< إنجيل يوحنا 12

Listen to this chapter • 5 min
[1] وقبلَ الفِصحِ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ جاءَ يسوعُ إِلى بَيتَ عَنْيا، حَيثُ كانَ لَعازرُ الَّذي أَقامَه مِن بَينِ الأَموات.
[2] فأُقيمَ له عَشاءٌ هُناك، وكانَت مَرْتا تَخدُم، وكانَ لَعازَرُ في جُملَةِ الَّذينَ معَه على الطَّعام.
[3] فتَناوَلَت مَريَمُ حُقَّةَ طِيبٍ مِنَ النَّارَدينِ الخالِصِ الغالي الثَّمَن، ودهَنَت قَدَمَي يسوع ثُمَّ مَسَحَتْهما بِشَعرِها. فعَبِقَ البَيتُ بِالطِّيب.
[4] فقالَ يَهوذا الإِسخَريوطيُّ أَحَدُ تَلاميذِه، وهوَ الَّذي أَوشَكَ أَن يُسلِمَه:
[5] «لِماذا لم يُبَعْ هٰذا الطِّيبُ بِثَلاثِمائَةِ دينار، فتُعْطى لِلفُقَراء؟»
[6] ولَم يَقُلْ هٰذا لِٱهتِمامِه بِالفُقَراء، بل لأَنَّه كانَ سارِقًا وكانَ صُندوقُ الدَّراهِمِ عِندَه، فيَختَلِسُ ما يُلْقى فيه.
[7] فقالَ يسوع: «دَعْها، فإِنَّها حَفِظَت هٰذا الطِّيبَ لِيَومِ دَفْني.
[8] إِنَّ الفُقَراء هم عِندكم دائِمًا أَبَدًا، وأَمَّا أَنا فَلَستُ عِندكم دائِمًا أَبَدًا».
[9] وعَلِمَ جَمْعٌ كثيرٌ مِنَ اليَهودِ أَنَّ يسوعَ هُناك فجاؤوا، لا مِن أَجلِ يسوعَ فَقَط، بل لِيَرَوا أَيضًا لَعازَرَ الَّذي أَقامَهُ مِن بَينِ الأَموات.
[10] فعَزَمَ عُظَماءُ الكَهَنَةِ على أَن يَقتُلوا لَعازَرَ أَيضًا،
[11] لأَنَّ كَثيرًا مِنَ اليَهودِ كانوا يَنصَرِفونَ عنهُم بِسبَبِه ويُؤمِنونَ بِيَسوع.
[12] ولمَّا كانَ الغَد سَمِعَ الجَمْعُ الكَثيرُ الَّذينَ أَتَوا لِلعيدِ أَنَّ يسوعَ قادِمٌ إِلى أُورَشَليم.
[13] فحَمَلوا سَعَفَ النَّخْلِ وخَرَجوا لِٱستِقبالِه وهُم يَهتِفون: «هُوشَعْنا! تَبارَكَ الآتي بِٱسمِ الرَّبّ، مَلِكُ إِسرائيل!»
[14] فوَجَدَ يسوعُ جَحْشًا فرَكِبَه، كما وَرَدَ في الكِتاب:
[15] «لا تَخافي يا بِنتَ صِهْيون، هُوَذا مَلِكُكِ آتٍ، راكِبًا على جَحْشِ ٱبنِ أَتان».
[16] هٰذهِ الأَشياءُ لم يَفهَمْها تَلاميذُه أَوَّلَ الأَمرِ، ولٰكِنَّهم تَذَكَّروا، بَعدَما مُجِّدَ يسوع، أَنَّها فيهِ كُتِبَت، وأَنَّها هي نَفسُها لَه صُنِعَت.
[17] وكانَ الجَمْعُ الَّذي صَحِبَه، حينَ دَعا لَعازَرَ مِنَ القَبْرِ وأَقامَه مِن بَينِ الأَموات، يَشهَدُ له بِذٰلك.
[18] وما خَرَجَ الجَمْعُ لِٱستِقبالِه إِلاَّ وقَد سَمِعَ أَنَّه أَتى بِتِلكَ الآيَة.
[19] فقالَ الفِرِّيسيُّونَ بَعضُهم لِبَعض: «تَرونَ أَنَّكم لا تَستَفيدونَ شَيئًا. هُوَذا العالَمُ قد تَبِعَه».
[20] وكانَ بَعضُ اليونانِيِّينَ في جُملَةِ الَّذينَ صَعِدوا إِلى أُورَشَليمَ لِلْعِبادَةِ مُدَّةَ العيد.
[21] فقَصَدوا إِلى فيلِبُّس، وكانَ مِن بَيتَ صَيدا في الجَليل، فقالوا له مُلتَمِسين: «يا سَيِّد، نُريدُ أَن نَرى يسوع».
[22] فذَهَبَ فيلِبُّس فأَخبَرَ أَندَراوس، وذَهَبَ أَندَراوس وفيلِبُّس فأَخبَرا يسوع.
[23] فأَجابَهما يسوع: «أَتَتِ السَّاعَةُ الَّتي فيها يُمَجَّدُ ٱبنُ الإِنسان.
[24] الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إِنَّ حَبَّةَ الحِنطَةِ الَّتي تَقَعُ في الأَرض، إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإِذا ماتَت، أَخرَجَت ثَمَرًا كثيرًا.
[25] مَن أَحَبَّ حياتَه فقَدَها، ومَن رَغِبَ عنها في هٰذا العالَم حَفِظَها لِلحَياةِ الأَبَدِيَّة.
