< سفر التكوين 42

Listen to this chapter • 5 min
[1] فلَمَّا عَلِمَ يَعْقوبُ أَنَّ الحَبَّ مَوجودٌ في مِصْر، قالَ لِبَنيه: «ما بالُكم تَنظُرونَ بَعضُكم إِلى بَعض؟»
[2] وقال: «إِنِّي قد سَمِعتُ أَنَّ الحَبَّ مَوجودٌ في مِصْر، فٱنزِلوا إِلى هُناكَ وٱشتَروا لَنا حَبًّا فنَحْيا ولا نَموت».
[3] فنَزَلَ عَشَرَةٌ مِن إِخوَةِ يوسفَ لِيَشتَروا قَمْحًا مِن مِصْر.
[4] وأَمَّا بَنْيامين، أَخو يوسف، فلَم يُرسِلْه يَعْقوبُ مع إِخوَتِه، لأَنَّه قال: «يُخْشى أَن يَلحَقَه سوء».
[5] وأَتى بَنو إِسْرائيلَ في مَن أَتى لِيَشتَروا حَبًّا، لأَنَّ المَجاعَة كانَت في أَرضِ كَنْعان.
[6] وكانَ يوسفُ هو المُسَلَّطَ على تِلكَ الأَرض والبائعَ حَبًّا لِكُلِّ شَعْبِ تِلكَ الأَرض. فجاءَ إِخوَتُه وسَجَدوا له بِوُجوهِهِم إِلى الأَرض.
[7] ولَمَّا رأَى يوسفُ إِخوَتَه عَرَفَهم، ولٰكِنَّه تَنَكَّرَ لَهم وكَلَّمَهم بِقَساوةٍ وقالَ لهم: «مِن أَينَ قَدِمتُم؟» قالوا: «مِن أَرضِ كَنْعان، لِنَشتَرِيَ طَعامًا».
[8] وعَرَفَ يوسفُ إِخوَتَه، وأَمَّا هُم فلَم يَعْرِفوه.
[9] فتَذَكَّرَ يوسفُ الأَحْلامَ الَّتي حَلَمَها بِهِم، فقالَ لَهم: «أَنتُم جَواسيس، إِنَّما جِئتُم لِتَرَوا ثُغورَ هٰذه الأَرض».
[10] فقالوا له: «لا يا سَيِّدي، إِنَّما جاءَ عَبيدُكَ لِيَشتَروا طَعامًا.
[11] كُلُّنا بَنو رَجُلٍ واحِد، نحن مُستَقيمون، ولَيسَ عَبيدُكَ بِجَواسيس».
[12] فقالَ لَهم: «كَلاَّ، بل إِنَّما جِئتُم لِتَرَوا ثُغورَ هٰذِه الأَرض».
[13] قالوا: «عَبيدُكَ ٱثْنا عَشَرَ أَخًا، نَحنُ بَنو رَجُلٍ واحِدٍ في أَرضِ كَنْعان. هُوَذا الصَّغيرُ اليَومَ عِندَ أَبينا، وواحِدٌ لا وُجودَ لَه».
[14] فقالَ لَهم يوسف: «بلِ الأَمرُ كما تَحَدَّثتُ إِلَيكم قائلًا: أَنتُم جَواسيس.
[15] وبِهٰذا تُمتَحَنون: وحَياةِ فِرعَونَ لا خَرَجتُم مِن هٰهُنا أَو يَجيءَ أَخوكُمُ الأَصغَرُ إِلى هٰهُنا.
[16] إِبعَثوا واحِدًا مِنكُم يَأتي بِأَخيكم، وأَنتُم تُسجَنونَ حَتَّى يُمتَحَنَ كَلامُكم هل أَنتُم صادِقون، وإِلاَّ فَوَحَياةِ فِرعَونَ إِنَّكم لَجَواسيس».
[17] فأَوقَفَهم ثَلاثَة أَيَّام.
[18] وفي اليَومِ الثَّالِث قالَ لَهم يوسف: «إِصنَعوا هٰذا فتَحْيَوا، لأَنِّي أَتَّقي الله.
[19] إِن كُنتُم مُستَقيمين، فأَخٌ واحِدٌ مِنكُم يُسجَنُ في سِجنِكم. أَمَّا أَنتُم فٱذهَبوا وخُذوا حَبًّا لِبُيوتِكُمُ الجائِعَة،
[20] وأتوا بِأَخيكُمُ الصَّغيرِ إِلَيَّ لِيَتَحَقَّقَ كَلامُكم ولا تَموتوا». فصَنَعوا كذٰلك.
