمِّه، قائِلًا:
[2] «تَكَلَّموا على مَسامِعِ جَميعِ أَعيانِ شَكيمَ أَن: أَيُّ الأَمرَينِ خَيرٌ لَكم: أَن يَتَسَلَّطَ علَيكم سَبْعونَ رَجُلًا، أَي جَميعُ بَني يَرُبَّعْلَ، أَمَ يَتَسَلَّطَ علَيكم رَجُلٌ واحِد؟ وٱذكُروا أَنِّي أَنا عَظمُكم ولَحمُكم».
[3] فتَكَلَّمَ أَخْوالُه عَنه على مَسامِعِ كُلِّ أَعْيانِ شَكيمَ بِكُلِّ هٰذا الكَلام، فمالَت قُلوبُهم نَحوَ أَبيمَلِك، لأَنَّهم قالوا: «إِنَّه أَخونا».
[4] وأَعطَوه سَبْعينَ مِنَ الفِضَّة، مِن بَيتِ بَعلَ بَريت، فٱستَأجَرَ بِها أَبيمَلِكُ رِجالًا لا خَيرَ فيهم مُغامِرين، فتَبِعوه.
[5] فجاءَ بَيتَ أَبيه في عُفرَة، وقَتَلَ إِخوَتَه بَني يَرُبَّعْلَ، سَبْعين رَجُلًا، على صَخرَةٍ واحدة. وبَقِيَ يوتام، أَصغَرُ بَني يَرُبَّعْل، لأَنَّه ٱختَبَأ.
[6] وٱجتَمَعَ كُلُّ أَعْيانِ شَكيمَ وكُلُّ بَيتَ مِلُّو، ومَضَوا فأَقاموا أَبيمَلِكَ علَيهم مَلِكًا عِندَ بَلُّوطَةِ النُّصبِ الَّتي في شَكيم.
[7] فأُخبِرَ يوتامُ بِذٰلك، فٱنطَلَقَ ووَقَفَ على قِمَّةِ جَبَلِ جَرِزِّيم، ورَفَعَ صَوتَه ونادى وقالَ لَهم: «إِسمَعوا لي يا أَعيانَ شَكيم، فيَسمَعَ اللهُ لَكم.
[8] ذَهَبَتِ الأَشجارُ ذَهابًا، لِيَمسَحنَ علَيهِنَّ مَلِكَة. فقُلنَ لِشَجَرةِ الزَّيتون: كوني علَينا مَلِكَة،
[9] فقالَت لَهُنَّ الزَّيتونة: أَأَتَخَلَّى عن زَيتِيَ الَّذي بِواسِطتي يُكرَمُ بِه الآلِهَةُ والنَّاس فأَذهَبَ لأَتَرَنَّحَ فَوقَ الأَشْجار؟
[10] فقالَتِ الأَشجارُ لِلتِّينة: تَعالَي أَنتِ فكوني علَينا مَلِكَة.
[11] فقالَت لَهُنَّ التِّينة: أَأَتَخَلَّى عن حَلاوتي وثَمَرَتي الطَّيِّبة، فأَذهَبَ لأَتَرَنَّحَ فَوقَ الأَشْجار؟
[12] فقالَتِ الأَشْجارُ لِلكَرمَة: تَعالَي أَنتِ فكوني علَينا مَلِكَة.
[13] فقالَت لَهُنَّ الكَرمَة: أَأَتَخَلَّى عن نَبيذي الَّذي يُفرِحُ الآلِهَةَ والبَشَر، فأَذهَبَ لأَتَرَنَّحَ فَوقَ الأَشْجار؟
[14] فقالَتِ الأَشجارُ كُلُّها لِلعَوسَجة: تَعالَي أَنتِ فكوني علَينا مَلِكَة.
