< سفر مراثي إرميا 2

[1] كَيفَ أَظلَمَ السَّيِّدُ، بِنتَ صِهْيونَ بِغَضَبه، وطَرَحَ مِنَ السَّماءِ إِلى الأَرضِ، فَخرَ إِسْرائيل، ولم يَذكُرْ مَوطِئَ قَدَمَيه، في يَومِ غَضَبِه.

[2] أَزالَ السَّيِّدُ ولم يُشفِق، جَميعَ مَساكِنِ يَعْقوب. هَدَّمَ بِسُخطِه، حُصونَ بِنتِ يَهوذا، وأَلصَقَها بِالأَرْض، أَلحَقَ العارَ بِالمُلكِ والرُّؤَساء.

[3] حَطَّمَ في سَورَةِ غَضَبِه، كُلَّ قُوَّةٍ لإسْرائيل. رَدَّ يَمينَه إِلى الوَراء، مِن وَجهِ العَدُوّ. وأَضرَمَ في يَعْقوبَ مِثلَ نارٍ مُلتَهِبة، ٱلتَهَمَت ما حَولَها.

[4] سَدَّدَ قَوسَه كعَدُوٍّ، وٱنتَصَبَت يَمينُه، مِثلَ خَصْمٍ، فيَقتُلُ كُلَّ شَهِيٍّ لِلعُيون، على خَيمَةِ بِنتِ صِهْيون، أَفرَغَ كنارٍ سُخطَه.

[5] صارَ السَّيِّدُ كعَدُوٍّ، أَزالَ إِسْرائيل. أَزالَ جَميعَ قُصورِها، ودَمَّرَ حُصونَها. أَكثَرَ في بِنتِ يَهوذا، النَّوحَ والنَّحيب.

[6] خَلَعَ سِياجَه كما يُخلَعُ سِياجُ البُسْتان، ودَمَّرَ مَكانَ لِقائِه. أَنْسى الرَّبُّ في صِهْيون، العيدَ والسَّبْت، ونَبَذَ بِسُخطِ غَضَبِه، المَلِكَ والكاهِن.

[7] أَبعَدَ السَّيِّدُ مَذبَحَه، وأَعرَضَ عن مَقدِسِه. أَسلَمَ إِلى يَدِ العُدُوّ، أَسْوارَ قُصورِها. أَطلَقوا أَصْواتَهم في بَيتِ الرَّبّ، كما في يَومِ عيد.

[8] عَزَمَ الرَّبُّ أَن يُدَمِّرَ، سورَ بِنتِ صِهْيون، مَدَّ الحَبلَ ولَم يَرْدُدْ يَدَه، حتَّى أَزالَ كُلَّ شَيء. «أَينَ القَمحُ والخَمْر؟»، إِذ غُشِيَ علَيهم كالجَرْحى، في ساحاتِ المَدينَة، إِذ أُريقَت نُفوسُهم، فأَبْكى المِترَسَةَ والسُّور فذَبَلا جَميعًا.

[9] غاصَت في الأَرضِ أَبْوابُها، أَبادَ وحَطَّمَ مَزاليجَها. مَلِكُها ورُؤَساؤُها بَينَ الأُمَم، ولم يَبْقَ مِن شَريعَة. حَتَّى أَنبِياؤُها لا يَنالونَ رُؤْيا مِن لَدُنِ الرَّبّ.

[10] شُيوخُ بِنتِ صِهْيون، جَلَسوا على الأَرضِ صامِتين. ذَرُّوا تُرابًا على رُؤُوسِهم، وشَدُّوا مُسوحًا. عَذارى أُورَشَليم، طَأطَأنَ رُؤُوسَهُنَّ إِلى الأَرْض.

[11] كَلَّت عَينايَ مِنَ الدُّموع، وجاشَت أَحْشائي. أُريقَت كَبِدي على الأَرض، لِتَحَطُّمِ بِنتِ شَعْبي، إِذ غُشِيَ على الطِّفلِ والرَّضيع، في ساحاتِ المَدينَة.