[21] وقالَ بَعضُهم لِبَعض: «إِنَّنا حَقًّا مُذنِبونَ إِلى أَخينا: رأَينا نَفسَه في شِدَّةٍ عِندَما ٱستَرحَمَنا فلَم نَسمَعْ لَه. لِذٰلِك نالَتْنا هٰذه الشِّدَّة».
[22] فأَجابَهم رأُوبينَ قائلًا: «أَلَم أَقُلْ لَكم: لا تَخطَأُوا إِلى الوَلَد، وأَنتُم لم تَسمَعوا، لِذٰلِك يُطالَبُ الآنَ بِدَمِه».
[23] ولم يَكونوا يَعلَمونَ أَنَّ يوسفَ يَفهَمُ ذٰلك، إِذ كانَ هُناكَ تُرجُمانٌ بَينَه وبَينَهم.
[24] فتَحَوَّلَ عنهُم وبَكى، ثُمَّ عادَ إِلَيهِم وخاطَبَهم وأَخَذَ مِن بَينِهم شِمْعونَ فقيَّدَه أَمامَ أَعيُنِهم.
[25] وأَمَرَ يوسفُ أَن تُملَأَ أَوعِيَتُهم قَمْحًا وتُرَدَّ فِضَّةُ كُلِّ واحِدٍ إِلى كيسِه وأَن يُعطَوا زادًا لِلطَّريق، فصُنِعَ لَهم كذٰلِك.
[26] وحَمَلوا حَبَّهم على حَميرِهم وساروا مِن هُناك.
[27] وفَتَحَ أَحَدُهم كيسَه لِيُلقِيَ عَلَفًا في المَبيتِ لِحِمارِه، فرأَى فِضَّتَه في فَمِ كيسه.
[28] فقالَ لِإخوَتِه: «قد رُدَّت فِضَّتي، وها هي في كيسي». فخانَتهُم قُلوبُهم وقالوا بَعضُهم لِبَعضٍ مُرتَعِشين: «ماذا فَعَلَ اللهُ بِنا؟».
[29] وجاءُوا يَعْقوبَ أَباهم في أَرضِ كَنْعان وأَخْبَروه بكُلِّ ما جَرى لَهم
[30] وقالوا: «قد خاطَبَنا الرَّجُلُ سَيِّدُ تِلكَ الأَرضِ بِقَساوة وعَدَّنا جَواسيسَ في تِلكَ الأَرض،
[31] فقُلْنا له: نَحنُ مُستَقيمون، ولَسْنا بِجَواسيس،
[32] نحنُ ٱثْنا عَشَرَ أَخًا بَنو أَبٍ واحِد، أَحَدُنا لا وُجودَ له، والصَّغيرُ اليَومَ عِندَ أَبينا في أَرضِ كَنْعان.
[33] فقالَ لَنا الرَّجُلُ سَيِّدُ تِلكَ الأَرض: بِهٰذا أَعلَمُ أَنَّكم مُستَقيمون: دَعوا عِنْدي أَخًا مِنكُم وخُذوا لِبُيوتِكمُ الجائِعة وٱنصَرِفوا،
[34] وأتوني بأَخيكُمُ الصَّغير فأَعلَمَ أَنَّكم لَستُم بِجَواسيسَ وأَنَّكم مُستَقيمون، فأُعطيَكم أَخاكم وتَجولونَ في هٰذه الأَرض».
[35] وبَينَما هم يُفَرِّغونَ أكْياسَهم، إِذا بصُرَّةِ فِضَّةِ كُلِّ واحِدٍ في كيسِه. فلَمَّا رأَوا صُرَرَ فِضَّتِهم هم وأَبوهم، خافوا.
[36] فقالَ لَهم يَعْقوبُ أَبوهم: أَفقَدتُموني أَولادي: يوسفُ لا وُجودَ لَه وشِمْعونُ لا وُجودَ لَه، وبَنيامينُ تأخُذونَه، وعَلَيَّ نَزَلَت هٰذه كُلُّها».
[37] فكَلَّمَ رأُوبينُ أَباه قائِلًا: «إِن لم أَعُدْ به إِلَيكَ، فٱقتُلْ وَلَدَيَّ. سَلِّمْه إِلى يَدي وأَنا أَرُدُّه إِلَيك».
[38] قال: «لا يَنزِلُ ٱبْني مَعَكم، لأَنَّ أَخاه قد مات، وهو وَحدَه بَقِيَ، فإِن نالَه سوءٌ في الطَّريقِ الَّذي تَذهَبونَ فيه أَنزَلتُم شَيبَتي بِحَسرَةٍ إِلى مَثْوى الأَمْوات».