< سفر الخروج 32

Listen to this chapter • 5 min
[1] ورأى الشَّعبُ أَنَّ موسى قد تَأَخَّرَ في النُّزولِ مِنَ الجَبَل، فٱجتَمَعَ الشَّعبُ على هارونَ وقالوا له: «قُمْ فٱصنَعْ لَنا آلِهَةً تَسيرُ أَمامَنا، فإِنَّ موسى، ذٰلك الرَّجُلَ الَّذي أَصعَدَنا مِن أَرضِ مِصْر، لا نَعلَمُ ماذا أَصابَه».
[2] فقالَ لَهم هارون: «إِنزِعوا حَلَقاتِ الذَّهَبِ الَّتي في آذانِ نِسائِكُم وبَنيكُم وبَناتِكُم، وأتوني بِها».
[3] فنَزَعَ كُلُّ الشَّعبِ حَلَقاتِ الذَّهَبِ الَّتي في آذانِهم، وأَتَوا بِها هارون،
[4] فأَخَذَها وصَبَّها في قالَب، وصَنَعَها عِجْلًا مَسْبوكًا. فقالوا: «هٰذِه آلِهَتُكَ، يا إِسْرائيل، الَّتي أَصعَدَتكَ مِن أَرضِ مِصْر»
[5] فلَمَّا رأى هارونُ ذٰلك، بَنى مَذبَحًا أَمامَ العِجْلِ ونادى قائلًا: «غَدًا عيدٌ لِلرَّبّ».
[6] فبَكَّروا في الغَدِ وأَصعَدوا مُحرَقاتٍ وقَرَّبوا ذَبائِحَ سَلامِيَّة، وجَلَسَ الشَّعبُ يَأكُلُ ويَشرَب، ثُمَّ قامَ يَلعَب.
[7] فقالَ الرَّبُّ لِموسى: «هَلُمَّ ٱنزِلْ، فقَد فَسَدَ شَعبُكَ الَّذي أَصعَدتَه مِن أَرضِ مِصْر،
[8] فسُرْعانَ ما حادوا عنِ الطَّريقِ الَّذي أَمَرتُهم بِه، وصَنَعوا لأَنفُسِهم عِجْلًا مَسْبوكًا، فسَجَدوا لَه وذَبَحوا لَه وقالوا: هٰذِه آلِهَتُكَ، يا إِسْرائيلُ، الَّتي أَصعَدَتكَ مِن أَرضِ مِصْر».
[9] وقالَ الرَّبُّ لِموسى: «قد رَأَيتُ هٰذا الشَّعْب، فإِذا هو شَعْبٌ قاسي الرِّقاب.
[10] والآنَ دَعْني، لِيَضطَرِمْ غَضَبي علَيهم فأُفْنيهِم، وأَمَّا أَنتَ فأَجعَلُكَ أُمَّةً عَظيمة».
[11] فٱستَرْضى موسى الرَّبَّ إِلٰهَه وقال: «يا ربّ، لِمَ يَضطَرِمُ غَضَبُكَ على شَعبِكَ الَّذي أَخرَجتَه مِن أَرضِ مِصرَ بِقُوَّةٍ عَظيمةٍ ويَدٍ قَديرة؟
[12] ولِمَ يَتَكَلَّمُ المِصرِيُّونَ قائِلِين: إِنَّه أَخرَجَهم مِن هٰهنا بِمَكْرٍ لِيَقتُلَهم في الجِبال ويُفنِيَهم عن وَجْهِ الأَرض؟ إِرجِعْ عَنِ ٱضطِرامِ غَضَبِكَ وٱعدِلْ عَنِ الإِساءَةِ إِلى شَعبِكَ.
[13] وٱذكُرْ إِبْراهيمَ وإِسْحٰقَ وإِسْرائيلَ عَبيدَكَ الَّذينَ أَقسَمتَ لَهم بِنَفسِكَ وقُلتَ لَهم: إِنِّي أُكَثِّرُ نَسلَكُم كنُجومِ السَّماء، وكُلُّ الأَرضِ الَّتي تَكَلَّمتُ علَيها سأُعْطيها لِنَسلِكُم فيَرِثونَها لِلأَبَد».
[14] فعَدَلَ الرَّبُّ عنِ الإِساءَةِ الَّتي قالَ إِنَّه يُنزِلُها بِشَعْبِه.
[15] ثُمَّ أَدار موسى وَجهَه ونَزَلَ مِنَ الجَبَلِ ولَوحا الشَّهادةِ في يَدِه، لَوحانِ مَكْتوبانِ على وَجهَيهِما، مِن هُنا ومن هُناكَ كانا مَكْتوبَين.
[16] واللَّوحانِ هُما صُنعُ الله، والكِتابةُ هي كِتابةُ اللهِ مَنْقوشةً في اللَّوحَين.