[15] فقالَتِ العَوسَجَةُ لِلأَشْجار: إِن كُنتُنَّ حَقًّا تَمسَحنَني مَلِكَةً علَيكُنَّ، فتَعالَينَ ٱستَظلِلْنَ بِظِلِّي، وإِلاَّ فلْتَخرُجْ نارٌ مِنَ العَوسَجَة وتأكُلْ أَرزَ لُبْنان.
[16] والآنَ إِن كُنتُم أَنتُم فَعَلتُم بِالحَقِّ والِٱستِقامة، فمَلَّكتُم أَبيمَلِك، وأَحسَنتُم إِلى يَرُبَّعْلَ وبَيتِه، وكافَأتُموه على ما صَنَعَت يَداه -
[17] مع أَنَّ أَبي قاتَلَ عنكم وخاطَرَ بِنَفسِه في المُقَدِّمَة، وأَنقَذَكم مِن يَدِ مِديَن،
[18] فقُمتُمُ اليَومَ على بَيتِ أَبي، وذَبَحتُم بَنيه سَبْعينَ رَجُلًا على صَخرَةٍ واحِدة، ومَلَّكتُم أَبيمَلِك، ٱبنَ أَمَتِه، على أَعْيانِ شَكيمَ لأَنَّه أَخوكم -
[19] فإِن كُنتُم قد عَمِلتُم بِالحَقِّ والِٱستِقامةِ مع يَرُبَّعلَ ومع بَيتِه في هٰذا اليَوم، فٱفرَحوا أَنتُم بأَبيمَلِك، ولْيَفْرَحْ هو أَيضًا بِكم.
[20] وإِلاَّ فلْتَخرُجْ نارٌ مِن أَبيمَلِكَ وتَأكُلْ أَعْيانَ شَكيمَ وبَيتَ مِلُّو، ولْتَخرُجْ نارٌ مِن أَعيانِ شَكيمَ ومِن بَيتَ مِلُّو وتَأكُلْ أَبيمَلِك».
[21] وهَرَبَ يوتامُ ونَجا وٱنطَلَقَ إِلى بِئْرَ فأَقامَ هُناكَ، بَعيدًا عن وَجهِ أَبيمَلِكَ أَخيه.
[22] ومَلَكَ أَبيمَلِكُ على إِسْرائيلَ ثَلاثَ سَنَوات.
[23] وبَعَثَ اللهُ روحَ شَرٍّ بَينَ أَبيمَلِكَ وأَعْيانِ شَكيم، فغَدَرَ أَعيانُ شَكيمَ بأَبيمَلِك،
[24] لِيَرُدُّوا علَيه العُنفَ الَّذي عامَلَ به بَني يَرُبَّعلَ السَّبْعين، ويَجلُبوا دَمَهم على أَبيمَلِكَ أَخيهمِ الَّذي قَتَلَهم وعلى أَعْيانِ شَكيمَ الَّذينَ أَخَذوا بِيَدِه في قَتلِ إِخوَتِه.
[25] فأَقامَ لَه أَعْيانُ شَكيمَ كَمينًا على رُؤُوسِ الجِبال، فكانوا يَنهَبونَ كُلَّ مَن عَبَرَ بِهم في الطَّريق، فأُخبِرَ أَبيمَلِكُ بِذٰلك.
[26] وجاءَ جاعَلُ بنُ عابِدَ مع إِخوَتِه، فمَرُّوا بِشَكيم، فتَوَكَّلَ علَيه أَعْيانُ شَكيم.
[27] وخَرَجوا إِلى الحُقولِ وقَطَفوا كُرومَهم وعَصَروا وأَقاموا فَرَحًا ودَخَلوا بُيوتَ آلِهَتِهم وأَكَلوا وشَرِبوا ولَعَنوا أَبيمَلِك.
