< سفر التكوين 24

Listen to this chapter • 8 min
[1] وشاخَ إِبْراهيمُ وطَعَنَ في السِّنّ، وكانَ الرَّبُّ قد بارَكَ إِبْراهيمَ في كُلِّ شَيء.
[2] وقالَ إِبْراهيمُ لأَقدَمِ خُدَّامِ بَيتِه، المُوَلَّى على جَميعِ ما لَه: «ضَعْ يَدَكَ تَحتَ فَخِذي.
[3] فأَستَحلِفَكَ بِالرَّبِّ، إِلٰهِ السَّماءِ وإِلٰهِ الأَرض، أَن لا تَأْخُذَ زَوجَةً لِٱبْني مِن بَناتِ الكَنْعانِيِّينَ الَّذينَ أَنا مُقيمٌ في وَسْطِهم،
[4] بل إِلى أَرْضي وإِلى عشيرتي تَذهَبُ وتأخُذُ زَوجَةً لِٱبْني إِسحٰق».
[5] فقالَ لَه الخادِم: «لَعَلَّ المَرأَةَ لا تُريدُ أَن تَتبَعَني إِلى هٰذه الأَرض، فَهَل أَرُدُّ ٱبنَكَ إِلى الأَرضِ الَّتي خَرجتَ مِنها؟»
[6] فقالَ لَه إِبْراهيم: «إِيَّاكَ أَن تَرُدَّ ٱبْني إِلى هُناكَ.
[7] إِنَّ الرَّبَّ، إِلٰهَ السَّماءِ وإِلٰهَ الأَرض، الَّذي أَخَذَني مِن بَيتِ أَبي ومِن مَسقَطِ رأسي، والَّذي كَلَّمَني والَّذي أَقسَمَ لي قائِلًا: لِنَسلِكَ أُعْطي هٰذه الأَرض، هو يُرسِلُ مَلاكَه أَمامَكَ فتأخُذُ زَوجَةً لِٱبْني مِن هُناك.
[8] وإِن لم تُرِدِ المَرأَةُ أَن تَتبَعَكَ، فأَنتَ بَريءٌ مِن قَسَمي هٰذا. أَمَّا ٱبْني فلا تَرجِعْ بِه إِلى هُناكَ».
[9] فوَضَعَ الخادِمُ يَدَه تَحتَ فَخِذِ سَيِّدِه وحَلَفَ له على ذٰلك.
[10] وأَخَذَ الخادِمُ عَشرَةَ جِمالٍ مِن جِمالِ سَيِّدِه ومضى، وفي يَدِه مِن خَيراتِ سَيِّدِه كُلِّها، وقامَ ومضى إلى أَرامِ النَّهرَين، إِلى مَدينةِ ناحور.
[11] فأَناخَ الجِمالَ خارِجَ المَدينة، بِالقُربِ مِن بِئرِ الماء، عِندَ المَساء، وَقتَ خُروجِ المُستَقِيات.
[12] وقال: «أَيُّها الرَّبّ، إِلٰهُ سَيِّدي إِبْراهيم، يَسِّرْ لِيَ اليَوم وٱصنَعْ رَحمَةً إِلى سَيِّدي إِبْراهيم!
[13] هاءَنَذا واقِفٌ بالقُربِ مِن عَينِ الماء، وبَناتُ أَهْلِ المَدينةِ خارِجاتٌ لِيَستَقينَ ماءً.
[14] فَلْيَكُنْ أَنَّ الفَتاةَ الَّتي أَقولُ لَها: أَميلي جَرَّتَكِ حتَّى أَشرَب، فتَقول: اِشْرَبْ، وأَنا أَسْقي جِمالَكَ أَيضًا، تَكونُ هي الَّتي عَيَّنتَها لِعَبدِكَ إِسحٰق، وبِذٰلك أَعلَمُ أَنَّك صَنَعتَ رَحمَةً إِلى سَيِّدي».
[15] فكانَ قَبْلَ الإِنتِهاءِ مِن كَلامِه أَن خَرَجَت رفقَةُ الَّتي وُلِدَت لِبَتوئيل، اِبْنِ مِلْكَة، اِمْرَأَةِ ناحور، أَخي إِبْراهيم، وجَرَّتُها على كَتِفِها.
