< سفر أعمال الرسل 20

Listen to this chapter • 4 min
[1] ولمَّا سَكَنَ الضَّجيج، دَعا بولُسُ التَّلاميذَ فشَدَّدَ عَزائِمَهم. ثُمَّ ودَّعَهم، فخَرَجَ ومَضى إِلى مَقْدونيَة.
[2] فطافَ تِلكَ النَّواحي وشَدَّدَ عَزائِمَ المُؤمِنينَ بِكلامٍ كثير. ثُمَّ قَدِمَ بِلادَ اليُونان
[3] فقَضى فيها ثَلاثَةَ أَشهُر. وبَينَما هو يَهُمُّ بِالإِبحارِ إِلى سورِية، أَخَذَ اليَهودُ يَتآمَرونَ عليه، فعَزمَ على العَودَةِ بِطريقِ مَقْدونية.
[4] فرافقَه صَوبَطْرُسُ بنُ بِرُّسَ البِيريّ، وأَرِسْطَرخُس وسِقُنْدُسُ التَّسالونيقِيَّان، وغايُوسُ الدَّرْبيّ وطيموتاوُس، وطِيخيقُس وطَروفيمُسُ الآسِيَّان.
[5] فتَقَدَّمونا وٱنتَظَرونا في طَرُواس.
[6] أَمَّا نَحنُ فأَبَحَرْنا مِن فيلِبِّي بَعدَ أَيَّامِ الفَطير، وبَلَغْنا إِلَيهم في طَرُواس بَعدَ خَمسَةِ أَيَّام، فَمَكَثْنا فيها سَبعَةَ أَيَّام.
[7] وٱجتَمَعْنا يَومَ الأَحَدِ لِكَسْرِ الخُبز، فأَخَذَ بولُسُ يُخاطِبُهم، وكانَ يُريدُ الذَّهابَ في الغَد، فأَطالَ الكَلامَ إِلى مُنتَصَفِ اللَّيل.
[8] وكانَ في العُلِّيَّةِ الَّتي ٱجتَمَعْنا فيها مَصابيحُ كَثيرة.
[9] وهُناكَ فَتًى ٱسمُه أَفطيخُس جالِسٌ على حَرفِ النَّافِذَة. فأَخَذَه نُعاسٌ شديد وبولُسُ يُطيلُ الكَلام، فٱستَغرَقَ في النَّوم فسَقَطَ مِنَ الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ إِلى أَسفَلِ وحُمِلَ مَيْتًا.
[10] فنَزَلَ بولُس وحَنا علَيه وضَمَّه إِلى صَدرِه، وقال: «لا تَجزَعوا، فإِنَّ روحَه فيه».
[11] ثُمَّ صَعِدَ فكَسَرَ الخُبزَ فأَكَلَ. وحَدَّثَهم طَويلاً إِلى الفَجرِ ومَضى.
[12] وأَمَّا الصَّبِيُّ فأَتَوا بِه حَيًّا، فكانَ لَهم عَزاءٌ كَبير.
[13] أَمَّا نَحنُ فتَقَدَّمناه ورَكِبْنا السَّفينَة فأَقلَعْنا إِلى أَسُّس، نُريدُ أَن نَستَصحِبَ مِنها بولُسَ على الخُطَّةِ الَّتي رَسَمَها لأَنَّه عَزَمَ على القُدومِ في البَرّ.
[14] فَلَمَّا لَحِقَ بِنا إِلى أَسُّس، صَعِدنا بِه إِلى السَّفينَة، وجِئْنا مِطيلَنَة.
[15] ثُمَّ أَبحَرْنا مِنها في اليَومِ الثَّاني حتَّى شارَفْنا خِيوس. وحاذَيْنا صامُس في اليَومِ الثَّالِث، وأَتَينا ميليطِش في اليَومِ الرَّابِع،
[16] لأَنَّ بولُسَ رأَى أَن يُجاوِزَ أَفَسُس مَخافَةَ أَن يَتَأَخَّرَ في آسِيَة، وأَرادَ العَجَلَةَ لَعَلَّه يَصِلُ إِلى أُورَشَليمَ يَومَ العَنصَرة.
[17] فأَرسَلَ مِن ميليطِش إِلى أَفَسُس يَستَدعي شُيوخَ الكَنيسَة.
[18] فلَمَّا قَدِموا إِلَيه قالَ لَهم: «تَعلَمونَ كَيفَ كانَت مُعامَلَتي لَكُم طَوالَ المُدَّةِ الَّتي قَضَيتُها مُنذُ أَوَّلِ يَومٍ وَطِئتُ فيه أَرضَ آسِيَة.