[28] فقالَ جاعَلُ بنُ عابِد: «مَن هو أَبيمَلِكُ ومَن هو شَكيمُ حتَّى نَخدُمَه؟ أَليسَ أَنَّه ٱبنُ يَرُّبَّعلَ ووَكيلُه زَبول؟ أُخدموا رِجالَ حَمورَ أَبي شَكيم. وأَمَّا ذاكَ فلِماذا نَخدُمُه؟
[29] مَنِ الَّذي يَجعَلُ هٰذا الشَّعبَ في يَدي فأَعزِلَ أَبيمَلِك؟» وقالَ مُوَجِّهًا كَلامَه إِلى أَبيمَلِك: «كثِّرْ جُندَكَ وٱخرُجْ».
[30] وسَمِعَ زَبول، والي المَدينة، بِكَلامِ جاعَلَ بنِ عابِد، فغَضِبَ.
[31] وأَنفَذَ رُسُلًا إِلى أَبيمَلِكَ بِطَريقِ الِٱحتِيالِ وقالَ لَه: «إِنَّ جاعَلَ ٱبنَ عابِدَ وإِخوَتَه قد أَتَوا شَكيم، وهم يُثيرونَ علَيكَ المَدينَة.
[32] فقُمْ أَنتَ والقَومُ الَّذينَ معَكَ لَيلًا وٱكمُنوا في الحُقول.
[33] وبَكِّرْ صَباحًا نَحوَ طُلوعِ الشَّمْس، وٱهجُمْ على المَدينة، فإِنَّه يَخرُجُ هو وأَصْحابُه إِلَيكَ، فٱصنَعْ بِهم ما تَستَطيعُه يَدُكَ».
[34] فقامَ أَبيمَلِكُ وجَميعُ الَّذينَ معَه لَيلًا وكَمَنوا عِندَ شَكيمَ أَربَعَ فِرَق.
[35] فخَرَجَ جاعَلُ بنُ عابِد وأَقامَ عِندَ مَدخَلِ بابِ المَدينَة، فقامَ أَبيمَلِكُ والقَومُ الَّذينَ معَه مِنَ المَكمَن.
[36] ورأى جاعَلُ القَومَ فقالَ لِزَبول: «إِنِّي أَرى شَعبًا يَنزِلُ مِن رُؤُوسِ الجِبال». فقالَ لَه زَبول: «إِنَّما تَرى ظِلَّ الجِبالِ فتَحسَبُه رِجالًا».
[37] فعادَ جاعَلُ وتَكَلَّمَ وقال: «هُوَذا شَعبٌ نازِلٌ مِن عِندِ سَنامِ الأَرْض، وفِرقَةٌ واحِدَةٌ آتِيَةٌ مِن طَريقِ بِلُّوطَةِ المُنَجِّمين».
[38] فقالَ لَه زَبول: «أَينَ الآنَ فَمُكَ الَّذي كُنتَ تَقولُ به: مَن هو أَبيمَلِكُ حتَّى نَخدُمَه؟ أَلَيسَ هٰذا هو الشَّعبُ الَّذي ازدَرَيتَه، فٱخرُجِ الآنَ إِلَيه وقاتِلْه».
[39] فخَرَجَ جاعَلُ أَمامَ أَعْيانِ شَكيم وحارَبَ أَبيمَلِك.
[40] فطارَدَه أَبيمَلِكُ فهَرَبَ جاعَلُ مِن وَجهِه. وسَقَطَ جَرْحى كَثيرونَ حتَّى مَدخَلِ الباب.
[41] وأَقامَ أَبيمَلِكُ في أَرومة، وطَرَدَ زَبولُ جاعَلَ وإِخوَتَه ومَنَعَهم مِنَ الإِقامَةِ في شَكيم.
[42] وكانَ في الغَدِ أَنَّ الشَّعبَ خَرَجَ إِلى الحُقول، فأُخبِرَ أَبيمَلِكُ بِذٰلك.
[43] فأَخَذَ قَومَه وقَسَّمَهم إِلى ثَلاثِ فِرَق، وكَمَنَ في الحُقول. ونَظَرَ فإِذا الشَّعبُ خارِجٌ مِنَ المَدينَة، فقامَ علَيهم وضَرَبَهم.
