< سفر القضاة 11

Listen to this chapter • 5 min
[1] وكانَ يَفْتاحُ الجِلْعادِيُّ مُحارِبًا باسِلًا، وهو ٱبنُ ٱمرَأَةٍ زانِيَةٍ ولَدَتَه لِجِلْعاد.
[2] ثُمَّ وَلَدَت لِجِلْعادَ زَوجَتُه بَنين. فلَمَّا كَبِرَ بَنو هٰذه المَرأَة، طَرَدوا يَفْتاحَ وقالوا لَه: «لَيسَ لَكَ ميراثٌ في بَيتِ أَبينا، لأَنَّكَ ٱبنُ ٱمرَأَةٍ أُخْرى».
[3] فهَرَبَ يَفْتاحُ مِن وَجهِ إِخوَتِه وأَقامَ بِأَرضِ طوب. فٱجتَمَعَ إِلَيه قومٌ لا خَيرَ فيهم، وكانوا يَقومونَ بِحَمَلاتٍ معَه.
[4] وكانَ بَعدَ أَيَّامٍ أَنَّ بَني عَمُّونَ حارَبوا إِسْرائيل.
[5] فلَمَّا حارَبَ بَنو عَمُّونَ إِسْرائيل، اِنطَلَقَ شُيوخُ جِلْعادَ لِيَأتوا بِيَفْتاحَ مِن أَرضِ طوب.
[6] وقالوا لِيَفْتاح: «تَعالَ وكُنْ لَنا قائِدًا، فنُحارِبَ بَني عَمُّون».
[7] فقالَ يَفْتاحُ لِشُيوخِ جِلْعاد: «أَلَم تُبغِضوني أَنتُم وطَرَدتُموني مِن بَيتِ أَبي؟ فلِماذا أَتَيتُموني الآن في شِدَّتِكم؟»
[8] فقالَ شُيوخُ جِلْعادَ لِيَفْتاح: «لِهٰذا عُدْنا إِلَيكَ الآن، فسِرْ مَعنا وحارِبْ بَني عَمُّونَ وكُنْ رَئيسًا علَينا وعلى جَميعِ سُكَّانِ جِلْعاد».
[9] فقالَ يَفْتاحُ لِشُيوخِ جِلْعاد: «إِذا أَرجَعتُموني لِمُحارَبَةِ بَني عَمُّون، فأَسلَمَهمُ الرَّبُّ إِلَيَّ، أَكونُ رَئيسًا علَيكم».
[10] فقالَ شُيوخُ جِلْعادَ لِيَفْتاح: «لِيَكُنِ الرَّبُّ شاهِدًا بَينَنا، إِن كُنَّا لا نَفعَلُ كما تَقول».
[11] فمَضى يَفْتاحُ مع شُيوخِ جِلْعاد، فأَقامَه الشَّعبُ علَيهم رَئيسًا وقائِدًا. فكَرَّرَ يَفْتاحُ جَميعَ أَقوالِه أَمامَ الرَّبِّ في المِصْفاة.
[12] وأَنفَذَ يَفْتاحُ رُسُلًا إِلى مَلِكِ بَني عَمُّونَ قائِلًا: «ماذا بَيني وبَينَكَ حتَّى أَتَيتَني لِلحَربِ في أَرْضي؟»
[13] فقالَ مَلِكُ بَني عَمُّونَ لِرُسُلِ يَفْتاح: «لأَنَّ إِسْرائيلَ، حينَ صَعِدَ مِن مِصرَ، أَخَذَ أَرْضي مِن أَرْنونَ إِلى اليَبُّوقِ والأُردُنّ، فرُدَّها الآنَ بِسَلام».
[14] فعادَ يَفْتاحُ أَيضًا وأَنفَذَ رُسُلًا إِلى مَلِكِ بَني عَمَّونَ
[15] وقالَ لَه: «هٰكذا يَقولُ يَفْتاح: إِنَّ إِسْرائيلَ لم يأخُذْ أَرضَ موآبَ ولا أَرضَ بَني عَمُّون،
[16] لأَنَّه، حينَ صَعِدَ مِن مِصرَ، سارَ في البَرِّيَّةِ إِلى بَحرِ القَصَب، ووَصَلَ إِلى قادِش.
[17] فأَنفَذَ إِسْرائيلُ رُسُلًا إِلى مَلِكِ أَدومَ يَقولون: دَعْني أَمُرُّ بِأَرضِكَ. فلَم يَسمَعْ مَلِكُ أَدوم. فأَرسَلَ إِلى مَلِكِ موآبَ أَيضًا، فأَبى. فأقامَ إِسْرائيلُ في قادِش.
[18] ثُمَّ سارَ في البَرِّيَّة، وطافَ حَولَ أَرضِ أَدومَ وأَرضِ موآب، وأَتى أَرضَ موآبَ مِن جِهَةِ الشَّرْق، وخَيَّمَ عِبرَ أَرْنون، ولم يَدخُلْ أَرضَ موآب، فإِنَّ أَرنونَ هي حُدودُ موآب.
[19] ثُمَّ أَرسَلَ إِسْرائيلُ رُسُلًا إِلى سيحون، مَلِكِ الأَمورِيِّين، مَلِكِ حَشْبون، وقالَ لَه: دَعْنا نَمُرُّ بِأَرضِكَ إِلى مَكانِنا.
[20] فلم يَثِقْ سيحونُ بِإِسْرائيل ولم يَدَعْه يَمُرُّ بِأَرضِه. وجَمَعَ سيحونُ كُلَّ شَعبه وعَسكَروا في ياهَص، وحارَبوا إِسْرائيل.
