< سفر أعمال الرسل 23

Listen to this chapter • 4 min
[1] فحَدَّقَ بولُسُ إِلى المَجلِس وقال: «أَيُّها الإِخوَة، إِنِّي بِكُلِّ نِيَّةٍ حَسَنَةٍ سلَكتُ سَبيلَ اللهِ إِلى هٰذا اليَوم».
[2] فأَمَرَ حَنَنْيا عَظيمُ الكَهَنَةِ الَّذينَ بِجانِبِه بِأَن يَضرِبوه على فَمِه. فقالَ له بولُس:
[3] «سَيَضرِبُكَ الله، أَيُّها الحائِطُ المُكَلَّس، أَتَجلِسُ لِمُحاكَمَتي بِسُنَّةِ الشَّريعة، وتُخالِفُ الشَّريعة فتَأمُرُ بِضَرْبي؟»
[4] فقالَ الَّذينَ بِجانِبِه: «أَتَشتُمُ عَظيمَ كَهَنَةِ الله؟»
[5] قالَ بولُس: «لم أَدْرِ، أَيُّها الإِخوَة، أَنَّه عَظيمُ الكَهَنَة، فقَد كُتِب: «رَئيسُ شَعْبِكَ لا تَقُلْ فيه سوءًا».
[6] وكانَ بولُسُ يَعلَمُ أَنَّ فَريقًا مِنهُم صَدُّوقيّ وفَريقًا فِرِّيسيّ، فصاحَ في المَجلِس: «أَيُّها الإِخوَة، أَنا فِرِّيسيٌّ ٱبن فِرِّيسيّ، فمِن أَجْلِ الرَّجاءِ في قِيامَةِ الأَمواتِ أُحاكَم».
[7] فما قالَ ذٰلك حتَّى وَقَعَ الخِلافُ بَينَ الفِرِّيسيِّينَ والصَّدُّوقِيِّينَ، وٱنقَسَمَ المَجلِس.
[8] ذٰلك بِأَنَّ الصَّدُّوقِيِّينَ يَقولونَ بأَنَّه لا قِيامَةَ ولا مَلاكَ ولا روح، وأَمَّا الفِرِّيسِيُّونَ فيُقِرُّونَ بِها جَميعًا.
[9] فعَلا صِياحٌ شَديد، وقامَ بَعضُ الكَتبةِ مِن فَريقِ الفِرِّيسيِّين، فٱحتَجُّوا بِشِدَّةٍ قالوا: «لا نَجِدُ ذَنْبًا على هٰذا الرَّجُل، فلَرُبَّما كَلَّمَه رُوحٌ أَو مَلاك».
[10] وٱشتَدَّ الخِلاف، فخافَ قائِدُ الأَلْفِ أَن يُمَزِّقوا بُولُسَ تَمزيقًا، فأَمَرَ الجُنودَ بِأَن يَنزِلوا إِلَيه ويَنتَزِعوه مِن بَينِهم، ويَرجِعوا بِه إِلى القَلعَة.
[11] وفي لَيلَةِ الغَد حَضرَه الرَّبُّ وقالَ له: «تَشَدَّدْ، فكَما أَدَّيتَ الشَّهادَةَ لأَمْري في أُورَشَليم فكَذٰلِكَ يَجِبُ أَن تَشهَدَ في رومةَ أَيضًا».
[12] ولمَّا طَلَعَ الصَّباح، دَبَّرَ اليَهودُ مُؤامَرَةً فحَرَّموا على أَنفُسِهِمِ الطَّعامَ والشَّرابَ أَو يَقتُلوا بولُس.
[13] وكانَ الَّذينَ دَبَّروا هٰذه المُؤامَرَةَ أَكثَرَ مِن أَربَعين.
[14] فجاؤوا إِلى عُظَماءِ الكَهَنَةِ والشُّيوخِ وقالوا: «حَرَّمْنا على أَنفُسِنا أَشَدَّ التَّحْريمِ أَن نَذوقَ شَيئًا أَو نَقتُلَ بولُس.
[15] فٱعرِضوا أَنتُم والمَجلِسُ على قائِدِ الأَلْفِ أَن يُحضِرَه أَمامَكم بِحُجَّةِ أَنَّكم تُريدونَ الإِمعانَ في الفَحْصِ عن أَمْرِه، أَمَّا نَحنُ فإِنَّنا مُستَعِدُّونَ لِٱغتِيالِه قَبلَ أَن يَصِلَ إِلَيكم».
[16] وبَلغَ خَبَرُ الكَمينِ إِلى ٱبنِ أُختِ بولُس، فمَضى ودَخَلَ القَلعَة وأَطلَعَ بولُسَ على الأَمْر.
