< سفر العدد 11

Listen to this chapter • 5 min
[1] وكانَ الشَّعبُ كالمُتَذَمِّرينَ بِخُبثٍ على مسامِعِ الرَّبّ. فسَمِعَ الرَّبُّ وغَضِبَ، فاشتَعَلَت فيهم نارُ الرَّبِّ وأَكَلَت طَرَفَ المُخَيَّم.
[2] فصَرَخَ الشَّعبُ إِلى موسى، فصَلَّى موسى إِلى الرَّبّ، فَخَمَدَتِ النَّار.
[3] فسُمِّيَ ذٰلِكَ المَكانُ «تَبْعيرة»، لأَنَّها ٱشتَعَلَت علَيهم نارُ الرَّبّ.
[4] وٱشتَهى الخَليطُ الَّذي فيما بَينَهم شَهوَةً، وعادَ بَنو إِسْرائيلَ أَنفُسُهم إِلى البُكاءِ وقالوا: «مَن يُطعِمُنا لَحْمًا؟
[5] فإِنَّنا نَذكُرُ السَّمَكَ الَّذي كُنَّا نأكُلُه في مِصرَ مَجَّانًا والقِثَّاءَ والبِطِّيخَ والكُرَّاثَ والبَصَلَ والثُّوم.
[6] والآنَ فأَحْلاقُنا جافَّة، ولا شَيءَ أَمامَ عُيونِنا غَيرَ المَنّ».
[7] وكانَ المَنُّ كبِزْرِ الكُزبُرَة، ومَنظَرُه مَنظَرُ المُقْل.
[8] وكانَ الشَّعبُ يَتَفَرَّقُ فيَلتَقِطُه ويَطحَنُه بِالرَّحى أَو يَدُقُّه في الهاوَن ويَطبُخُه في القِدْرِ ويَصنَعُه فَطائِر، وكانَ طَعْمُه كَطَعْمِ قَطائِفَ بِزَيت.
[9] وكانَ عِندَ نُزولِ النَّدى على المُخَيَّمِ لَيلًا يَنزِلُ المَنُّ علَيه.
[10] فلَمَّا سَمِعَ موسى الشَّعبَ يَبْكونَ كُلُّ واحِدٍ في عَشيرَتِه وعلى بابِ خَيمَتِه، وقد غَضِبَ الرَّبُّ جِدًّا، ساءَ ذٰلك موسى.
[11] فقالَ موسى لِلرَّبّ: «لِمَ أَسأتَ إِلى عَبدِكَ، ولِمَ لَم أَنَلْ حُظوَةً في عَينَيكَ، حتَّى أَلقَيتَ عَلَيَّ عِبْءَ هٰذا الشَّعبِ كُلِّه؟
[12] أَلَعَلِّي أَنا حَمَلتُ هٰذا الشَّعبَ كُلَّه، أَم لَعَلِّي وَلَدتُه حتَّى تَقولَ لي: إِحمِلْه في حِضنِكَ، كما تَحمِلُ الحاضِنُ الرَّضيع، إِلى الأَرضِ الَّتي أَقسَمتَ لآبائِه علَيها؟
[13] مِن أَينَ لي لَحْمٌ أُعْطيه لِهٰذا الشَّعْبِ كُلِّه، فإِنَّه يَبْكي لَدَيَّ ويَقول: أَعطِنا لَحْمًا فنَأكُلَه.
[14] لا أُطيقُ أَن أَحمِلَ هٰذا الشَّعبَ كُلَّه وَحْدي، لأَنَّه ثَقيلٌ عَلَيَّ.
[15] والآنَ فإِن كُنتَ فاعِلًا بي هٰكذا، فٱقتُلْني، أَسأَلُكَ، ٱقتُلْني إِن نِلتُ حُظوَةً في عَينَيكَ، ولا أَرى بَلِيَّتي».
[16] فقالَ الرَّبُّ لِموسى: «إِجمَعْ لي سَبْعينَ رَجُلًا مِن شُيوخِ إِسْرائيلَ الَّذينَ تَعلَمُ أَنَّهم شُيوخُ الشَّعْبِ وكَتَبَتُهم، وخُذْهم إِلى خَيمَةِ المَوعِد، فيَقِفوا هُناكَ مَعَكَ.
[17] فأَنزِلُ أَنا وأَتَكَلَّمُ معَكَ هُناكَ وآخُذُ مِنَ الرُّوحِ الَّذي علَيكَ وأُحِلُّه علَيهم، فيَحمِلونَ معَكَ عِبْءَ الشَّعبِ ولا تَحمِلُه أَنتَ وَحدَكَ.
