< سفر التكوين 19

Listen to this chapter • 5 min
[1] فجاءَ المَلاكانِ إِلى سَدومَ مَساءً، وكانَ لُوطٌ جالِسًا عِندَ بابِ سَدوم. فلَمَّا رآهُما لُوط، قامَ لِلِقائِهِما وسَجَدَ بِوَجهِه إِلى الأَرض.
[2] وقال: «سَيِّدَيَّ، مِيلا إِلى بَيتِ عَبدِكُما وبيتا وٱغْسِلا أَرجُلَكما، ثُمَّ تُبَكِّرانِ وتَمضِيانِ في سَبيلِكُما». فقالا: «لا، بل في السَّاحةِ نَبيت».
[3] فأَلَحَّ عَليهِما كَثيرًا، فمالا إِلَيه ودَخَلا مَنزِلَه. فصَنَعَ لَهُما مَأدُبَةً وخَبَزَ فَطيرًا، فأكلا.
[4] وقَبلَ أَن يَضْطَجِعا، إِذا بأَهلِ المَدينة، أَهلِ سَدوم، قد أَحاطوا بِالمَنزِل، مِنَ الصَّبِيِّ إِلى الشَّيخ، جَميعُ القَومِ إِلى آخِرِهِم.
[5] فنادوا لُوطًا وقالوا له: «أَينَ الرَّجُلانِ اللَّذانِ قَدِما إِلَيكَ في هٰذه اللَّيلَة؟ أَخرِجْهُما لِكَي نَعرِفَهُما».
[6] فخَرَجَ إِلَيهِم لُوطٌ إِلى المَدخَل وأَغلَقَ البابَ وَرَاءَه
[7] وقال: «أَسأَلُكم أَلاَّ تَفعَلوا شَرًّا، يا إِخْوتَي.
[8] هاءَنَذا لِيَ ٱبنَتانِ ما عَرَفَتا رَجُلًا: أُخرِجُهُما إِلَيكُم، فٱصنَعوا بِهِما ما حَسُنَ في أَعيُنِكم. وأَمَّا هٰذانِ الرَّجُلانِ، فلا تَفعَلوا بِهِما شَيئًا، لأَنَّهما دَخَلا تَحتَ ظِلِّ سَقْفي».
[9] فقالوا: «تَنَحَّ مِن هنا!». ثُمَّ قالوا: «هٰذا رَجُلٌ يَنزِلُ بِنا فيُقيمُ نَفسَه حاكِمًا! الآنَ نَفعَلُ بِكَ أَسْوَأَ مِمَّا نَفعَلُ بِهِما». وضَيَّقوا على لُوط وتقَدَّموا لِيَكْسِروا الباب.
[10] فَمَدَّ الرَّجُلانِ أَيدِيَهُما وأَدخلا لُوطًا إِلَيهما إِلى البَيتِ وأَغلَقا الباب.
[11] وأَمَّا القَومُ الَّذينَ عِندَ بابِ البَيت، فضَرَباهم بِالعَمى مِن صَغيرِهِم إِلى كَبيرِهِم، فلَم يَقدِروا أَن يَجِدوا الباب.
[12] وقالَ الرَّجُلانِ لِلُوط: «مَن لَكَ أَيضًا هٰهُنا؟ أَصْهارُكَ وبَنوكَ وبناتُكَ وجَميعُ مَن لَكَ في المدينة أَخْرِجْهُم مِن هٰذا المكان،
[13] فإِنَّنا مُهلِكانِ هٰذا المكان، فقَدِ ٱشتَدَّ الصُّراخُ علَيهِم أَمامَ الرَّبّ، وقَد أَرسَلَنا الرَّبُّ لِنُهلِكَ المَدينة».
[14] فخَرَجَ لُوطٌ وكَلَّمَ أَصْهارَه الَّذينَ سيَتَّخِذونَ بَناتِه وقالَ لَهم: «قوموا وٱخرُجوا مِن هٰذا المَكان، لأَنَّ الرَّبَّ مُهلِكٌ المَدينة». فكانَ كمازِحٍ في أَعيُنِ أَصْهارِه.
[15] فلَمَّا طَلَعَ الفَجْر، أَلَحَّ المَلاكانِ على لُوطٍ قائِلَين: «قَمْ فخُذِ ٱمرَأَتَكَ وٱبنَتَيكَ المَوجودَتَينِ هُنا، لِئَلاَّ تَهلِكَ بِعِقابِ المَدينة».
[16] فَتَرَدَّدَ لُوط، فأَمسَكَ الرَّجُلانِ بِيَدِه وبِيَدِ ٱمرَأَتِه وٱبنَتَيه، لِشفَقَةِ الرَّبِّ علَيه، وأَخْرَجاه ووَضَعاه خارِجَ المَدينة.
[17] فلَمَّا أَخْرَجاهم إِلى خارِج قالا: «اُنْجُ بِنَفسِكَ. لا تَلتَفِتْ إِلى وَرائِكَ ولا تَقِفْ في السَّهلِ كُلِّه، وٱنجُ إِلى الجَبَلِ لِئَلاَّ تَهلِك».