[16] وكانَتِ الفتاةُ جَميلَةَ المَنظَرِ جِدًّا، عَذْراءَ لم يَعْرِفْها رَجُل. فنَزَلَت إِلى العَين وملَأَت جَرَّتَها وصَعِدَت.
[17] فأَسرَعَ الخادِمُ إِلى لِقائِها وقال: «اِسْقيني قليلًا مِن ماءِ جَرَّتِكِ».
[18] فقالت: «اِشْرَبْ يا سَيِّدي»، وأَسرَعَت فأَنْزَلَت جَرَّتَها على يَدِها وسَقَته.
[19] ولَمَّا ٱنْتَهَت مِن سَقْيِه، قالت: «أَسْتَقي لِجمالِكَ أَيضًا حتَّى تَنْتَهِيَ مِنَ الشُّرْب».
[20] وأَسْرَعَت وأَفرَغَت جَرَّتَها في المَسْقاة وأَسرَعَت أَيضًا إِلى البِئرِ لِتَستَقِيَ، فٱستَقَت لِجَميعِ جِمالِه.
[21] وبَقِيَ الرَّجُلُ مُتَأَمِّلًا إِيَّاها صامِتًا، لِيَعلَمَ هَل أَنْجَحَ اللهُ طَريقَه أَم لا.
[22] فلَمَّا فَرَغَتِ الجِمالُ مِن شُرْبها، أَخَذَ الرَّجُلُ حَلقَةَ أَنْفٍ مِن ذَهَب وَزْنُها نِصْفُ مِثْقال، وسِوارَينِ لِيَدَيها وَزْنُهما عَشْرَةُ مَثاقيلِ ذَهَب،
[23] وقال: «بِنْتُ مَن أَنتِ؟ أَخْبِريني هل في بَيتِ أَبيكِ مَوضِعٌ نَبيتُ فيه؟»
[24] فقالَت لَه: «أَنا ٱبنَةُ بَتوئيلَ ٱبنِ مِلْكَةَ الَّذي وَلَدَته لِناحور».
[25] وقالت لَه: «عِندَنا كَثيرٌ مِنَ التِّبْنِ والعَلَف ومَوضِعٌ لِلمَبيتِ أَيضًا».
[26] فٱنحَنى وسَجَدَ لِلرَّبّ،
[27] وقال: «تَبارَكَ الرَّبُّ، إِلٰهُ سَيِّدي إِبْراهيمَ الَّذي لم يَقْطَعْ رَحمَتَه ووَفاءَه عن سَيِّدي وهَداني في طَريقي إِلى بَيتِ أَخي سَيِّدي».
[28] فَرَكَضَتِ الفَتاةُ وأَخبَرَت بَيتَ أُمِّها بِهٰذِه الأُمور.
[29] وكانَ لِرِفقَةَ أَخٌ ٱسمُه لابان، فرَكَضَ لابانُ إِلى الرَّجُلِ، إِلى العَينِ، خارِجًا.
[30] وكانَ أَنَّه، إِذ رأَى الحَلقَةَ والسِّوارَينِ في يَدَي أُختِه وسَمِعَ كَلامَ رِفْقَةَ أُخْتِه قائِلةً: كذا خاطَبَني الرَّجُل، ذَهَبَ إِلَيه، فإِذا هو واقِفٌ مع الجِمالِ عِندَ العَين.
[31] فقال: «اُدخُلْ، يا مُبارَكُ الرَّبّ، لِماذا تَقِفُ خارِجًا، فإِنِّي قد هَيَّأتُ البَيتَ وموضِعًا لِلجِمال».
[32] وأَدخَلَ الرَّجُلَ إِلى البَيت وحَلَّ عنِ الجِمال وطَرَحَ لَها تِبْنًا وعَلَفًا، وأَعطى الرَّجُلَ ماءً لِيَغسِلَ رِجْلَيه وأَرجُلَ القَومِ الَّذينَ معَه.
