< سفر أعمال الرسل 26

Listen to this chapter • 4 min
[1] فقالَ أَغْريبَّا لِبُولس: «يُؤذَنُ لَكَ أَن تَتَكَلَّمَ في شأنِكَ». فبَسَطَ بولُسُ يَدَه وشَرَعَ في دِفاعِه قال:
[2] «أَراني سَعيدًا، أَيُّها المَلِكُ أَغْريبَّا، لأَنِّي سأُدافِعُ اليَومَ عن نَفْسي، في حَضرَتِكَ، مِن كُلِّ ما يَتَّهِمُني بِه اليَهود،
[3] خُصوصًا إِنَّكَ تَعرِفُ كُلَّ ما لِليَهودِ مِن سُنَنٍ ومُجادَلات. فأَسأَلُكَ أَن تُصغِيَ إِلَيَّ بِطولِ أَناة.
[4] ما كانَت علَيه سيرتي مُنذُ صِبايَ الَّذي قَضَيتُه مِن أَوَّلِه في أُمَّتي وفي أُورَشَليم، ذٰلكَ أَمرٌ يعلَمُه جَميعُ اليَهود،
[5] فهُم يَعرِفوني مِن زَمَنٍ بَعيد، لَو شاؤُوا أن يَشهَدوا، يَعرِفونَ أَنِّي ٱتَّبَعتُ أَكثَرَ مَذاهِبِ دِيانتِنا تَشَدُّدًا، فَعِشتُ فِرِّيسِيًّا.
[6] وقد مَثَلتُ اليَومَ لأُحاكَمَ مِن أَجْلِ رَجاءِ ما وَعَدَ اللهُ بِه آباءَنا،
[7] والَّذي يَرْجو أَسْباطُنا الاِثْنا عَشَرَ أَن يَبْلُغوا إِلَيه بالمُواظَبةِ على عِبادَةِ اللهِ لَيلَ نَهار. فبِهٰذا الرَّجاءِ، أَيُّها المَلِك، يَتَّهِمُني اليَهود.
[8] فلِماذا تَحسَبونَ أَمرًا لا يُصَدَّق أَن يُقيمَ اللهُ الأَموات؟
[9] أَمَّا أَنا فكُنتُ أَرى واجِبًا علَيَّ أَن أُقاوِمَ ٱسمَ يسوعَ النَّاصِرِيِّ مُقاوَمَةً شَديدة.
[10] وهٰذا ما فَعلتُ في أُورَشَليم، إِذ تَلَقَّيتُ التَّفويضَ مِن عُظَماءِ الكَهَنَة، فحَبَستُ بِيَدي في السُّجونِ عَدَدًا كَثيرًا مِنَ القِدِّيسين، وكُنتُ مُوافِقًا لَمَّا ٱقتُرِعَ على قَتْلِهم.
[11] وكَثيرًا ما عَذَّبتُهم مُتَنَقِّلاً مِن مَجمَعٍ إِلى مَجمَعٍ لأَحمِلَهم على التَّجْديف. وبَلَغَ مِنِّي السُّخْطُ كُلَّ مَبلَغ حتَّى أَخَذتُ أُطارِدُهم في المُدُنِ الغَريبة.
[12] فمَضَيتُ على هٰذه الحالِ إِلى دِمَشق، وليَ التَّفويضُ والتَّوكيلُ مِن عُظَماءِ الكَهَنَة.
[13] فرَأَيتُ أَيُّها المَلِكُ على الطَّريقِ عِندَ الظُّهرِ نورًا مِنَ السَّماءِ يَفوقُ الشَّمسَ بإِشعاعِه قد سَطَعَ حَولي وحَولَ رُفَقائي.
[14] فسَقَطْنا جَميعًا إِلى الأَرض، وسَمِعتُ صَوتًا يَقولُ لي بِالعِبرِيَّة: شاوُل، شاوُل، لِماذا تَضطَهِدُني؟ يَصعُبُ عَليكَ أَن تَرفِسَ المِهْماز.
[15] فقُلتُ: مَن أَنتَ يا رَبّ؟ قال الرَّبّ: أَنا يسوعُ الَّذي أَنتَ تَضطَهِدُه.
[16] فٱنهَضْ وقُمْ على قَدَمَيكَ فإِنَّما ظَهَرتُ لَكَ لأَجعَلَ مِنكَ خادِمًا وشاهِدًا لِهٰذهِ الرُّؤْيا الَّتي رَأَيتَني فيها، ولِغَيرِها مِنَ الرُّؤَى الَّتي سأَظهَرُ لكَ فيها.