[17] فدَعا بولُسُ أَحَدَ قادَةِ المائَةِ وقالَ له: «إِذهَبْ بِهٰذا الفَتى إِلى قائِدِ الأَلْف، فَإِنَّ عِندَه ما يُريدُ إِطلاعَه علَيه».
[18] فسارَ بِه إِلى قائِدِ الأَلْفِ وقالَ له: «دَعاني بولُسُ السَّجين وسأَلَني أَن آتِيَكَ بِهٰذا الفَتى، لأَنَّ عِندَه ما يَقولُه لَكَ».
[19] فأَمسَكَه قائِدُ الأَلْفِ بِيَدِه وٱنفَرَدَ بِه وسَأَلَه: «ما عِندَكَ فتُطلِعَني علَيه؟»
[20] قال: «إِتَّفَقَ اليَهودُ على أَن يَسأَلوكَ أَن تُحضِرَ بولُسَ غَدًا أَمامَ المَجلِس بِحُجَّةِ الإِمعانِ في الفَحْصِ عن أَمرِه.
[21] فلا تَثِقْ بِهِم، لأَنَّ أَكثَرَ مِن أَربَعينَ رَجُلاً مِنهم يَكمُنونَ له، وحرَّموا على أَنْفُسِهِمِ الطَّعامَ والشَّرابَ أَو يَغْتالوه. وهُم الآنَ مُستَعِدُّونَ يَنتَظِرونَ مُوافَقَتَكَ».
[22] فصَرفَ قائِدُ الأَلفِ الشَّابّ، وأَوصاهُ قال: «لا تُخبِرْ أَحَدًا بِأَنَّكَ كَشَفتَ لِيَ الأَمْر».
[23] ثُمَّ دَعا قائِدَينِ مِن قُوَّادِ المائة وقالَ لَهما: «أَعِدَّا لِلذَّهابِ إِلى قَيصَرِيَّةَ في السَّاعةِ التَّاسِعَةِ مِنَ اللَّيل مائتَي جُنديٍّ وسَبعينَ فارِسًا، ومائَتَينِ مِنَ الأَعوان،
[24] ولْيُؤْتَ أَيضًا بِدَوابَّ تَحمِلُ بُولُسَ لإيصالِه سالِمًا إِلى الحاكِمِ فيلِكس».
[25] وكَتَبَ إِلَيه بِرِسالةٍ هٰذا مَضْمونُها:
[26] «مِن قُلُوديوس ليسياس إِلى الحاكِمِ المُكَرَّمِ فيلِكس، سَلام.
[27] إِنَّ اليَهودَ قَبَضوا على هٰذا الرَّجُلِ وهَمُّوا أَن يَقتُلوه، فأَدرَكْتُهُم بِالجُنودِ وأَنقَذتُه، لأَنِّي عَلِمتُ أَنَّه رومانِيٌّ.
[28] وأَرَدتُ أَن أَعرِفَ بِماذا يَتَّهِمونَه، فأَحضَرتُه أَمامَ مَجلِسِهم،
[29] فتَبَيَّنَ لي أَنَّه يُتَّهمُ بِمَسائِلَ جَدَلِيَّةٍ تَعودُ إِلى شَريعَتِهِم، ولَيسَ هُناكَ مِن تُهمَةٍ تَستَوجِبُ المَوتَ أَوِ القُيود.
[30] وبَلَغَني أَنَّ بَعضَهُم يَتآمرونَ على هٰذا الرَّجُل، فبَعَثتُ بِه مِن ساعَتي إِلَيكَ، وأَبلَغتُ مُتَّهِمِيه أَن يَرفَعوا إِلَيكَ دَعواهم علَيه».
[31] فأَخَذَ الجُنودُ بُولُسَ وساروا بِه لَيلاً إِلى أَنطيبَطريس، وَفْقًا لِلأَوامِرِ الَّتي تَلَقَّوها.
[32] وفي الغَدِ تَرَكوا الفُرْسانَ يُواصِلونَ السَّيرَ معَه ورَجَعوا إِلى القَلعَة.
[33] فلَمَّا وَصَلوا إِلى قَيصَرِيَّة، سلَّموا الرِّسالَةَ إِلى الحاكِم وقَدَّموا إِلَيه بُولُسَ أَيضًا.
[34] فقَرَأَ الحاكِمُ الرِّسالة وسأَلَ مِن أَيِّ وِلايةٍ هو. فلَمَّا عَرَفَ أَنَّه مِن قيليقِية
[35] قال: «سأَسمَعُ مِنكَ مَتى حَضَرَ مُتَّهِموكَ أَيضًا». ثُمَّ أَمَرَ بِأَن يُحرَسَ في قَصْرِ هيرودُس.