[17] وسَمِعَ يشوعُ صَوتَ الشَّعبِ في هُتافِهِم، فقالَ لِموسى: «صَوتُ حَرْبٍ في المُخَيَّم».
[18] فقالَ موسى: «لَيسَ هذا صوتَ هُتافِ النَّصْر، ولا صَوتَ هُتافِ الهَزيمة، بل صَوتَ أُنْشودَةٍ أَنا سامِع».
[19] فلَمَّا ٱقتَرَبَ مِنَ المُخَيَّم، رأَى العِجْلَ والرَّقْصَ، فٱضطَرَمَ غَضَبُ موسى فَرمى بِاللَّوحَيْنِ مِن يَدَيه وحَطَّمَهما في أَسفَلِ الجَبَل.
[20] ثُمَّ أَخَذَ العِجْلَ الَّذي صَنعوه، فأَحرَقَه بِالنَّارِ وسَحَقَه حتَّى صارَ كالغُبار، وذَرَّاه على وَجهِ الماء وأَسْقى بَني إِسْرائيل.
[21] وقالَ موسى لِهارون: «ماذا صَنَعَ بِكَ هٰذا الشَّعْبُ حتَّى جَلَبتَ علَيهِم خَطيئةً عظيمة؟»
[22] قالَ هارون: «لا يَضطَرِمْ غَضَبُ سَيِّدي، أَنتَ عارِفٌ أَنَّ الشَّعبَ شِرِّير،
[23] فقالَ لي: إِصنَعْ لَنا آلِهَةً تَسيرُ أَمامَنا، فإِنَّ موسى، ذٰلك الرَّجُلَ الَّذي أَصعَدَنا مِن أَرضِ مِصْر، لا نَعلَمُ ماذا أَصابَه.
[24] فقُلتُ لَهم: مَن لَه ذَهَبٌ فلْيَنزِعْه. فأَتَوني بِه فأَلقَيتُه في النَّار فخَرَجَ هٰذا العِجْل».
[25] ولَمَّا رأَى موسى أَنَّ الشَّعبَ لا عِنانَ لَه لأَنَّ هارونَ كانَ قد أَرْخى لَه العِنانَ فعَرَّضَه لِلسُّخرِيَّةِ بَينَ أَعْدائِه،
[26] وقَفَ موسى على بابِ المُخَيَّمِ وقال: «إِلَيَّ مَن هو لِلرَّبّ». فٱجتَمَعَ إِلَيه جَميعُ بَني لاوي.
[27] فقالَ لَهم: «كَذا قالَ الرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرائيل: لِيَتَقَلَّدْ كُلُّ واحِدٍ سَيفَه، وٱذهَبوا وٱرجِعوا مِن بابٍ إِلى بابٍ في المُخَيَّم، ولْيَقتُلِ الواحِدُ أَخاه والآخَرُ صاحِبَه وقَريبَه».
[28] ففَعَلَ بَنو لاوي كما أَمَرَ موسى، فسَقَطَ مِنَ الشَّعبِ في ذٰلك اليَومِ نَحوُ ثَلاثةِ آلافِ رَجُل.
[29] وقالَ موسى: «لقَد وَقَفتُمُ اليَومَ أَنفُسَكم لِلرَّبّ، كُلُّ واحِدٍ لِقاءَ ٱبنِه وأَخيه، لِيُعطِيَكمُ اليَومَ بَرَكَة».
[30] ولَمَّا كانَ الغَد، قالَ موسى لِلشَّعْب: «قد خَطِئتُم خطيئةً عَظيمة، والآنَ أَصعَدُ إِلى الرَّبِّ، لَعَلِّي أُكَفِّرُ عن خطيئَتِكم».
[31] ورَجَعَ موسى إِلى الرَّبِّ وقال: «آهِ! يا رَبّ، قد خَطِئَ هٰذا الشَّعبُ خَطيئَةً عَظيمة، وصَنَعَ لِنَفْسِه آلِهَةً مِن ذَهَب.
[32] والآنَ إِن غَفَرتَ خَطيئَتَه... وإِلاَّ فٱمحُني مِن كِتابِكَ الَّذي كتَبتَه».
[33] فقالَ الرَّبُّ لِموسى: «الَّذي خَطِئَ إِلَيَّ إِيَّاه أَمْحو مِن كِتابي.
[34] والآنَ ٱذهَبْ وقُدِ الشَّعبَ إِلى حَيثُ قُلتُ لَكَ. هُوَذا مَلاكي يَسيرُ أَمامَكَ، وفي يَومِ عِقابي أُعاقِبُه بِخَطيئَتِه».
[35] وضَرَبَ الرَّبُّ الشَّعبَ لأَنَّه صَنَعَ العِجْلَ، ذٰلك الَّذي صَنَعَه هارون.