< سفر أعمال الرسل 7

Listen to this chapter • 7 min
[1] فَسأَلَه عَظيمُ الكَهَنَة: «أَهٰذا صَحيح؟»
[2] فأَجابَ: «أَيُّها الإِخوَةُ والآباء، اِسمَعوا: إِنَّ إِلٰهَ المَجدِ تَراءَى لأَبِينا إِبراهيم، وهُو في الجَزيرَةِ ما بَينَ النَّهرَين قَبلَ أَن يُقيمَ في حَرَّان،
[3] وقالَ له: «أُخرُجْ مِن أَرضِكَ وعَشيرَتِكَ، وٱذهَبْ إِلى الأَرْضِ الَّتي أُريكَ».
[4] فخَرَجَ مِن أَرضِ الكَلدانِيِّين وأَقامَ في حَرَّان. ثُمَّ نَقَلَه مِنها بَعدَ وَفاةِ أَبيهِ إِلى هٰذهِ الأَرضِ الَّتي أَنتُمُ الآنَ مُقيمونَ فيها،
[5] ولَم يُعطِه فيها مِلكًا ولا مَوطِئَ قَدَم، ولٰكِن وَعَدَه بِأَن يُمَلِّكَه إِيَّاها، ونَسْلَه مِن بَعدِه، معَ أَنَّه لم يَكُنْ لَه وَلَد.
[6] وقالَ الله: «سيَنزِلُ نَسْلُه في أَرضٍ غَريبة، فتُستَعبَدُ وتُعامَلُ بِالسُّوءِ مُدَّةَ أَربَعمائةِ سَنة. وقالَ الله:
[7] أَمَّا الأُمَّةُ الَّتي تَستَعبِدُهم، فإِنِّي أَدينُها، ويَخرُجونَ بَعدَ ذٰلك فيَعبُدوني في هٰذا المَكان».
[8] وأَعطاهُ عَهدَ الخِتان. فوَلَدَ إِسحَقَ وخَتَنَه في اليَومِ الثَّامِن. وإِسحٰقُ خَتَنَ يَعْقوب ويَعْقوبُ خَتَنَ آباءَ الأَسْباطِ الِٱثنَيْ عَشَر.
[9] وحَسَدَ آباءُ الأَسْباطِ يُوسُف فباعوه فسيرَ به إِلى مِصْر، وكانَ اللهُ معَه،
[10] فأَنقَذَه مِن جَميعِ شَدائِدِه، وآتاهُ الحُظْوَةَ والحِكمَةَ عِندَ فِرعَونَ مَلِكِ مِصْر. فأَقامَه والِيًا على مِصْرَ وعلى جَميعِ بَيتِه.
[11] وأَصابَ مِصْرَ كُلَّها وأَرضَ كَنعانَ مَجاعَةٌ وضِيقٌ شَديد، فلَم يَجِدْ آباؤُنا قوتًا.
[12] وسَمِعَ يَعْقوبُ أَنَّ في مِصْرَ رِزْقًا، فأَرسَلَ آباءَنا أَوَّلَ مَرَّة،
[13] وفي المَرَّةِ الثَّانِيَة تَعَرَّفَ يوسُفُ إِلى إِخوَتِه، وظَهَرَ أَصْلُه لِفِرعَون،
[14] فأَرسَلَ يوسُف وٱستَدْعى أَباهُ يَعْقوبَ وعَشيرَتَه جَميعًا، وكانوا خَمسَةً وسَبعينَ نَفْسًا.
[15] فنَزَلَ يَعْقوبُ إِلى مِصْرَ وماتَ فيها هو وآباؤُنا،
[16] فحُمِلوا إِلى شَكيم ووُضِعوا في القَبْرِ الَّذي ٱشتَراهُ إِبراهيمُ مِن بني حَمورَ أَبي شَكيمَ بِمِقدارٍ مِنَ الفِضَّة.
[17] وكُلَّما كانَ يَقتَرِبُ زمانُ الوَعدِ الَّذي وَعَدَ اللهُ بِه إِبراهيم، كانَ الشَّعْبُ في مِصْرَ يَنْمو ويَكثُر،
[18] إِلى أَن قامَ مَلِكٌ آخرُ لم يَعْرِفْ يوسُف،
[19] فمَكَرَ بِأُمَّتِنا وعامَلَ آباءَنا بِالسُّوء، حتَّى أَلجَأَهُم إِلى نَبْذِ أَطفالِهم لِكي لا يَعيشوا.
[20] في ذٰلك الوَقْتِ وُلِدَ موسى، وكانَ حَسَنًا في عَينِ الله. فرُبِّيَ ثَلاثَةَ أَشهُرٍ في بَيتِ أَبيه.
