< سفر أيوب 34

Listen to this chapter • 3 min
[1] فواصَلَ أَليهو كَلامَه وقال:
[2] «إِسمَعوا أَقْوالي أَيُّها الحُكَماء وأَصْغوا إِلَيَّ يا أَصْحابَ المَعرِفَة
[3] فإِنَّ الأُذُنَ تَختَبِرُ الأَقْوال كما يَذوقُ الحَنَكُ الطَّعام.
[4] لَنا أَن نُمَيِّزَ ما هو حَقّ، ولْنَعلَمْ فيما بَينَنا ما هو حَسَن.
[5] قالَ أَيُّوب: «إِنِّي بارّ لٰكِنَّ اللهَ قد رَفَضَ حَقِّي.
[6] أُكَذَّبُ والحَقُّ لي وسَهمُه فِيَّ مُستَعصٍ وأَنا بِلا مَعصِيَة.
[7] أَيُّ رَجُلٍ كأَيُّوب يَشرَبُ الهُزْءَ كالماء
[8] ويَمْشي في عِشرَةِ فاعِلي الآثام ويَسيرُ مع ذَوي الشُّرور.
[9] فقَد قالَ إِنَّه لا يَنفَعُ الرَّجُلَ أَن يَكونَ هَواه في الله.
[10] لِذٰلكَ ٱسمَعوا لي يا أُولي الأَلْباب: حاشَ للهِ مِنَ الشَّرّ ولِلقَديرِ مِنَ الظُّلْم
[11] فإِنَّه يَجْزي الإِنْسانَ على حَسَبِ أَفْعالِه ويُعامِلُ الإِنسانَ على حَسَبِ سَبيلِه.
[12] لا شَكَّ أَنَّ اللهَ لا يأتي بِالشَّرّ والقَديرَ لا يُحَرِّفُ الحقّ.
[13] مَنِ الَّذي وَكَّلَه بِالأَرْض ومَنِ الَّذي كَلَّفَه بِالدُّنْيا كُلِّها؟
[14] ولو لم يَلتَفِتْ إِلاَّ إِلى نَفْسِه وٱستَجمَعَ روحَه ونَسَمَتَه
[15] لَفاضَت روحُ جَميعِ البَشَرِ مَعًا وعادَ الإِنسانُ إِلى التُّراب.
[16] فإِن كُنتَ ذا فَهمٍ فٱسمَع هٰذا وأَصغِ إِلى صَوتِ أَقْوالي.
[17] أَلَعَلَّ مَن يُبغِضُ الحَقَّ يَحكُم أَم تُؤَثِّمُ البارَّ العَظيم؟
[18] القائِلَ لِلمَلِك: يا عَديمَ الخَير! ولِلعُظَماء: يا أَشْرار!
[19] الَّذي لا يُحابي الرُّؤَساء ولا يُفَضِّلُ الغَنِيَّ على البائِس، لأَنَّهم جَميعًا أَعْمالُ يَدَيه.
[20] يُفاجِئُهمُ المَوتُ في نِصفِ اللَّيل ويَتَزَعزَعُ الشَّعبُ ويَهلِك، ويُستَأصَلُ المُقتَدِرُ بِغَيرِ عَناء
[21] لأَنَّ عَينَيه على طُرُقِ الإِنْسان، وهو يُبصِرُ جَميعَ خَطَواتِه.
[22] لا ظُلمَةٌ ولا ظِلالُ مَوت يَتوارى فيها فاعِلو الآثام
[23] لأَنَّ اللهَ لا يَضرِبُ لِلأُنْسانِ مَوعِدًا لِيَمثُلَ أَمامَه في الفَضاء،
[24] بل يُحَطِّمُ العُظَماءَ مِن غَيرِ بَحْث ويُقيمُ آخَرينَ مَكانَهم.
[25] ذٰلك بِأَنَّه يَعلَمُ بِأَعْمالِهم ويَقلِبُهم في لَيلَةٍ فيُسحَقون.
[26] يَصفَعُهم كأَشْرارٍ على مَشهَدِ النَّاس
[27] فإِنَّهم إِنَّما ٱبتَعَدوا عنه ولم يَفهَموا شَيئًا مِن طُرُقِه
[28] حَتَّى رُفِعَ إِلَيه صُراخُ المِسْكين وهو يَسمَعُ صُراخَ المَساكين.
[29] فإِنَّه إِذا سَكَنَ فمَن يُؤَثِّمُه؟ وإِن حَجَبَ وَجهَه فمَن يُبصِرُه؟ وعلى أُمَّةٍ أَو على البَشَرِ كذٰلك
[30] يُقيمُ إِنْسانًا كافرًا مَلِكًا مِن بَينِ مُضَلِّلي الشَّعْب.
[31] إِن قيلَ لله: تَحَمَّلتُ العِقاب، فلَن أَعودَ إِلى ٱرتِكابِ الشَّرّ
[32] فأَرِني ما لم أُبصِرْه وإِن كُنتُ قد فَعَلتُ إِثْمًا فلَن أَعودَ إِلى فِعلِه.
[33] أَفي رَأيِكَ أَنَّ علَيه أَن يُعاقِب؟ بِما أَنَّكَ تَرفُضُ أَحْكامَه إِذ لَكَ الِٱختِيارُ ولَيسَ لي فتَكَلَّمْ بِما تَعلَم.
[34] بل قد يَقولُ لي أُولو الأَلْباب والرَّجُلُ الحَكيمُ الَّذي يَستَمِعُني:
[35] إِنَّ أَيُّوبَ يَتَكَلَّمُ بِلا عِلْم وكَلامُه لَيسَ عن فِطنَة.
[36] إِذَنْ فليُمتَحَنْ أَيُّوبُ حَتَّى النِّهاية بِسَبَبِ أَجوِبَتِه الَّتي هي أَجوِبَةُ أَهْلِ الآثام.
[37] فإِنَّه يَزيدُ على خَطيئَتِه مَعصِيَة فيَزرَعُ الرَّيبَةَ بَينَنا ويُكثِرُ أَقْوالَه على الله».