< سفر الجامعة 9

Listen to this chapter • 2 min
[1] هٰذا كُلُّه وَجَّهتُ قَلْبي إِلَيه، وٱختَبَرتُهُ كُلَّه: أَنَّ الأَبْرارَ والحُكَماءَ وأَعْمالَهم في يَدِ الله، حتَّى إِنَّ الإِنْسانَ لا يَعرِفُ الحُبَّ أَوِ البُغْض، فكِلاهُما باطِلٌ أَمامَه،
[2] لِلجَميعِ مَصيرٌ واحِد: لِلبارِّ والشِّرِّير: لِلصَّالِحِ والطَّالِح، لِلطَّاهِرِ والنَّجِس، لِلذَّابِحِ ولِغَيرِ الذَّابِح. الصَّالِحُ مِثلُ الخاطِئ والَّذي يَحلِفُ كالَّذي يَتَّقي الحَلِف.
[3] وشَرُّ ما يَجْري تَحتَ الشَّمْسِ أَن يَكونَ لِلجَميعِ مَصيرٌ واحِد، فتَمتَلِئُ قُلوبُ بَني البَشَرِ مِنَ الخُبْث، وصُدورُهم مِنَ الجُنونِ في حَياتِهم، وفيما بَعدُ يَصيرونَ إِلى الأَمْوات.
[4] مع أَنَّ الَّذي لَه صِلَةٌ بِجَميعِ الأَحْياء لَه رَجاء، لأَنَّ الكَلْبَ الحَيَّ خَيرٌ مِنَ الأَسَدِ المَيْت.
[5] والأَحْياءُ يَعلَمونَ أَنَّهم سيَموتون أَمَّا الأَمْواتُ فلا يَعلَمونَ شَيئًا، ولم يَبقَ لَهم جَزاءٌ، إِذ قد نُسِيَ ذِكرُهم.
[6] حُبُّهم وبُغضُهم وغَيرَتُهم قد هَلَكَت، ولَيسَ لَهم نَصيبٌ لِلأَبَد في كُلِّ ما يَجْري تَحتَ الشَّمْس.
[7] فٱذهَبْ وكُلْ خُبزَكَ بِفَرَح، وٱشرَبْ خَمرَكَ بِقَلبٍ مَسْرور، لأَنَّ اللهَ قد رَضِيَ عن أَعْمالِكَ.
[8] لِتَكُنْ ثِيابُكَ بَيضاءَ في كُلِّ حين، ولا يَنقُصِ الطِّيبُ عن رَأسِكَ.
[9] تَمَتَّعْ بِالعَيشِ مع المَرأَةِ الَّتي أَحبَبتَها جَميعَ أَيَّامِ حَياتِكَ الباطِلَة، الَّتي أُوتيتَها تَحتَ الشَّمس، جَميعَ أَيَّامِكَ الباطِلَة، فإِنَّ ذٰلك نَصيبُكَ في الحياة، وفي التَّعَبِ الَّذي تُعانيه تَحتَ الشَّمْس.
[10] كُلُّ ما تَصِلُ إِلَيه يَدُكَ مِن عَمَل فٱعمَلْه بِقُوَّتِكَ، فإِنَّه لا عَمَلَ ولا حُسْبانَ ولا عِلمَ ولا حِكمَةَ في مَثْوى الأَمْواتِ الَّذي أَنتَ صائِرٌ إِلَيه.
[11] إِلتَفَتُّ فرَأَيتُ تَحتَ الشَّمْس أَن لَيسَ الجَرْيُ لِلخَفيف، ولا القِتالُ لِلأَبْطال ولا الخُبزُ لِلحُكَماء، ولا الغِنى لِذَوي الفِطنَة ولا الحُظْوَةُ لِلعُلَماء: لأَنَّ الآوِنَةَ والطَّوارِئَ تُفاجِئُهم كافَّةً.
[12] إِنَّ الإِنْسانَ لا يَعلَمُ وَقتَه فإِنَّه كالأَسْماكِ الَّتي تُؤخَذُ بِشَبَكَةٍ مُهلِكَة، وكالعَصافيرِ الَّتي تُصْطادُ بِفِخاخ، كذٰلك يُؤخَذُ بَنو البَشَرِ في وَقتِ السُّوء حينَ يَقَعُ علَيهم بَغتَةً.
[13] رَأَيتُ أَيضًا حِكمةً تَحتَ الشَّمس، وكانَت عَظيمةٌ لَدَيَّ:
[14] مَدينةٌ صَغيرةٌ فيها رِجالٌ قَليلون، أَقبَلَ علَيها مَلِكٌ عَظيمٌ وحاصَرَها، وبَنى علَيها حُصونًا كَبيرة،
[15] فوَجَدَ فيها رَجُلًا مِسْكينًا حَكيمًا، فنَجَّى المَدينَةَ بِحِكمَتِه، ثُمَّ لم يَذكُرْ أَحَدٌ ذٰلك الرَّجُلَ المِسْكين.
[16] فقُلتُ: «إِنَّ الحِكمَةَ خَيرٌ مِنَ القُوَّة، ومعَ ذٰلك فحِكمَةُ المِسْكينِ مُزْدراة، وكَلامُه غَيرُ مَسْموع.
[17] كَلامُ الحُكَماءِ المَسْموعُ في السَّكينَة أَفضَلُ مِن صُراخِ ذي السُّلْطانِ بَينَ الجُهَّال.
[18] الحِكمَةُ خَيرٌ مِن آلاتِ الحَرْب. وخاطِئٌ واحِدٌ يُضيعُ خَيرًا جَزيلًا.