[21] ولَمَّا نُبِذَ ٱلتَقَطَتْه بِنتُ فِرعَون ورَبَّته كأَنَّه ٱبنٌ لها.
[22] ولُقِّنَ موسى حِكمَةَ المِصرِيِّينَ كُلَّها، وكانَ مُقتَدِرًا في أَقوالِه وأَعمالِه.
[23] ولمَّا بَلَغَ الأَربَعين، خَطَرَ له أَن يَتَفَقَّدَ إِخوانَه بَني إِسرائيل.
[24] فرأَى أَحدَهم يُعتَدى علَيه، فدافَعَ عنه وٱنتَصَرَ لِلمَظْلوم فقَتلَ المِصرِيّ.
[25] وظَنَّ أَنَّ إِخوانَه سيُدرِكونَ أَنَّ اللهَ يَهَبُ لَهمُ الخَلاصَ عن يَدِه، ولٰكِنَّهُم لم يُدرِكوا.
[26] ووُجِدَ في اليَومِ الثَّاني بَينَ ٱثنَينِ يَتضارَبان، فَدَعاهما إِلى الصُّلْحِ قال: «أَيُّها الرَّجُلان، أَنتُما أَخَوان، فلِمَ يَتَعَدَّى أَحَدُكما على الآخَر؟»
[27] فرَدَّه المُعْتَدي على قَريبِه وقال: «مَن أَقامَكَ علَينا رئيسًا وقاضِيًا؟
[28] أَتُريدُ أَن تَقتُلَني كما قَتَلتَ المِصرِيَّ أَمْس؟»
[29] فهَرَبَ موسى عِندَ هٰذا الكَلام، ونَزَلَ في أَرضِ مِدْيَن، فولَدَ فيها ٱبنَين.
[30] وبَعدَ أَربَعينَ سَنَة تَراءَى لَه مَلاكٌ في بَرِّيَّةِ جَبَلِ سيناء، في لَهيبِ نارٍ مِن عُلَّيقَةٍ تَشتَعِل.
[31] فعَجِبَ موسى عِندَ رُؤيَتِه هٰذا المَنظَر، وتَقَدَّمَ لِيُمعِنَ النَّظَرَ فيه، فٱنطَلَقَ صَوتُ الرَّبِّ يَقول:
[32] «أَنا إِلٰهُ آبائِكَ، إِلٰهُ إِبراهيمَ وإِسْحٰقَ ويَعْقوب». فَأَخذَت موسى الرِّعدَة، ولَم يَجرُؤْ على إِمْعانِ النَّظَر فيه.
[33] فقالَ له الرَّبّ: «إِخلَعْ نَعلَ قَدَمَيكَ، فإِنَّ المَكان الَّذي أَنتَ قائِمٌ فيه أَرضٌ مُقدَّسة.
[34] إِنِّي نَظَرتُ فرَأَيتُ شَقاءَ شَعْبي في مِصْر، وسَمِعتُ أَنينَه، فنَزَلتُ لأُنقِذَه. فتَعالَ الآنَ أُرسِلُكَ إِلى مِصْر».
[35] فموسى هٰذا الَّذي أَنكَروهُ وقالوا له: مَن أَقامَكَ رئيسًا وقاضِيًا، هو الَّذي أَرسَلَه اللهُ رئيسًا ومُحَرِّرًا يُؤَيِّدُه المَلاكُ الَّذي تَراءَى له في العُلَّيقَة،
[36] وهُو الَّذي أخرَجَهم بِما أَتى به مِنَ الأَعاجيبِ والآياتِ في أَرضِ مِصْرَ وفي البَحرِ الأَحمَر وفي البَرِّيَّةِ مُدَّةَ أَربَعينَ سَنَة.
[37] هٰذا موسى الَّذي قالَ لِبَني إِسرائيل: سَيُقيمُ اللهُ لَكم مِن بَينِ إِخوَتِكُم نَبِيًّا مِثْلي،
[38] هٰذا الَّذي كانَ لَدى الجَماعَةِ في البَرِّيَّةِ وَسيطًا بَينَ الملاكِ الَّذي كلَّمَه على جَبِلِ سيناء وبَينَ آبائِنا، فتَلَقَّى كَلِماتِ الحَياة لِيُبَلِّغَنا إِيَّاها،
[39] فلَم يَشَأْ آباؤُنا أَن يَنقادوا لَه، بل رَدُّوه، وتَلَفَّتَت قُلوبُهم نَحوَ مِصْر،
[40] فقالوا لهارون: «إِصنَعْ لَنا آلِهَةً تَسيرُ أَمامَنا لأَنَّ موسى هٰذا الَّذي أَخرَجَنا مِن أَرضِ مِصْرَ لا نَعلَمُ ماذا أَصابَه».
