< سفر أيوب 30

Listen to this chapter • 2 min
[1] أَمَّا الآنَ فقَد ضَحِكَ مِنِّي مَن يَصغُرُني في الأَيَّام مَن كُنتُ آنَفُ أَن أَجعَلَ آباءَهم معَ كِلابِ غَنَمي.
[2] وبِقُوَّةِ أَيديهِم فماذا كُنتُ أَصنَعُ، وقد فَقَدوا أَشُدَّهم؟
[3] جَفَّفَهمُ العَوَزُ والجوع، أُولٰئِكَ الَّذينَ يَهرُبونَ إِلى القِفار، إِلى الظَّلامِ والدَّمارِ والخَراب،
[4] ويَقطِفونَ المُلاَّحَ بَينَ الشِّيح، وخُبزُهم جِذرُ الرَّتَم.
[5] يُطرَدونَ مِنَ الحَضَر، ويُصاحُ علَيهم أَمْثالَ اللُّصوص،
[6] فيَسكُنونَ في مُنحَدَراتِ الأَودِيَة، وفي مَغاوِرِ التُّرابِ والصُّخور.
[7] يَنهَقونَ بَينَ الشِّيح، ويَتَكَدَّسونَ تَحتَ الأَشْواك.
[8] أَبْناءُ أَحمَقَ وأَبْناءُ مَن بِلا ٱسمٍ قد دُحِروا مِنَ الأَرْض.
[9] أَمَّا الآنَ فصِرتُ لَهم أُغنِيَّةً، وأَصبَحتُ عِندَهم مَثَلًا
[10] وقدِ ٱشمَأَزُّوا مِنِّي وٱبتَعَدوا عنِّي ولا يَحتَشِمونَ أَن يَبصُقوا في وَجْهي.
[11] وإِذا أَرْخى اللهُ وَتَري وأَذَلَّني، أَطلَقوا عِنانَهم في وَجْهي.
[12] قامَ السَّفَلَةُ عن يَميني يُعَثِّرونَ قَدَمَيَّ، ويُمَهِّدونَ إِلَيَّ سُبُلَ المُصيبة،
[13] ويَقطَعونَ علَيَّ الطَّريق، ويُساهِمونَ في هَلاكي ولا يَحْتاجونَ إِلى مُعين.
[14] كأَنَّما يَدخُلونَ مِن ثُغرَةٍ واسِعة، ويَتَدهوَرونَ بَينَ الرَّدْم.
[15] قد تَهافَتَت علَيَّ الأَهْوال، وطَرَدَت كَرامَتي كالرِّيح، وتَلاشى خَلاصي كالغُيوم.
[16] والآنَ تَنْهالُ نَفْسي علَيَّ وأَيَّامُ بُؤسٍ أَخَذَتني.
[17] في اللَّيلِ يَنخُرُ هٰذا عِظامي مِن فَوقي، والَّذينَ يَقرِضونَني لا يَنامون.
[18] قَبَضَ الأَلَمُ على لِباسي بِقُوَّة، وشَدَّني كما يَشُدُّني قَميصي.
[19] أَلْقاني في الوَحْل فأَشبَهتُ التُّرابَ والرَّماد.
[20] إِلَيكَ أَصرُخُ فما تُجيبُني وتَوَقَّفتُ فحدَّقتَ فِيَّ.
[21] أَصبَحتَ لي عَدُوًّا قاسِيًا وبِقُوَّةِ يَدِكَ حَمَلتَ علَيَّ.
[22] خَطَفتَني وعلى الرِّيح أَركَبتَني وأَذابَتني العاصِفَة.
[23] فعَلِمتُ أَنَّكَ إِلى المَوتِ تُعيدُني، إِلى دارِ ميعادِ كُلِّ حَيّ
[24] لا شَكَّ أَنَّ اليَدَ لا تُمَدُّ إِلى الخَراب وفي الٱنْهِيارِ تأتي النَّجدَة
[25] أَلَم أَبكِ لِمَنِ ٱشتَدَّ علَيه يَومُه؟ أَلَم تَرْثِ نَفْسي لِلمِسكين؟
[26] لٰكِن حينَ تَوَقَّعتُ الخَير غَشِيَني الشَّرّ، وحينَ ٱنتَظَرتُ النُّورَ غَشِيَني الظَّلام.
[27] فارَت أَحْشائي ولَم تَهدَأْ، وبادَرَتْني أَيَّامُ الشَّقاء.
[28] أَمْشي مَسْفوعًا لا مِنَ الشَّمسِ أَقومُ في الجَماعةِ مُستَغيثًا.
[29] صِرتُ أَخًا لِبَناتِ آوى ورَفيقًا لِلنَّعام.
[30] إِسوَدَّ جِلْدي علَيَّ وٱحتَرَقَ عَظْمي مِنَ الحُمَّى.
[31] صارَت كِنَّارتي لِلنِّياحة ومِزْماري لِصَوتِ البُكاء.