< سفر أيوب 29

Listen to this chapter • 1 min
[1] وعادَ أَيُّوبُ إِلى ضَربِ مَثَلِه فقال:
[2] «مَن لي بِمِثلِ الشُّهورِ السَّالِفة، ومِثْلِ الأَيَّامِ الَّتي كانَ اللهُ فيها حافِظي
[3] حينَ كانَ مِصْباحُه يُضيءُ على رأسي فأَسلُكُ الظُّلمَةَ في نورِه
[4] حينَ كُنتُ في أَيَّامِ خَريفي وكانَ اللهُ يُجالِسُني في خَيمَتي
[5] والقَديرُ لم يَزَلْ معي وصِبيَتي يُحيطونَ بي،
[6] وأَغسِلُ قَدَمَيَّ بِاللَّبَنِ الحَليب والصَّخرُ يُفيضُ لي أَنْهارًا مِنَ الزَّيت،
[7] وأَخرُجُ إِلى بابِ المَدينة، وأَتَّخِذُ في السَّاحَةِ مَجلِسي.
[8] يَراني الشُّبَّانُ فيَتَوارَون، والشُّيوخُ يَقِفونَ مُنتَصِبين.
[9] الأَعْيانُ يُمسِكُونَ عنِ الكَلام، ويَجعَلونَ أَيدِيَهم على أَفْواهِهم.
[10] يَتَخافَتُ صَوتُ الرُّؤَساء، وتَلصَقُ أَلسِنَتُهم بِأَحناكِهم.
[11] وإِذا سَمِعَتني أُذُنٌ هَنَّأَتْني، وإِذا رأَتْني عَينٌ شَهِدَت لي،
[12] لأَنِّي كُنتُ أُنَجِّي المِسْكينَ المُستَغيث واليَتيمَ الَّذي لا مُعينَ لَه،
[13] فتَحِلُّ علَيَّ بَرَكَةُ المائِت، وأَجعَلُ قَلبَ الأَرمَلَةِ يَتَهَلَّل.
[14] لَبِستُ البِرَّ فكانَ لِباسي وكانَ حَقِّي حُلَّةً وتاجًا لي.
[15] كُنتُ عَينًا لِلأَعْمى ورِجلًا لِلأَعرَج
[16] وكُنتُ أَبًا لِلمساكين، أَستَقْصي قَضِيَّةَ مَن لم أَعرِفْه،
[17] وأُحَطِّمُ أَنْيابَ الظَّالِم وأَنزِعُ فَريسَتَه مِن بَينِ أَسْنانِه.
[18] وكُنتُ أَقولُ إِنِّي سأَموتُ في عُشِّي، وكالرَّملِ أَزْدادُ أَيَّامًا
[19] وجُذوري مُنفَتِحةٌ على المِياه، والنَّدى يَبيتُ على أَغْصاني،
[20] وقد تَجَدَّدَ مَجْدي لَدَيَّ، وٱزْدادَت قَوسي قُوَّةً في يَدي.
[21] يَستَمِعونَ لي مُنتَظِرين، ويُنصِتونَ لِمَشورَتي،
[22] وعلى كَلامي لا يَزيدون، وأَقْوالي تَقطُرُ علَيهم.
[23] يَنتَظِرونَني كَما يُنتَظَرُ الغَيث، ويَفتَحونَ أَفْواهَهم كأَنِّي مُتَأَخِّرُ المَطَر.
[24] أَبتَسِمُ لَهم فلا يُصَدِّقون، ولا يَفوتُهم نورُ وَجْهي.
[25] أَخْتارُ طَريقَهم فأَجلِسُ في الصَّدْر، وأَحِلُّ حلولَ المَلِكِ مِنَ الجَيش، والمُعَزِّي مِنَ المَحْزونين.