< إنجيل متى 13

Listen to this chapter • 6 min
[1] في ذٰلكَ اليوم خَرَجَ يسوعُ مِنَ البَيت، وجلَسَ بِجانِبِ البَحر.
[2] فٱزْدَحَمَت عليهِ جُموعٌ كَثيرة، حتَّى إِنَّه رَكِبَ سَفينةً وجَلَسَ، والجَمْعُ كُلُّه على الشَّاطِئ.
[3] فكلَّمَهُم بِالأَمثالِ على أُمورٍ كثيرةٍ قال: «هُوَذا الزَّارِعُ قد خَرَجَ لِيَزرَعَ.
[4] وبَينَما هو يَزرَع، وقَعَ بَعضُ الحَبِّ على جانِبِ الطَّريق، فجاءَتِ الطُّيورُ فَأَكَلَتْه.
[5] ووَقَعَ بَعضُه الآخَرُ على أَرضٍ حَجِرةٍ لم يَكُنْ له فيها تُرابٌ كثير، فنَبَتَ مِن وقتِه لأَنَّ تُرابَه لَم يَكُن عَميقًا.
[6] فلمَّا أَشرقَتِ الشَّمسُ ٱحتَرَق، ولَم يَكُن له أَصلٌ فيَبِس.
[7] ووَقَعَ بَعضُه الآخَرُ على الشَّوك فارتَفَعَ الشَّوكُ فخَنقَه.
[8] ووَقَعَ بَعضُه الآخَرُ على الأَرضِ الطَّيِّبة فأَثمَرَ، بَعضُهُ مائة، وبعضُهُ سِتِّين، وبعضُهُ ثَلاثين.
[9] فمَن كانَ له أُذُنان فَلْيَسمَعْ!».
[10] فدَنا تَلاميذُه وقالوا له: «لِماذا تُكَلِّمُهم بالأَمثال؟»
[11] فأَجابَهم: «لأَنَّكم أُعطيتُم أَنتُم أَن تعرِفوا أَسرارَ مَلكوتِ السَّمَوات، وأَمَّا أُولَئِكَ فلم يُعطَوا ذٰلك.
[12] لأَنَّ مَن كانَ لَه شَيء، يُعْطى فيَفيض. ومَن ليس لَه شَيء، يُنتَزَعُ منه حتَّى الَّذي له.
[13] وإِنَّما أُكَلِّمُهم بِالأَمثال لأَنَّهم يَنظُرونَ ولا يُبصِرون، ولأَنَّهم يَسمَعونَ ولا يَسمَعون ولا هم يَفهَمون.
[14] وفِيهِم تَتِمُّ نُبُوءَةُ أَشَعيا حَيثُ قال: «تَسمَعونَ سَماعًا ولا تَفهَمون، وتَنظُرونَ نظَرًا ولا تُبصِرون.
[15] فقد غَلُظَ قَلبُ هٰذا الشَّعب، وأَصَمُّوا آذانَهم وأَغمَضوا عُيونَهم لِئَلاَّ يُبصِروا بِعيونِهم ويَسمَعوا بِآذانِهم، ويَفهَموا بِقُلوبِهم ويَرجِعوا. أَفأَشفيهم؟».
[16] وأَمَّا أَنتُم، فَطُوبى لِعُيونِكم لأَنَّها تُبصِر، ولآذانِكم لأَنَّها تَسمَع.
[17] الحَقَّ أَقولُ لَكم إِنَّ كثيرًا مِنَ الأَنبِياءِ والصِّدِّيقينَ تَمَنَّوا أَن يَرَوا ما تُبصِرونَ فلَم يَرَوا، وأَن يَسمَعوا ما تَسمَعونَ فلَم يَسمَعوا.
[18] «فَاسْمَعوا أَنتم مَثَلَ الزَّارِع:
[19] كُلُّ مَن سَمِعَ كَلِمَةَ الملكوت ولم يَفهَمْها، يَأتي الشِّرِّيرُ ويَخطَفُ ما زُرِعَ في قَلبِه: فهٰذا هوَ الَّذي زُرِعَ في جانِبِ الطَّريق.
[20] وأَمَّا الَّذي زُرِعَ في الأَرضِ الحَجِرة، فهُو الَّذي يَسمَعُ الكَلِمَة ويَتَقَبَّلُها لِوَقْتِهِ فَرِحًا،
[21] ولٰكن لا أَصلَ لَه في نَفْسِه، فلا يَثبُتُ على حالة. فإِذا حَدَثَت شِدَّةٌ أَوِ اضطِهادٌ مِن أَجلِ الكَلِمة عَثَرَ لِوَقْتِه.