[41] فصاغوا في تِلكَ الأَيَّامِ عِجْلاً، ثُمَّ قَرَّبوا ذَبيحةً لِلصَّنَم، وٱبتَهَجوا بِصُنعِ أَيديهم.
[42] فأَعرَضَ اللهُ عَنهُم، وأَسلَمَهم لِعِبادَةِ جَيشِ السَّماء، كما كُتِبَ في سِفْرِ الأَنبِياء: «يا بَيتَ إِسرائيل، هل قَرَّبتم لِيَ الضَّحايا والذَّبائِحَ أَربَعينَ سَنةً في البَرِّيَّة؟
[43] فقَد حَملتُم خَيمَةَ مولَك وكَوكَبَ إِلٰهِكم رِفان، التِّمثالَينِ اللَّذَينِ صَنَعتُم لِتَسجُدوا لَهما. فسأَجليكم إِلى ما وَراءَ بابِل».
[44] وكانَ مَع آبائِنا في البَرِّيَّةِ خَيمَةُ الشَّهادة، كما أَمَرَ الَّذي كلَّمَ موسى بأَن يَعمَلَها على الطِّرازِ الَّذي رآه،
[45] فتَسلَّمَها آباؤُنا ودَخَلوا بِها، يَقودُهُم يَشوع، بِلادَ الأُمَمِ الَّتي طَرَدَها اللهُ مِن أَمامِهم. وبَقِيَت فيها إِلى أَيَّامِ داود.
[46] ونالَ داودُ حُظوَةً عِندَ الله، فٱلتَمَسَ مِنه أَن يَجِدَ مُقامًا لِبَيتِ يَعْقوب،
[47] ولٰكِنَّ سُلَيمانَ هو الَّذي بَنى له بَيتًا.
[48] على أَنَّ العَلِيَّ لا يَسكُنُ في بُيوتٍ صَنَعَتها الأَيدي كما يَقولُ النَّبِيّ: يَقولُ الرَّبّ:
[49] «السَّماءُ عَرْشي، والأَرضُ مَوطِئُ قَدَمَيَّ. أَيَّ بَيتٍ تَبنونَ لي؟ أَم أَيًّا يَكونُ مَكانُ راحَتي؟
[50] أَلَيسَت يَدي قد صَنَعَت هٰذه كُلَّها؟».
[51] يا صِلابَ الرِّقاب، ويا غُلْفَ القُلوبِ والآذان، إِنَّكُم تُقاوِمونَ الرُّوحَ القُدُسَ دائمًا أَبَدًا، وكما كانَ آباؤُكم فَكذٰلِكَ أَنتُم.
[52] أَيًّا مِنَ الأَنبِياءِ لم يَضطَهِدْهُ آباؤكم، فقَد قتَلوا الَّذينَ أَنبَأُوا بِمَجيءِ البارِّ ولَه أَصبَحتُم أَنتُمُ الآنَ خَوَنَةً وقَتَلَة.
[53] فقَد أَخذتُمُ الشَّريعَةَ الَّتي أَعلَنَها المَلائِكَة ولَم تَحفَظوها».
[54] فلَمَّا سَمِعوا ذٰلكَ ٱستَشاطت قُلُوبُهُم غَضَبًا، وجَعَلوا يَصرِفونَ الأَسنانَ علَيه.
[55] فحَدَّقَ إِلى السَّماء وهُو ممتَلِئٌ مِنَ الرُّوحِ القُدُس، فرأَى مَجدَ الله ويسوعَ قائِمًا عن يَمينِ الله.
[56] فقال: «ها إِنِّي أَرى السَّمٰواتِ مُتَفَتِّحَة، وٱبنَ الإِنسانِ قائِمًا عن يَمينِ الله».
[57] فصاحوا صِياحًا شديدًا، وسَدُّوا آذانَهم وهَجَموا علَيه هَجمَةَ رَجُلٍ واحِد،
[58] فدَفعوهُ إِلى خارِجِ المَدينة وأَخَذوا يَرجُمونَه. أَمَّا الشُّهود فخَلَعوا ثِيابَهم عِندَ قَدَمَي شابٍّ يُدْعى شاول.
[59] ورَجَموا إِسطِفانُس وهُو يَدْعو فيَقول: «رَبِّ يسوع، تَقبَّلْ روحي».
[60] ثُمَّ جَثا وصاحَ بِأَعْلى صَوتِه: «يا ربّ، لا تَحسُبْ علَيهم هٰذهِ الخَطيئَة». وما إِن قالَ هٰذا حتَّى رَقَد.