[33] ثُمَّ وُضِعَ الطَّعامُ أَمامَه لِيأكُل، فقال: «لا آكُلُ حتَّى أَقولَ ما عِنْدي». فقالَ لَه لابان: «قُلْ».
[34] قالَ: «أَنا خادِمُ إِبْراهيم.
[35] والرَّبُّ قد بارَكَ سَيِّدي جِدًّا فصارَ غَنِيًّا: رَزَقَه غَنَمًا وبَقَرًا وفِضَّةً وذَهَبًا وخَدَمًا وخادِماتٍ وجِمالًا وحَميرًا.
[36] ووَلَدَت سارةُ ٱمرَأَةُ سَيِّدي ٱبنًا لِسَيِّدي، بَعدَ أَن شاخَت، فأعْطاه جَميعَ ما له.
[37] وقدِ ٱستَحلَفَني سَيِّدي قائلًا: لا تأخُذْ لِٱبْنِيَ ٱمرَأَةً مِن بَناتِ الكَنْعانيِّينَ الَّذينَ أَنا مُقيمٌ بأَرضِهِم،
[38] بل إِلى بَيتِ أَبي وإِلى عَشيرَتي تَذهَبُ وتأخُذُ ٱمرَأَةً لِٱبْني.
[39] فقُلتُ لِسَيِّدي: لَعَلَّ المَرأَةَ لا تَتبَعُني.
[40] فقالَ لي: إِنَّ الرَّبَّ الَّذي سِرتُ أَمامَه يُرسِلُ مَلاكَه مَعَكَ ويُنجِحُ طَريقَكَ، فتَأخُذُ ٱمرَأَةً لِٱبْني مِن عَشيرَتي ومِن بَيتِ أَبي.
[41] حينِئِذٍ تَبرَأُ مِن دُعائي علَيكَ، لأَنَّك تَكونُ قد ذَهَبتَ إِلى عَشيرَتي. وإِن هُم لم يُعْطوكَ، كُنتَ بَريئًا مِن دُعائي علَيكَ.
[42] فجئتُ اليَومَ إِلى العَينِ فقُلتُ: أَيُّها الرَّبُّ إِلٰهُ سَيِّدي إِبْراهيم، إِن كُنتَ تُنجِحُ طَريقيَ الَّذي أَنا سائِرٌ فيه،
[43] فهاءَنَذا واقِفٌ على عَينِ الماء. فالفَتاةُ الَّتي تَخرُجُ لِتَستَقِيَ، فأَقولُ لَها: اِسقْيني قَليلًا مِنَ الماءِ مِن جَرَّتِكِ،
[44] فتَقولُ لي: اِشْرَبْ، وأنا أَستَقي لِجِمالِكَ أَيضًا، تَكونُ هِيَ المَرأَةَ الَّتي عَيَّنَها الرَّبُّ لِٱبنِ سَيِّدي.
[45] وقَبلَ أَن أَنتَهِيَ مِنَ الكَلامِ في قَلْبي، إِذا بِرِفقَةَ خارِجةٌ وجَرَّتُها على كَتِفِها، فنَزَلَت إِلى العَيْنِ وٱستَقَت. فقُلتُ لها: اِسْقيني.
[46] فأَسرَعَت وأَنزَلَت جَرَّتَها وقالَت: اِشْرَبْ، وأَنا أَسْقي جِمالَكَ أَيضًا. فشَرِبتُ، وسَقَتِ الجِمالَ أَيضًا.
[47] فسأَلْتُها وقُلتُ: بِنتُ مَن أنتِ؟ فقالَت: بِنتُ بَتوئيلَ بْنِ ناحورَ الَّذي وَلَدَته لَه مِلْكَة. فجَعَلَتُ الحَلقَةَ في أَنفِها والسِّوارَين في يَدَيها.
[48] وٱرتَمَيتُ إِلى الأَرضِ وسَجَدتُ لِلرَّبِّ وبارَكْتُ الرَّبَّ إِلٰهَ سَيِّدي إِبْراهيمَ الَّذي هَداني طريقًا صالِحًا لِآخُذَ ٱبنَةَ أَخي سَيِّدي لِٱبنِه.