[26] مَن أَرادَ أَن يَخدُمَني، فَلْيَتْبَعْني، وحَيثُ أَكونُ أَنا يَكونُ خادِمي، ومَن خَدَمَني أَكرَمَه أَبي.
[27] الآنَ نَفْسي مُضطَرِبة، فماذا أَقول؟ يا أَبَتِ، نَجِّني مِن تِلكَ السَّاعة. وما أَتَيتُ إِلاَّ لِتلكَ السَّاعة.
[28] يا أَبَتِ، مَجِّدِ ٱسمَكَ». فٱنطَلَقَ صَوتٌ مِنَ السَّماءِ يَقول: «قَد مَجَّدتُه وسَأُمَجِّدُه أَيضًا».
[29] فقالَ الجَمْعُ الَّذي كانَ حاضِرًا وسَمِعَ الصَّوت: «إِنَّه دَوِيُّ رَعْد». وقال آخَرونَ: «إِنَّ مَلاكًا كَلَّمَه».
[30] أَجابَ يسوع: «لم يَكُنْ هٰذا الصَّوتُ لأَجلي، بل لأَجلِكُم.
[31] اليَومَ دَينونَةُ هٰذا العالَم. اليَومَ يُطرَدُ سَيِّدُ هٰذا العالَمِ إِلى الخارِج.
[32] وأَنا إِذا رُفِعتُ مِنَ الأَرض، جَذَبتُ إِلَيَّ النَّاسَ أَجمَعين».
[33] وقالَ ذٰلك مُشيرًا إِلى المِيتَةِ الَّتي سَيَموتُها.
[34] فأَجابَه الجَمْع: «نَحنُ عَرَفْنا مِنَ الشَّريعَةِ أَنَّ المَسيحَ يَبْقى لِلأَبَد. فكَيفَ تَقولُ أَنتَ إِنَّه لا بُدَّ لِٱبنِ الإِنسانِ أَن يُرفَع. فمَنِ ٱبنُ الإِنسانِ هٰذا؟»
[35] فقالَ لَهم يسوع: «النُّورُ باقٍ معَكم وقتًا قليلاً، فَٱمشوا ما دامَ لَكُمُ النُّور، لِئَلاَّ يُدرِكَكُمُ الظَّلام. لأَنَّ الَّذي يَمْشي في الظَّلام لا يَدْري إِلى أَينَ يَسير.
[36] آمِنوا بِالنُّور، ما دام لَكُمُ النُّور، لِتَصيروا أَبناءَ النُّور». قالَ يسوعُ هٰذا، ثُمَّ ذَهَبَ فتَوارى عَنهُم.
[37] أَتى يسوعُ بِجَميعِ هٰذهِ الآياتِ بِمَرأًى مِنهم، ولَم يُؤمِنوا بِه،
[38] فتَمَّتِ الكَلِمَةُ الَّتي قالَها النَّبِيُّ أَشَعْيا: «يا ربّ، مَنِ الَّذي آمَنَ بِما سَمِعَ مِنَّا؟ ولِمَن كُشِفَت ذِراعُ الرَّبّ؟»
[39] لم يَستَطيعوا أَن يُؤمِنوا، لأَنَّ أَشَعْيا قالَ أَيضًا:
[40] «أَعْمى عُيونَهم وقَسَّى قُلوبَهم، لِئَلاَّ يُبصِروا بِعُيونِهم، ويَفهَموا بقُلوبِهِم، ويَرجِعوا فَأَشفِيَهم».
[41] قالَ أَشَعْيا هٰذا الكَلام لأَنَّه رَأَى مَجدَه وتَكَلَّمَ في شَأنِه.
[42] غَيرَ أَنَّ عَدَدًا كثيرًا مِنَ الرُّؤَساءِ أَنفُسِهِم آمَنوا بِه، ولٰكِنَّهم لم يُجاهِروا بِإِيمانِهِم، بِسَبَبِ الفِرِّيسيِّين، لِئَلاَّ يُفصَلوا مِنَ المَجمَع،
[43] ففضَّلوا المَجدَ الآتيَ مِنَ النَّاسِ على المَجدِ الآتي مِنَ الله.
[44] ورَفَعَ يَسوعُ صَوتَه قال: «مَن آمَنَ بي لم يُؤمِنْ بي أَنا، بل بالَّذي أَرسَلَني.
[45] ومَن رآني رأَى الَّذي أَرسَلَني.
[46] جِئتُ أَنا إِلى العالَمِ نورًا، فكُلُّ مَن آمَنَ بي لا يَبْقَى في الظَّلام.
[47] وإِن سَمِعَ أَحَدٌ كَلامي ولَم يَحفَظْه فأَنا لا أَدينُه لأَنِّي ما جِئتُ لأَدينَ العالَم، بل لأُخَلِّصَ العالَم.
[48] مَن أَعرَضَ عَنِّي ولَم يَقبَلْ كَلامي، فلَه ما يَدينُه: الكَلامُ الَّذي قُلتُه يَدينُه في اليَومِ الأَخير،
[49] لأَنِّي لم أَتَكَلَّمْ مِن عِندي، بلِ الآبُ الَّذي أَرسَلَني هو الَّذي أَوصاني بِما أَقولُ وأَتَكَلَّم
[50] وأَنا أَعلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَه حَياةٌ أَبَدِيَّة فما أَتَكَلَّمُ بِه أَنا أَتَكَلَّمُ بِه كما قالَه لِيَ الآب».