[22] وأَمَّا الَّذي زُرِعَ في الشَّوك فهُو الَّذي يَسمَعُ الكَلِمة، ويكونُ لَه مِن هَمِّ الحَياةِ الدُّنْيا وفِتنَةِ الغِنى ما يَخنُقُ الكَلِمة فلا تُخرِجُ ثَمَرًا.
[23] وأَمَّا الَّذي زُرِعَ في الأَرضِ الطَّيِّبَة، فهُو الَّذي يَسمَعُ الكَلِمة ويَفهَمُها فيُثمِرُ ويُعطي بَعضُهُ مائة، وبَعْضُهُ سِتِّين، وبَعضُهُ ثلاثين».
[24] وضرَبَ لَهم مَثَلاً آخَرَ قال: «مَثَلُ مَلَكوتِ السَّمَواتِ كَمَثلِ رَجُلٍ زَرَعَ زَرْعًا طَيِّبًا في حَقْلِه.
[25] وبَينما النَّاسُ نائمون، جاءَ عَدوُّه فزَرعَ بَعدَه بينَ القَمحِ زُؤانًا وٱنْصَرَف.
[26] فلَمَّا نَمى النَّبْتُ وأَخرَجَ سُنبُلَه، ظَهَرَ معَه الزُّؤان.
[27] فجاءَ رَبَّ البَيتِ خَدَمُه وقالوا له: «يا رَبّ، أَلَم تَزرَعْ زَرْعًا طَيِّبًا في حَقلِكَ؟ فمِن أَينَ جاءَهُ الزُّؤان؟»
[28] فقالَ لَهم: «أَحَدُ الأَعداءِ فَعَلَ ذٰلك». فقالَ له الخَدَم: «أَفَتُريدُ أَن نَذهَبَ فنَجمَعَه؟»
[29] فقال: «لا، مَخافَةَ أَن تَقلَعوا القَمْحَ وأَنتُم تَجمَعونَ الزُّؤان،
[30] فَدَعوهما يَنبُتانِ معًا إِلى يَومِ الحَصاد، حتَّى إِذا أَتى وَقْتُ الحَصاد، أَقولُ لِلحَصَّادين: إِجمَعوا الزُّؤانَ أَوَّلاً وٱربِطوه حُزَمًا لِيُحرَق. وأَمَّا القَمْح فَٱجمَعوه وَأتوا بِه إِلى أَهرائي».
[31] وضَرَبَ لَهم مَثَلاً آخَرَ قال: «مَثَلُ مَلَكوتِ السَّمَوات كَمَثَلِ حَبَّةِ خَردَل أَخذَها رَجُلٌ فَزرعَها في حَقلِه.
[32] هِيَ أَصغَرُ البُزورِ كُلِّها، فإِذا نَمَت كانَت أَكبَرَ البُقول، بل صارَت شَجَرَةً حتَّى إِنَّ طُيورَ السَّماءِ تَأتي فتُعَشِّشُ في أَغصانِها».
[33] وأَورَدَ لَهم مَثَلاً آخَرَ قال: «مَثَلُ مَلَكوتِ السَّمواتِ كَمَثلِ خَميرةٍ أَخَذَتها ٱمرأَةٌ، فجَعَلتها في ثَلاثَةِ مَكاييلَ مِنَ الدَّقيق حتَّى ٱختَمَرت كُلُّها».
[34] هٰذا كُلُّه قالَه يسوعُ لِلجُموعِ بِالأَمثال، ولَم يَقُلْ لَهُم شَيئًا مِن دونِ مَثَل،
[35] لِيَتِمَّ ما قيلَ على لِسانِ النَّبِيّ: «أَتَكَلَّمُ بِالأَمثال، وأُعْلِنُ ما كانَ خَفِيًّا مُنذُ إِنشاءِ العالَم».
[36] ثُمَّ تَرَكَ الجُموعَ ورَجَعَ إِلى البَيت. فدَنا مِنه تَلاميذُه وقالوا له: «فَسِّرْ لَنا مثَلَ زُؤانِ الحَقْل».