[18] فقالَ لَهُما لُوط: «لا، أَرْجوك، يا سيِّدي.
[19] إنَّ عَبدَكَ قد نالَ حُظْوَةً في عَينَيكَ، وعَظُمَت رَحمَتُكَ الَّتي صَنَعتَها إِلَيَّ بِإِبْقائِكَ على حَياتي. إِنِّي لا أَستَطيعُ النَّجاةَ إِلى الجَبَلِ دونَ أَن يَلحَقَ بِيَ الشَّرُّ فأَموت.
[20] ها إِنَّ هٰذه المَدينةَ قَريبةٌ لِلْهَرَبِ إِلَيها، وهي صَغيرة، فدَعْني أَنْجو إِلَيها - أَلَيسَت صَغيرة؟ - فتَحْيا نَفْسي».
[21] فقالَ لَه: «هاءَنَذا قد أَكرَمتُ وَجهَكَ في هذا الأَمرِ أَيضًا بِأَن لا أَقلِبَ المَدينةَ الَّتي ذَكَرتَها.
[22] أَسرِعْ بِالنَّجاةِ إِلى هُناكَ، فإِنِّي لا أَستَطيعُ أَن أَعمَلَ شَيئًا إِلى أَن تَصيرَ إِلَيها». لِذٰلِكَ سُمِّيَتِ المَدينةُ صُوعَر.
[23] ولَمَّا أَشرَقَتِ الشَّمْسُ على الأَرض، دَخَلَ لُوطٌ صُوعَر.
[24] وأَمطَرَ الرَّبُّ على سَدومَ وعَمورةَ كِبْريتًا ونارًا مِنَ السَّمَوات،
[25] وقَلَبَ تِلكَ المُدُنَ وكُلَّ السَّهْلِ وجَميعَ سُكَّانِ المُدُنِ ونَباتَ الأَرض.
[26] فٱلتَفَتَتِ ٱمرَأَةُ لُوطٍ إِلى وَرائِها فصارَت نُصْبَ مِلْح.
[27] فبَكَّرَ إِبْراهيمُ إِلى المَكانِ الَّذي وَقَفَ فيه أَمامَ الرَّبّ،
[28] وتَطَلَّعَ إِلى جِهَةِ سَدومَ وعَمورةَ وأَرضِ السَّهلِ كُلِّها ونَظَرَ، فإِذا دُخانُ الأرضِ صاعِدٌ كَدُخانِ الأَتُّون.
[29] ولَمَّا أَهلَكَ اللهُ مُدُنَ السَّهْل، ذَكَرَ اللهُ إِبْراهيم فٱنتَشَلَ لُوطًا مِن وَسَطِ الكارِثة، حينَ قَلَبَ المُدُنَ الَّتي كانَ لُوطٌ مُقيمًا فيها.
[30] وصَعِدَ لُوطٌ مِن صُوعَر وأَقامَ في الجَبَل هو وٱبنَتاه معَه، لأَنَّه خافَ أَن يُقيمَ في صُوعَر. فأَقامَ في مَغارةٍ هو وٱبنتَاه.
[31] فقالَتِ الكُبْرى لِلصُّغْرى: «إِنَّ أَبانا قد شاخ، ولَيسَ في الأرضِ رَجُلٌ يَدخُلُ علَينا على عادةِ الأرضِ كُلِّها.
[32] تَعالَي نَسْقي أَبانا خَمْرًا ونُضاجِعُه ونُقيمُ مِن أَبينا نَسْلًا».
[33] فسَقَتا أَباهُما خَمْرًا في تِلكَ اللَّيلَة، وجاءَتِ الكُبْرى فضاجَعَت أَباها ولَم يَعلَمْ بِنِيامِها ولا قِيامِها.
[34] فلَمَّا كانَ الغَد، قالَتِ الكُبْرى لِلصُّغْرى: «هاءَنَذا قد ضاجَعتُ أَمْسِ أَبي، فَلْنَسْقِه خَمْرًا هٰذه اللَّيلَةَ أَيضًا، وتَعالَي أَنتِ فضاجِعيه لِنُقيمَ مِن أَبينا نَسْلًا».
[35] فَسَقَتا أَباهُما خَمْرًا في تِلكَ اللَّيلَةِ أَيضًا، وقامَتِ الصُّغْرى فضاجَعَته ولَم يَعلَمْ بِنِيامِها ولا قِيامِها.
[36] فحَمَلَتِ ٱبنَتا لُوطٍ مِن أَبيهِما.
[37] ووَلَدَتِ الكُبْرى ٱبنًا وسَمَّته موآب، وهو أَبو الموآبِيِّينَ إِلى اليَوم.
[38] والصُّغْرى أَيضًا وَلَدَتِ ٱبنًا وسَمَّته بَنْعَمِّي، وهو أَبو بَني عَمُّونَ إِلى اليَوم.