[18] وقُلْ لِلشَّعْبِ: تَقَدَّسْ لِلْغَد، فسَتأكُلُ لَحْمًا لأَنَّكَ بَكَيتَ على مَسامِعِ الرَّبِّ وقُلتَ: مَن يُطعِمُنا لَحْمًا فقَد كُنَّا بِخَيرٍ في مِصْر. فالرَّبُّ يُعْطيكَ لَحْمًا فتَأكُل،
[19] لا يَومًا تأكُلُ ولا يَومَينِ ولا خَمسَةَ أَيَّامٍ ولا عَشَرَةَ أَيَّامٍ ولا عِشْرينَ يَومًا،
[20] بل شَهرًا كامِلًا، إِلى أَن يَخرُجَ مِن أَنفِكَ وتَتَقَزَّزَ مِنه، لأَنَّكَ نَبَذتَ الرَّبَّ الَّذي في وَسْطِكَ وبَكَيتَ في وَجهِه وقُلتَ: لِمَ خَرَجْنا مِن مِصْر؟».
[21] فقالَ موسى: «إِنَّ الشَّعبَ الَّذي أَنا في وَسْطه هو سِتُّ مِئَةِ أَلْفِ راجِل، وأَنتَ قُلتَ: إِنِّي أُعْطيه لَحْمًا يَأكُلُه شَهرًا كامِلًا.
[22] أَفيُذبَحُ لَه غَنَمٌ وبَقَرٌ فيَكْفِيَه؟ أَو يُجمَعُ لَه سَمَكُ البَحرِ كُلُّه فيَكْفِيَه؟»
[23] فقالَ الرَّبُّ لِموسى: «أَيَدُ الرَّبِّ تَقصُرُ الآنَ عن ذٰلك؟ الآنَ تَرى هَل يَتِمُّ لَكَ كَلامي أَم لا».
[24] فخَرَجَ موسى وأَخبَرَ الشَّعبَ بِكَلامِ الرَّبّ، وجَمَعَ سَبْعينَ رَجُلًا مِن شُيوخِ الشَّعبِ وأَقامَهم حَوالَيِ الخَيمة.
[25] فنَزَلَ الرَّبُّ في الغَمام وخاطَبَ موسى، وأَخَذَ مِنَ الرُّوحِ الَّذي علَيه وأَحَلَّه على الرِّجالِ السَّبعين، أَيِ الشُّيوخ. فلَمَّا ٱستَقَرَّ الرُّوحُ علَيهم، تَنَبَّأُوا، إِلاَّ أَنَّهم لم يَستَمِرُّوا.
[26] وبَقِيَ رَجُلانِ في المَخَيَّم، اِسمُ أَحَدِهما أَلْداد وٱسمُ الثَّاني مَيداد. فٱستَقَرَّ الرُّوحُ علَيهما لأَنَّهما كانا مِنَ المُسَجَّلينَ في اللاَّئِحَة، ولكِنَّهما لم يَخرُجا إِلى الخَيمة، فتَنَبَّآ في المُخَيَّم.
[27] فأَسرَعَ فتًى وأَخبَرَ موسى وقال: «إِنَّ أَلْدادَ ومَيدادَ يَتَنَبَّآنِ في المُخَيَّم».
[28] فأَجابَ يَشوعُ بنُ نون، وهو مُساعِدُ موسى مُنذُ حَداثَتِه، وقال: «يا سَيِّدي، يا موسى، اِمْنَعْهما».
[29] فقالَ لَه موسى: «أَلعَلَّكَ تَغارُ أَنتَ لي؟ لَيتَ كُلَّ شَعبِ الرَّبِّ أَنبِياءُ بِإِحْلالِ الرَّبِّ روحَه علَيهم».
[30] ثُمَّ عادَ موسى إِلى المُخَيَّم، هو وشُيوخُ إِسْرائيل.
[31] وهَبَّت ريحٌ مِن لَدُنِ الرَّبّ، فساقَت سَلْوى مِنَ البَحرِ وأَلْقَته على المُخَيَّمِ على مَسيرةِ يَومٍ مِن هُنا ويَومٍ مِن هُناكَ حَوالَيِ المُخَيَّم، على نَحوِ ذِراعَينِ عن وَجهِ الأَرض.
[32] فأَقامَ الشَّعبُ يَومَه كُلَّه ولَيلَتَه وغَدَه يَجمَعُ السَّلْوى. فجَمَعَ أَقَلُّه عَشرَةَ أَحْمار، فسَطَحَها لَه حَوالَيِ المُخَيَّم.
[33] وبَينَما اللَّحْمُ لا يَزالُ بَينَ أَسْنانِه قَبلَ أَن يَمضَغَه، إِذ غَضِبَ الرَّبُّ على الشَّعْب، فضَرَبَه الرَّبُّ ضَربَةً شَديدةً جِدًّا.
[34] فسُمِّيَ ذٰلك المَكانُ «قِبْروت هَتَأَوَه»، لأَنَّهم دَفَنوا فيه النَّاسَ الَّذينَ ٱشتَهَوا شَهوَةً.
[35] ورَحَلَ الشَّعبُ مِن «قِبْروت هَتَأَوَه» إِلى حَصيروت، فأَقاموا هُناك.