[44] وٱندَفَعَ أَبيمَلِكُ والفِرقَةُ الَّتي معَه ووَقَفوا عِندَ مَدخَلِ بابِ المَدينة. وأَمَّا الفِرقَتانِ فهَجَمَتا على كُلِّ الَّذينَ في الحُقولِ وضَرَبَتاهم.
[45] وحارَبَ أَبيمَلِكُ المَدينَةَ ذٰلك اليَومَ كُلَّه، وٱستَولى على المَدينَةِ وقَتَلَ الشَّعبَ الَّذي فيها، ودَمَّرَ المَدينةَ وزَرَعَها مِلْحًا.
[46] فسَمِعَ جَميعُ أَعْيانِ مِجْدالَ شكيم، فذَهَبوا إِلى سِرْدابِ بَيتَ إِيلِ بَريت.
[47] وأُخبِرَ أَبيمَلِكُ أَنَّ أَعْيانَ مِجْدالَ شَكيمَ قدِ ٱجتَمَعوا.
[48] فصَعِدَ أَبيمَلِكُ إِلى جَبَلِ صَلْمون، هو وجَميعُ القَومِ الَّذينَ معَه، وأَخَذَ أَبيمَلِكُ فَأسًا بِيَدِه وقَطَعَ غُصْنًا مِنَ الشَّجَرِ وحَمَلَه على عاتِقِه وقالَ لِلقَومِ الَّذينَ معَه: «ما رَأَيتُموني أَفعَلُ فٱفعَلوه أَنتُم سَريعًا».
[49] فقَطَعَ جَميعُ القَومِ الَّذينَ معَه كُلُّ واحِدٍ غُصْنًا، وتَبِعوا أَبيمَلِكَ ووضَعوها على السِّرْداب، وأَحرَقوا علَيهمِ السِّرْدابَ بِالنَّار. فماتَ أَيضًا جَميعُ أَهلِ مِجْدالَ شَكيم، نَحوُ أَلفِ نَسَمَةٍ مِن رَجُلٍ وٱمرَأَة.
[50] ثُمَّ زَحَفَ أَبيمَلِكُ على تاباص، وعَسكَرَ وٱستَولى علَيها.
[51] وكانَ في وَسَطِ المَدينةِ بُرجٌ مَنيع، فهَرَبَ إِلَيه جَميعُ الرِّجالِ والنِّساءِ وجَميعُ أَعْيانِ المَدينة، وأَغلَقوا وَراءَهم وصَعِدوا إِلى سَطحِ البُرْج.
[52] فوَصَلَ أَبيمَلِكُ إِلى البُرْجِ فهاجَمَه، وتَقَدَّمَ إِلى بابِ البُرْجِ لِيُحرِقَه بِالنَّار.
[53] فأَلقَتِ ٱمرَأَةٌ رَحى طاحونٍ على رَأسِ أَبيمَلِك، فحَطَّمَت جُمجُمَتَه.
[54] فدَعا لِساعَتِه بِالفَتى حامِلِ سِلاحِه وقالَ لَه: «إِستَلَّ سَيفَكَ وٱقتُلْني، لِئَلاَّ يُقالَ عنِّي: إِنَّ ٱمرَأَةً قَتَلَته». فطَعَنَه الفَتى فمات.
[55] فلَمَّا رَأَى رِجالُ إِسْرائيلَ أَنَّ أَبيمَلِكَ قد مات، اِنصَرَفَ كُلُّ واحِدٍ إِلى بَيتِه.
[56] ورَدَّ اللهُ على أَبيمَلِكَ الشَّرَّ الَّذي صَنَعَه بِأَبيه مِن قَتْلِ إِخوَتِه السَّبْعين.
[57] وكُلُّ شَرِّ أَهلِ شَكيمَ رَدَّه اللهُ على رُؤُوسِهم، وأَتَت علَيهم لَعنَةُ يوتامَ بنِ يَرُبَّعْل.