[19] فقَد عَمِلتُ لِلرَّبِّ بِكُلِّ تَواضُع، أَذرِفُ الدُّموع وأُعاني المِحَنَ الَّتي أَصابَتْني بِهَا مَكايِدُ اليَهود.
[20] وما قَصَّرتُ في شَيءٍ يُفيدُكم، بل كُنتُ أَعِظُكم وأُعَلِّمُكم في الأَماكِنِ العامَّةِ والبُيوت.
[21] فكُنتُ أُناشِدُ اليَهودَ واليونانِيِّينَ أَن يَتوبوا إِلى الله ويُؤمِنوا بِرَبِّنا يسوع.
[22] وهاءَنَذا اليَومَ ماضٍ إِلى أُورَشَليم أَسيرَ الرُّوح، لا أَدري ماذا يَحدُثُ لي فيها.
[23] على أَنَّ الرُّوحَ القُدُسَ يُؤَكِّدُ لي في كُلِّ مَدينَةٍ أَنَّ السَّلاسِلَ والشَّدائِدَ تَنتَظِرُني.
[24] ولٰكِنِّي لا أُبالي بِحَياتي ولا أَرى لها قيمَةً عِنْدي، فحَسبي أَن أُتِمَّ شَوطي وأُتِمَّ الخِدمَةَ الَّتي تَلَقَّيتُها مِنَ الرَّبِّ يسوع، أَي أَن أَشهَدَ لِبِشارَةِ نِعمَةِ الله.
[25] وأَنا أَعلَمُ الآنَ أَنَّكم لن تَرَوا وَجْهي بَعدَ اليَوم، أَنتُمُ الَّذينَ سِرتُ بَينَهم كُلِّهم أُبَشِّرُ بِالمَلكوت.
[26] لِذٰلكَ أَشهَدُ اليَومَ أَمامَكم أَنِّي بَريءٌ مِن دَمِكم جَميعًا،
[27] لأَنِّي لم أُقَصِّرْ في إِبلاغِكم تَدبيرَ اللهِ كُلَّه.
[28] فتَنَبَّهوا لأَنفُسِكم ولِجَميع القَطيع الَّذي جَعَلَكُمُ الرُّوحُ القُدُسُ حُرَّاسًا لَه لِتَسهَروا على كَنيسَةِ اللهِ الَّتي ٱكتَسَبَها بِدَمِه.
[29] وأَنا أَعلَمُ أَن سيَدخُلُ فيكم بَعدَ رَحيلي ذِئابٌ خاطِفَة لا تُبقي على القَطيع
[30] ويَقومُ مِن بَينِكم أَنفُسِكم أُناسٌ يَتَكَلَّمونَ بِالضَّلال لِيَحمِلوا التَّلاميذَ على ٱتِّباعِهم.
[31] فتَنَبَّهوا وٱذكُروا أَنِّي لم أَكُفَّ مُدَّةَ ثَلاثِ سَنواتٍ، لَيلَ نَهار، عن نُصْحِ كُلٍّ مِنكم وأَنا أَذرِفُ الدُّموع.
[32] والآنَ أَستودِعُكُمُ اللهَ وكَلِمَةَ نِعمَتِه وهُوَ القَادِرُ على أَن يَشيدَ البُنْيان ويَجعَلَ لَكمُ الميراثَ مع جَميعِ المُقَدَّسين.
[33] ما رَغِبتُ يَومًا في فِضَّةٍ ولا ذَهَبٍ ولا ثَوبٍ عِندَ أَحَد،
[34] وأَنتُم تَعلَمونَ أَنَّ يَدَيَّ هاتَينِ سَدَّتا حاجَتي وحاجاتِ رُفَقائي
[35] وقَد بَيَّنتُ لَكم بِأَجْلى بَيان أَنَّه بِمِثْلِ هٰذا الجَهْدِ يَجِبُ علَينا أَن نُسعِفَ الضُّعَفاء ذاكرينَ كَلامَ الرَّبِّ يسوعَ وقَد قالَ هو نَفْسُه: «السَّعادَةُ في العَطاءِ أَعظَمُ مِنها في الأَخْذ».
[36] قالَ هٰذا ثُمَّ جَثا فصَلَّى معَهم جَميعًا
[37] وفاضَت دُموعُهم أَجمَعين، فأَلقَوا بِأَنفُسِهم على عُنُقِ بولُسَ وقَبَّلوه طَويلاً،
[38] مَحْزونينَ خُصوصًا لِقولِه إِنَّهم لن يَرَوا وَجْهَه بَعدَ اليَوم. ثُمَّ شيَّعوه إِلى السَّفينَة.