[49] والآن إِن كُنتُم صانِعينَ رَحمَةً ووَفاءً إِلى سَيِّدي، فأَعلِموني بِذٰلِكَ، وإِلاَّ فأَعلِموني لِكَي أَتَّجِهَ يَمينًا أَو يَسارًا».
[50] فأَجابَه لابانُ وبَتوئيلُ وقالا: «إِنَّ الأَمرَ صادِرٌ مِن عِندِ الرَّبّ، فلَيسَ لَنا أَن نُكَلِّمَكَ فيه بِشَرٍّ أَو خَير.
[51] هٰذه رِفقَةُ أَمامَكَ، خُذْها وٱمْضِ فتَكونَ ٱمرَأَةً لِٱبْنِ سَيِّدِكَ، كما قالَ الرَّبّ».
[52] فَلَمَّا سَمِعَ خادِمُ إِبْراهيمَ كَلامَهم، سَجَدَ لِلرَّبِّ إِلى الأَرض،
[53] وأَخرَجَ الخادِمُ حِلى فِضَّةٍ وحِلى ذَهَبٍ وثِيابًا وأَعْطاها رِفْقَة، وهَدايا قَدَّمَها لأَخيها وأُمِّها.
[54] وأَكَلوا وشَرِبوا هو والقَومُ الَّذينَ مَعه وباتوا. ثُمَّ نَهَضوا صَباحًا، فقال: «اِصْرِفوني إِلى سَيِّدي».
[55] فقالَ أَخوها وأُمُّها: «تَبْقى الفَتاةُ عِندَنا أَيَّامًا ولَو عَشَرَةَ، وبَعدَ ذٰلك تَمْضي».
[56] فقالَ لهم: «لا تُؤَخِّروني، والرَّبُّ قد أَنجَحَ طَريقي. إِصْرِفوني فأَمْضِيَ إِلى سَيِّدي».
[57] فقالوا: «نَدْعو الفَتاةَ ونَسأَلُها ماذا تَقول».
[58] فَدَعَوا رِفقَةَ وقالوا لها: «هَل تَذهَبينَ مع هٰذا الرَّجُل؟» قالَت: «أَذهَب».
[59] فصَرَفوا رِفْقَةَ أُخْتَهم وحاضِنَتَها وخادِمَ إِبْراهيمَ ورِجالَه.
[60] وبارَكوا رِفْقَةَ وقالوا لَها: «أَنتِ أُختُنا فَكوني أُلوفَ رِبْوات ولْيَرِثْ نَسلُكِ مُدُنَ مُبغِضيه»
[61] وقامَت رِفقَةُ وجَواريها فرَكِبنَ الجِمالَ ومَضَينَ مع الرَّجُل، وأَخَذَ الخادِمُ رِفقَةَ ومضى.
[62] وكانَ إِسحٰقُ قد رَجَعَ مِن بِئْرِ الحَيِّ الرَّاءِيّ، وكانَ مُقيمًا بِأَرضِ النَّقَب.
[63] وخَرَجَ إِسحٰقُ إِلى الحَقْلِ لِلتَّنَزُّهِ عِندَ المَساء. فَرَفَعَ عَينَيه ونَظَر، فإِذا جِمالٌ مُقبِلَة.
[64] ورَفَعَت رِفقَةُ عَينَيها فرَأَت إِسحٰق فقَفَزَت عَنِ الجَمَل.
[65] وقالَت لِلخادِم: «مَن هٰذا الرَّجُلُ القادِمُ في الحَقلِ لِلِقائِنا؟» فقال الخادم: «هو سَيِّدي». فأَخَذَتِ الحِجابَ واحتَجَبَت به.
[66] ثُمَّ أَخْبَرَ الخادِمُ إِسحٰقَ بِجَميعِ الأُمورِ الَّتي صَنعَها.
[67] فأَدخَلَ إِسحٰقُ رِفقَةَ إِلى خَيْمَةِ أُمِّه سارةَ وأَخَذَ رِفقَة، فصارَت لَه زَوجةً وأَحَبَّها، وتعَزَّى إِسحٰقُ عن أُمِّه.