[12] قالوا لأُمَّهاتِهم: أَين الخُبزُ والخَمرُ، إِذْ غُشِيَ علَيهم كالجَرْحى، في ساحاتِ المَدينَة، إِذا أُريقَتَ نُفوسُهم، على حُضونِ أُمَّهاتِهم؟

[13] بِماذا أُمَثِّلُكِ وماذا أُشَبِّهُ بكِ، يا بِنتَ أُورَشَليم؟ ماذا أُساوي بِكِ فأُعَزِّيَكِ، أَيَّتُها العَذْراءُ بِنتُ صِهْيون؟ لأَنَّ تَحَطُّمَكِ عَظيمٌ كالبَحْر، فمَن ذا يَشْفيكِ؟

[14] أَنبِياؤُكِ رَأَوا لَكِ الباطِلَ والبَهرَج. لم يَكشِفوا عن إِثمِكِ، لِيُبَدِّلوا مَصيرَكِ. بل رَأَوا لَكِ أَقْوالَ وَحْيٍ، أَباطيلَ وغَوايات.

[15] جَميعُ عابِري الطَّريق، صَفَّقوا علَيكِ بِالكَفَّين، صَفَروا وهَزُّوا رُؤُوسَهم، على بِنتِ أُورَشَليم: «أَهٰذه هي المَدينَةُ الَّتي يَدْعونَها، بارِعَةَ الجَمالِ بَهجَةَ الأَرضِ كُلِّها»؟

[16] جَميعُ أَعْدائِكِ فَغَروا عَلَيكِ أَفْواهَهم، صَفَروا وصَرَفوا الأَسْنان، قالوا: قدِ ٱبتَلَعْناها. هٰذا هو اليَومُ الَّذي ٱنتَظَرناه، قد وَجَدْناه ورَأَيناه»،

[17] صَنَعَ الرَّبُّ ما قَصَدَه، وحَقَّقَ قَولَه، القَولَ الَّذي قَضاه مُنذُ قَديمِ الأَيَّام. هَدَّمَ ولم يُشفِقْ. فأَشمَتَ بِكِ العَدُوَّ، وأَعلَى قَرْنَ مُضايِقِكِ.

[18] أُصرُخِي إِلى السَّيِّد، يا سورَ بِنتِ صِهْيون. إِذرِفي الدُّموعَ كالنَّهرِ، نَهارًا ولَيلًا. لا تَهدَإي، ولا تَسكُنْ حَدَقَةُ عَينِكِ.

[19] قومي ٱهتِفي لَيلًا، في أَوَّلِ الهَجَعات. أَريقي كالماءِ قَلبَكِ، أَمامَ وَجهِ السَّيِّد. إِرفَعي إِلَيه كَفَّيكِ، لأَجلِ حَياةِ أَطْفالِكِ، (الَّذينَ غُشِيَ علَيهم مِنَ الجوع في رأسِ كُلِّ شارِع).

[20] أُنظُرْ يا رَبُّ وتأَمَّلْ: مَن صَنَعتَ بِه هٰكذا؟ أتأكُلُ النِّساءُ ثَمَرَةَ أَحْشائِهِنَّ، أَطْفالَ الدَّلال؟ أَيُقتَلُ في مَقدِسِ السَّيِّد، الكاهِنُ والنَّبِيّ؟

[21] إِنطَرَح على الأَرضِ في الشَّوارِع، الفَتى والشَّيخ. عَذارايَ وشُبَّاني، بالسَّيفِ سَقَطوا. قَتَلتَ في يَومِ غَضَبِكَ، ذَبَحتَ ولم تُشفِقْ.

[22] دَعَوتَ كما في يَومِ عيد، الأَهْوالَ مِن كُلِّ جِهَة، فلَم يَكُنْ في يَومِ غَضَبِ الرَّبّ، مُفلِتٌ ولا باقٍ حَيًّا. الَّذينَ دَلَّلتُهم ورَبَّيتُهم، أَفْناهم عَدُوِّي.