< سفر القضاة 16

Listen to this chapter • 5 min
[1] ثُمَّ ٱنطَلَقَ شِمْشونُ إِلى غَزَّة، فرأَى هُناكَ ٱمرَأَةً زانِيَة، فدَخَلَ علَيها.
[2] فقيلَ لأَهلِ غَزَّةَ: «إِنَّ شِمْشونَ هٰهنا». فطافوا وكَمَنوا لَه كُلَّ اللَّيلِ عِندَ بابِ المَدينَة، وصَمَتوا اللَّيلَ كُلَّه وقالوا: «عِندَ ضَوءِ الصُّبحِ نَقتُلُه».
[3] فرَقَدَ شِمْشونُ إِلى نِصفِ اللَّيل، وقامَ عِندَ نِصفِ اللَّيلِ فأَخَذَ مِصْراعَي بابِ المَدينة بدِعامَتَيه، وقَلَعَها مع المِزْلاج، وحَمَلَ كُلَّ ذٰلك على مَنكِبَيه وصَعِدَ بِه إِلى رَأسِ الجَبَلِ الَّذي قُبالَةَ حَبْرون.
[4] وكانَ بَعدَ ذٰلك أَنَّه أَحَبَّ ٱمرَأَةً في وادي سوريقَ ٱسمُها دَليلة.
[5] فصَعِدَ إِلَيها أَقْطابُ الفَلِسطينِيِّينَ وقالوا لَها: «أَغْريه وٱنظُري أَينَ تَكمُنُ قُوَّتُه العَظيمة، وكَيفَ نَتَمَكَّنُ مِنه فنوثِقَه ونُسَيطِرَ علَيه، ونَحنُ نَدفَعُ إلَيكِ كُلٌّ مِنَّا أَلفًا ومِئَةً مِنَ الفِضَّة».
[6] فقالَت دَليلةُ لِشِمْشون: «أَخبِرْني أَينَ تَكمُنُ قُوَّتُكَ العَظيمة. وبماذا توثَقُ لِيُسَيطَرَ علَيكَ؟»
[7] فقالَ لَها شِمْشون: «إِذا أَوثَقوني بِسَبعَةِ حِبالٍ طَريئَةٍ لم تَجِفَّ بَعدُ، فإِنِّي أَضعُفُ وأَصيرُ كواحِدٍ مِنَ النَّاس».
[8] فجاءَها أَقْطابُ الفَلِسطينِيِّينَ بِسَبعَةِ حِبالٍ طَريئَةٍ لم تَجِفَّ بَعدُ، فأَوثَقَته بِها،
[9] والكَمينُ رابِضٌ عِندَها في المُخدَع. ثُمَّ قالَت لَه: «الفَلِسطينِيُّونَ عَليكَ، يا شِمْشون». فقَطَّعَ الحِبالَ كما يُقطَعُ خَيطُ المُشاقَةِ إِذا أُحرِقَ بِالنَّار. ولم يُعلَمْ أَينَ تَكمُنُ قُوَّتُه.
[10] فقالَت لَه دَليلَة: «قد خَدَعتَني وكَذَبتَ علَيَّ، فأَخبِرْني الآنَ بِماذا توثَق».
[11] فقالَ لَها: «إن أَوثَقوني بِحِبالٍ جَديدةٍ لم تُستَعمَلْ قطّ، فإِنِّي أَضعُفُ وأَصيرُ كواحِدٍ مِنَ النَّاس».
[12] فأَخَذَت دَليلَةُ حِبالًا جَديدةً وشَدَّته بِها وقالَت لَه: «الفَلِسطينِيُّونَ علَيكَ، يا شِمْشون»، والكَمينُ رابِضٌ في المُخدَع. فقَطَّعَ الحِبالَ عن ذِراعَيه، كما يُقطَعُ الخَيط.
[13] فقالَت دَليلةُ لِشِمْشون: «إِلى الآنَ خَدَعْتَني وكَذَبتَ عَلَيَّ، فأَخبِرْني بماذا توثَق». فقالَ لَها: «إِذا ضَفَرتِ سَبعَ خُصَلِ رَأسي مع السَّدى، وغَرَستِها بِالوَتَدِ في الحائِط، فإِنِّي أَضعُفُ وأَصيرُ كواحِدٍ مِنَ النَّاس».
[14] وبَينَما هو راقِد، أَخَذَت دَليلَةُ خُصَلَ رَأْسِه السَّبعَ وضَفَرَتها مع السَّدى وغَرَسَتها بِوَتَدِ النَّولِ وقالَت: «الفَلِسطينِيُّونَ علَيكَ، يا شِمْشون». فاستَيقَظَ مِن نَومِه وقَلَعَ وَتَدَ النَّولِ والسَّدى.
[15] فقالَت لَه: «كَيفَ تَقولُ: إِنِّي أُحِبُّكِ، وقَلبُكَ لَيسَ معي، وهٰذه ثَلاثُ مَرَّاتٍ وأَنتَ تَخدَعُني ولم تُخْبِرْني أَينَ تَكمُنُ قُوَّتُكَ العَظيمة».
[16] ولَمَّا كانَت تُضايِقُه بِكَلامِها كُلَّ يَومٍ وتُزعِجُه ضاقَت نَفْسُه حتَّى المَوت.