[37] فأَجابَهم: «الَّذي يَزرَعُ الزَّرْعَ الطَّيِّبَ هو ٱبنُ الإِنسان،
[38] والحَقْلُ هو العالَم والزَّرْعُ الطَّيِّبُ بَنُو المَلَكوت، والزُّؤانُ بَنُو الشِّرِّير،
[39] والعَدُوُّ الَّذي زَرَعَه هو إِبليس، والحَصادُ هوَ نِهايَةُ العالَم، والحَصَّادونَ هُمُ المَلائِكة.
[40] فكما أَنَّ الزُّؤانَ يُجمَعُ ويُحرَقُ في النَّار، فكذٰلك يكونُ عِندَ نِهايَةِ العالَم:
[41] يُرسِلُ ٱبنُ الإِنسانِ مَلائكتَه، فَيَجْمَعونَ مُسَبِّبي العَثَراتِ والأَثَمَةَ كافَّةً، فيُخرِجونَهم مِن مَلَكوتِه،
[42] ويَقذِفونَ بِهم في أَتُّونِ النَّار، فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنان.
[43] والصِّدِّيقونَ يُشِعُّونَ حِينَئذٍ كالشَّمْسِ في مَلَكوتِ أَبيهِم. فمَن كانَ له أُذُنان فَلْيَسْمَعْ!
[44] «مَثَلُ مَلَكوتِ السَّمَوات كَمَثَلِ كَنْزٍ دُفِنَ في حَقْلٍ وَجدَهُ رَجُلٌ فأَعادَ دَفنَه، ثُمَّ مَضى لِشِدَّةِ فَرَحِه فباعَ جميعَ ما يَملِكُ وٱشتَرى ذٰلكَ الحَقْل.
[45] «ومَثَلُ ملكوتِ السَّمَوات كمَثَلِ تاجِرٍ كانَ يَطلُبُ اللُّؤلُؤَ الكريم،
[46] فوَجَدَ لُؤلُؤةً ثَمينة، فمضى وباعَ جَميعَ ما يَملِك وٱشتَراها.
[47] «ومَثَلُ ملكوتِ السَّمَواتِ كَمَثلِ شَبَكةٍ أُلقِيَت في البَحر فجَمعَت مِن كُلِّ جِنْس.
[48] فلَمَّا ٱمتَلأَت أَخرَجَها الصَّيَّادونَ إِلى الشَّاطِئ وجَلَسُوا فجَمَعوا الطَّيِّبَ في سِلالٍ وطَرَحوا الخَبيث.
[49] وكذٰلِك يكونُ عِنْدَ نِهايةِ العالَم: يَأتي المَلائِكَةُ فيَفصِلونَ الأَشرارَ عنِ الأَخيار،
[50] ويَقذِفونَ بِهم في أَتُّونِ النَّار. فهُناكَ البُكاءُ وصَريفُ الأَسنان.
[51] «أَفَهِمتُم هٰذا كُلَّه؟» قالوا لَه: «نَعَم».
[52] فقالَ لَهم: «لِذٰلكَ كُلُّ كاتِبٍ تَتَلمَذَ لِمَلكوتِ السَّمَواتِ يُشبِهُ رَبَّ بَيتٍ يُخرِجُ مِن كَنزِه كُلَّ جَديدٍ وقَديم».
[53] ولمَّا أَتَمَّ يسوعُ هٰذِه الأَمثال ذَهبَ مِن هُناك
[54] وجاءَ إِلى وَطَنِه، وأَخَذَ يُعَلِّمُ النَّاسَ في مَجمَعِهم، حتَّى دَهِشوا وقالوا: «مِنْ أَينَ لَه هٰذِهِ الحِكمَةُ وتِلكَ المُعجِزات؟
[55] أَلَيسَ هٰذا ٱبنَ النَّجَّار؟ أَلَيسَت أُمُّه تُدعى مَريم، وإِخوَتُه يَعقُوبَ ويُوسُفَ وسِمعانَ ويَهوذا؟
[56] أَوَلَيسَ جَميعُ أَخَواتِه عِندَنا؟ فَمِن أَينَ لَه كُلُّ هٰذا؟»
[57] وكانَ لَهم حَجَرَ عَثْرَة. فقالَ لَهم يسوع: «لا يُزدَرى نَبِيٌّ إِلاَّ في وَطَنِه وبَيتِه».
[58] ولَم يُكثِرْ مِنَ المُعجِزاتِ هُناكَ لِعَدَمِ إِيمانِهم.