[21] فأَسلَمَ الرَّبُّ، إِلٰهُ إِسْرائيل، سيحونَ وكُلَّ شَعبِه إِلى يَدِ إِسْرائيل، فضَرَبَهم ووَرِثَ إِسْرائيلُ كُلَّ أَرضِ الأَمورِيِّين، سُكَّانِ تِلكَ الأَرْض.
[22] ووَرِثوا جَميعَ أَراضي الأَمورِيِّين، مِن أَرْنونَ إِلى اليَبُّوق، ومِنَ البَرِّيَّةِ إِلى الأُردُنّ.
[23] والآنَ فإِنَّ الرَّبَّ، إِلٰهَ إِسْرائيل، قد طَرَدَ الأَمورِيِّينَ مِن أَمامِ شَعبِه إِسْرائيل، أَفأَنتَ تَطرُدُهم؟
[24] أَلَيسَ أَنَّ ما يورِثُكَ إِيَّاه كَموشُ إِلٰهُكَ، إِيَّاه تَرِث، وكُلَّ ما أَورَثَنا الرَّبُّ إِلٰهُنا، إِيَّاه نَرِث؟
[25] أَلَعَلَّكَ حَقًّا خَيرٌ مِن بالاقَ بنِ صِفُّور، مَلِكِ موآب؟ فهَل خاصَمَ بَني إِسْرائيل أو أَثارَ علَيهم حَربًا؟
[26] وعِندَما أَقامَ إِسْرائيلُ بِحَشبونَ وتَوابِعِها وعَروعيرَ وتَوابِعِها وجَميعِ المُدُنِ الَّتي عِندَ أَرْنونَ مُدَّةَ ثَلاثِ مِئَةِ سَنَة، لِماذا لم تَستَرجِعوها في تِلكَ المُدَّة؟
[27] إِنِّي لم أَخطَأْ إِلَيكَ، وإِنَّما أَنتَ تَسيءُ إِلَيَّ بِمُحارَبَتِكَ لي. فَلْيَقْضِ اليَومَ الرَّبُّ الدَّيَّانُ بَينَ بَني إِسْرائيلَ وبَني عَمُّون».
[28] فلم يَسمَعْ مَلِكُ بَني عَمُّونَ لِكَلامِ يَفْتاحَ الَّذي أَرسَلَ بِه إِلَيه.
[29] وكانَ روحُ الرَّبِّ على يَفْتاح، فعَبَرَ جِلْعادَ ومَنَسَّى ومَرَّ بِمِصفاةِ جِلْعاد، ومِن مِصفاةِ جِلْعادَ عَبَرَ إِلى بَني عَمُّون.
[30] ونَذَرَ يَفْتاحُ نَذرًا لِلرَّبِّ وقال: «إِن أَسلَمتَ بَني عَمُّونَ إِلى يَدي،
[31] فكُلُّ خارِجٍ يَخرُجُ مِن بابِ بَيتي إِلى لِقائي، حينَ عَودَتي بِسَلامٍ مِن عِندِ بَني عَمُّون، يَكونُ لِلرَّبِّ فأُصعِدُه مُحرَقَةً».
[32] وعَبَرَ يَفْتاحُ إِلى بَني عَمُّونَ لِيُحارِبَهم، فأَسلَمَهمُ الرَّبُّ إِلى يَدِه.
[33] فضَرَبَهم مِن عَروعيرَ إِلى مَدخَلِ مِنِّيت (عِشْرينَ مَدينة) وإِلى آبَلَ كَراميم، ضَربَةً عَظيمةً جِدًّا، فذَلَّ بَنو عَمُّونَ أَمامَ بَني إِسْرائيل.
[34] وعادَ يَفْتاحُ إِلى المِصْفاةِ إِلى بَيتِه، فإِذا ٱبنَتُه خارِجَةٌ لِلِقائِه بِالدُّفوفِ والرَّقْصِ، وهي وَحيدةٌ لَه، ولم يَكُنْ لَه ٱبنٌ أَوِ ٱبنَةٌ سِواها.
[35] فلَمَّا رَآها، مَزَّقَ ثِيابَه وقال: «آه، يا ٱبنَتي، قد صَرَعتِني صَرعًا وصِرتِ مِن جُملَةِ مَن أَشْقاني، لأَنِّي فَتَحتُ فَمي أَمامَ الرَّبّ، ولا أَستَطيعُ أَن أَتَراجَع».
[36] فقالَت لَه: «يا أَبَتِ، قد فَتَحتَ فَمَكَ أَمامَ الرَّبّ، فٱصنَعْ بي بِحَسَبِ ما خَرَجَ مِن فَمِكَ، بَعدَما ٱنتَقَمَ لَكَ الرَّبُّ مِن أَعْدائِكَ بَني عَمُّون».
[37] ثُمَّ قالَت لأَبيها: «لِيُصنَعْ لي هٰذا الطَّلَب: أَمهِلْني شَهرَينِ فأَنطَلِقَ وأَتيهَ في الجِبالِ وأَبْكي بَتولِيَّتي، أَنا وصَديقاتي».
[38] فقالَ: «إِذهَبي»، وصَرَفَها شَهرَين. فٱنطَلَقَت هي وصَديقاتُها وبَكَت بَتولِيَّتَها على الجِبال.
[39] وكانَ، عِندَ نِهايَةِ الشَّهرَين، أَنَّها رَجَعَت إِلى أَبيها، فأَتَمَّ بِها النَّذرَ الَّذي نَذَره، وهي لم تَعرفْ رَجُلًا. فجَرَتِ العادَةُ بَينَ بَني إِسْرائيلَ
[40] أَنَّ بَناتِ إِسْرائيلَ يَمْضينَ مِن سَنَةٍ إِلى سَنَة ويَنُحنَ على ٱبنَةِ يَفْتاحَ الجِلْعادِيِّ أَربَعَةَ أَيَّامٍ في السَّنَة.