[17] فأَطلَعَها على كُلِّ ما في قَلبِه وقالَ لَها: «لم يَعلُ رَأْسي موسًى، لأَنِّي نَذيرٌ للهِ مِن بَطنِ أُمِّي. فإِن حُلِقَ رَأْسي، فارَقَتني قُوَّتي وضَعُفتُ وصِرتُ كواحِدٍ مِنَ النَّاس».
[18] ورَأَت دَليلَةُ أَنَّه قد أَطلَعَها على كُلِّ ما في قَلبِه، فأَرسَلَت ودَعَت أَقْطابَ الفَلِسطِينِيِّينَ وقالَت: «إِصعَدوا هٰذه المَرَّة، فإِنَّه قد أَطلَعَني على كُلِّ ما في قَلبِه». فصَعِدَ إِلَيها أَقْطابُ الفَلِسطينِيِّين، والفِضَّةُ بِيدهم.
[19] فنَوَّمَته على رُكبَتَيها ودَعَت رَجُلًا، فحَلَقَ سَبعَ خُصَلِ رأسِه. وأَخَذَت تُسَيطِرُ علَيه، وقد فارَقَته قُوَّتُه.
[20] وقالَت لَه: «الفَلِسطينِيُّونَ عَلَيكَ، يا شِمْشون». فٱستَيقَظَ مِن نَومِه وقالَ في نَفْسِه: «أَنْجو كما كُنتُ أَصنَعُ كُلَّ مَرَّةٍ وأَتَخَلَّص»، وهو لا يَعلَمُ أَنَّ الرَّبَّ قد فارَقَه.
[21] فقَبَضَ علَيه الفَلِسطينِيُّون وفَقَأُوا عَينَيه ونَزَلوا بِه إِلى غَزَّة، وأَوثَقوه بِسِلسِلَتَينِ مِن نُحاس. وكانَ يُديرُ الرَّحى في السِّجْن.
[22] وأَخَذَ شَعَرُ رَأسِه يَنبُتُ بَعدَ أَن حُلِق.
[23] وأَمَّا أَقْطابُ الفَلِسطينِيِّين، فٱجتَمَعوا لِيَذبَحوا ذَبيحةً عَظيمةً لِداجون إِلٰهِهم فَرَحًا، وقالوا: «قد أَسلَمَ إِلٰهُنا عَدُوَّنا إِلى أَيدينا».
[24] ولَمَّا رَآه الشَّعبُ، سَبَّحوا إِلٰهَهم لأَنَّهم قالوا: «قد أَسلَمَ إِلٰهُنا إِلى أَيدينا عَدُوَّنا ومُخَرِّبَ أَرضِنا، الَّذي كَثَّرَ قَتْلانا».
[25] فلَمَّا طابَت نُفوسُهم قالوا: «هَلُمَّ بِشِمْشون، فيُسَلِّيَنا». فدَعَوا شِمْشونَ مِنَ السِّجْنِ، فسَلاَّهم، وأَقاموه بَين الأَعمِدَة.
[26] فقالَ شِمْشونُ لِلصَّبِيِّ الآخِذِ بِيَده: «دَعْني أَلمُسُ الأَعمِدَةَ القائِمَ علَيها البَيتُ حَتَّى أَتَّكِئَ علَيها».
[27] وكانَ البَيتُ غاصًّا بِالرِّجالِ والنِّساء، وكانَ هُناكَ جَميعُ أَقْطابِ الفَلِسطينِيِّين، وعلى السَّطحِ نَحوُ ثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ يَتَفَرَّجونَ على شِمْشونَ وهو يُسَلِّيهم.
[28] فدَعا شِمْشونُ الرَّبَّ وقال: «أَيُّها السَّيِّدُ الرَّبّ، اُذكُرْني وشَدِّدْني هٰذه المَرَّةَ أَيضًا، يا أَلله، لأَنتَقِمَ لِعَينَيَّ مِنَ الفَلِسطينِيِّينَ ٱنتِقامًا واحِدًا».
[29] ثُمَّ تَلَمَّسَ شِمْشونُ العَمودَينِ اللَّذَينِ في الوَسَط، والقائِمِ علَيهما البَيت. وٱتَّكَأَ علَيهما، آخِذًا أَحَدَهما بِيَمينِه والآخَرَ بِشِمالِه،
[30] وقال: «لِتَمُت نَفْسي مع الفَلِسطينِيِّين». ودَفَعَ بِشِدَّة، فسَقَطَ البَيتُ على الأَقْطابِ وعلى كُلِّ الشَّعبِ الَّذي في البَيت. فكانَ المَوتى الَّذينَ قَتَلهم في مَوتِه أَكثَرَ مِنَ الَّذينَ قَتَلَهم في حَياتِه.
[31] فنَزَلَ إِخوَتُه وكُلُّ بَيتِ أَبيه، فحَمَلوه وصَعِدوا بِه ودَفَنوه بَينَ صُرعَةَ وأَشْتاؤُول، في قَبرِ مَنوحَ أَبيه. وكانَ قد تَوَلَّى القَضاءَ في إِسْرائيلَ عِشْرينَ سَنَة.