[17] سأُنقِذُكَ مِنَ الشَّعبِ ومِنَ الوَثَنِيِّينَ الَّذينَ أُرسِلُكَ إِلَيهم،
[18] لِتَفتَحَ عُيونَهم فيَرجِعوا مِنَ الظَّلامِ إِلى النُّور، ومِن سُلطانِ الشَّيطانِ إِلى الله، ويَنالوا بِالإِيمانِ بي غُفْرانَ الخَطايا ونَصيبَهم مِنَ الميراثِ في عِدادِ المُقَدَّسين.
[19] ومِن ذاك الحين لم أَعْصِ الرُّؤيا السَّماوِيَّة، أَيُّها المَلِكُ أَغْريبَّا،
[20] بل أَعلَنتُ لِلَّذينَ في دِمَشقَ أَوَّلاً، ثُمَّ لأَهلِ أُورَشَليمَ وبِلادِ اليَهودِيَّةِ كُلِّها، ثُمَّ لِلوَثَنِيِّين، أَن يَتوبوا ويَرجِعوا إِلى الله، بالقِيامِ بِأَعمالٍ تَدُلُّ على التَّوبَة.
[21] فلِذٰلكَ قَبَضَ عليَّ اليَهودُ في الهَيكَل، وحاوَلوا قَتْلي،
[22] وأَنا بِعَونِ اللهِ قد مَثَلتُ إِلى اليَومِ شاهِدًا لِلصَّغيرِ والكَبير، ولا أَقولُ إِلاَّ ما أَنبأَ الأَنبِياءُ وموسى بِحُدوثِه
[23] مِن أَنَّ المسيحَ سيَتأَلَّمُ وأَنَّه، وهو أَوَّلُ القائمينَ مِن بَينِ الأَموات، سيُبَشِّرُ الشَّعْبَ والوَثَنِيِّينَ بِالنُّور».
[24] وبَينَما هو يُدافِعُ عن نَفسِه بِهٰذا الكَلامِ، قالَ فَسطُس بِأَعلى صَوتِه: «جُنِنْتَ يا بولُس، فَإِنَّ تَبَحُّرَكَ في العِلمِ يَنتَهي بِكَ إِلى الجُنون».
[25] فقالَ بولُس: «لَستُ بِمَجنونٍ يا فَسطُسُ المُكَرَّم، ولٰكِنِّي أَتكَلَّمُ كَلامَ الحَقِّ والعَقْل.
[26] فالمَلِكُ الَّذي أُوَجِّهُ إِلَيه هٰذا الخِطابَ مُطمَئِنًّا يَعرِفُ تِلكَ الأُمور ويَقيني أَنَّه لا تَخْفى علَيه خافِيَةٌ مِنها، ذٰلِك بِأَنَّها لم تَحْدُثْ في بُقْعَةٍ مُنزَوِيَة.
[27] أُتُؤمِنُ بِالأَنبِياءِ أَيُّها المَلِكُ أَغْريبَّا؟ أَنا أَعلَمُ أَنَّكَ تُؤمِنُ بِهم».
[28] فقالَ أَغْريبَّا لِبُولس: «تُريدُ أَن تُقنِعَني بأَنَّكَ بِوَقتٍ قليلٍ جَعَلتَني مَسيحِيًّا».
[29] قالَ بولُس: «إِنِّي أَرْجو مِنَ الله، لَيسَ لَكَ وَحدَكَ، بل لِجَميعِ الَّذينَ يَسمَعوني اليَوم، أَن يَصيروا، بالقَليلِ أَو بِالكَثير، إِلى ما أَنا علَيه، ما عَدا هٰذهِ القُيود».
[30] فقامَ المَلِكُ والحاكِمُ وبَرنيقَة والجالِسونَ معَهم،
[31] فقالَ بَعضُهم لِبَعضٍ وهُم مُنصَرِفون: «إِنَّ هٰذا الرَّجُلَ لا يَفعَلُ شَيئًا يَستَوجِبُ بِه المَوتَ أَوِ الِٱعتِقال».
[32] وقالَ أَغْريبَّا لِفَسطُس: «لو لم يَرْفَعْ هٰذا الرَّجُلُ دَعْواه إِلى قَيصَر لأَمكَنَ إِخلاءُ سَبيلِه».