< سفر صموئيل الثاني 18

Listen to this chapter • 5 min
[1] وٱستَعرَضَ داوُدُ الشَّعبَ الَّذي معَه، وأَقامَ علَيه رُؤَساءَ أُلوفٍ ورُؤَساءَ مِئات.
[2] وقَسَمَ داوُدُ الشَّعبَ إِلى ثَلاثَة: ثُلثٌ تَحتَ يَدِ يوآب، وثُلثٌ تَحتَ يَدِ أَبيشايَ ٱبنِ صَوريَة، أَخي يوآب، وثُلثٌ تَحتَ يَدِ إِتَّايَ الجَتِّيّ. وقالَ المَلِكُ لِلشَّعْب: «أَنا أَيضًا أَخرُجُ معَكم».
[3] لٰكِنَّ الشَّعبَ قال: «لا تَخرُجْ أَنتَ، لأَنَّنا إِذا هَرَبنا نَحنُ، لا يُبالونَ بِنا، وإِذا ماتَ نِصْفُنا، لا يُبالونَ بِنا. أَمَّا أَنتَ فكَعَشَرَةِ آلافٍ مِنَّا. فالأَفضَلُ أَن تَكونَ لَنا نَجدَةً مِنَ المَدينة».
[4] فقالَ لَهمُ المَلِك: «ما يَحسُنُ في عُيونِكم أَصنَعُه». فوَقَفَ المَلِكُ بجانِبِ الباب، وخَرَجَ الشَّعبُ كُلُّه مِئَةً مِئَةً وأَلْفًا أَلْفًا.
[5] وأَمَرَ المَلِكُ يوآبَ وأَبيشايَ وإِتَّايَ فقالَ لَهم: «تَرَفَّقوا لي بِالفَتى أَبْشالوم». وسَمِعَ الشَّعبُ كُلُّه ما أَوصى بِه المَلِكُ جَميعَ القُوَّادِ في أَمرِ أَبْشالوم.
[6] وخَرَجَ الشَّعبُ إِلى البَرِّيَّةِ لِلِقاءِ إِسْرائيل. وكانَ القِتالُ في غابَةِ أَفْرائيم.
[7] فٱنكَسَرَ هُناكَ جَيشُ إِسْرائيلَ أَمامَ رِجالِ داوُد، وكانَت هُناكَ هَزيمةٌ عَظيمةٌ في ذٰلك اليَوم، وقُتِلَ عِشرونَ أَلْفًا.
[8] وكانَ القِتالُ مُنتَشِرًا هُناكَ على وَجهِ تِلكَ الأَرضِ كُلِّها. وٱفتَرَسَتِ الغابَةُ مِنَ الشَّعبِ أَكثَرَ مِمَّا ٱفتَرَسَ السَّيفُ في ذٰلك اليَوم.
[9] وصادَفَ أَبْشالومُ رِجالَ داوُد، وكانَ أَبْشالومُ راكِبًا على بَغْلٍ، فدَخَلَ البَغلُ تَحتَ أَغْصانِ بَلُّوطَةٍ عَظيمة، فعَلِقَ رأسُه بالبَلُّوطَة، فبَقِيَ مُعَلَّقًا بَينَ السَّماءِ والأَرْض، ومَرَّ البَغلُ مِن تَحتِه.
[10] فرَآه رَجُلٌ فأَخبَرَ يوآبَ وقالَ لَه: «إِنِّي رأَيتُ أَبْشالومَ مُعَلَّقًا بِالبَلُّوطة».
[11] فقالَ يوآبُ لِلَّذي أَخبَرَه: «بما أَنَّكَ رَأَيتَه، فلِماذا لم تَضْرِبْه هُناكَ على الفَور؟ فكانَ علَيَّ أَن أُعطِيَكَ عَشَرَةً مِنَ الفِضَّةِ وزُنَّارًا».
[12] فقالَ الرَّجُلُ لِيوآب: «ولَو وَزَنتُ في راحَتَيَّ أَلفًا مِنَ الفِضَّة، لَما بَسَطتُ يَدي إِلى ٱبنِ المَلِك، لأَنَّ المَلِكَ أَوصاكَ على مَسامِعِنا، أَنتَ وأَبيشايَ وإِتَّايَ، وقال: راقِبوا مَن كانَ ضِدَّ الفَتى أَبْشالوم.
[13] ولَو كَذَبتُ على نَفْسي، لَما خَفِيَ على المَلِكِ شَيء، ولَكُنتَ أَنتَ قُمتَ بَعيدًا عنِّي».
[14] فقالَ يوآب: «إِنِّي لا أَتمَهَّلُ هٰكذا أَمامَكَ». وأَخَذَ بِيَدِه ثَلاثَةَ أَوتادٍ فغَرَسَها في قَلبِ أَبْشالوم، وكانَ لا يَزالُ حَيًّا في وَسَطِ البَلُّوطة.
[15] فأَحاطَ بِه عَشَرَةُ فِتْيانٍ حامِلو سِلاحِ يوآب، وضَرَبوا أَبْشالومَ وقَتَلوه.
[16] ونَفَخَ يوآبُ في البوق، فكَفَّ الجُندُ عن تَعَقُّبِ إِسْرائيل، لأَنَّ يوآبُ رَدَّ الجُنْد.
[17] وأَخَذوا أَبْشالومَ وطَرَحوه في الغابَةِ في حُفْرَةٍ كَبيرة، وجَمَعوا فَوقَه كَومَةً مِنَ الحِجارَةِ كَبيرةً جِدًّا. وكانَ كُلُّ إِسْرائيلَ قد هَرَبَ كُلُّ ٱمرِئٍ إِلى خَيمَتِه.
[18] وكانَ أَبْشالومُ في حَياتِه قد أَخَذَ يُقيمُ لِنَفْسِه النُّصُبَ الَّذي في وادي المَلِك، لأَنَّه قالَ في نَفْسِه: «لَيسَ لِيَ ٱبنٌ يَذكُرُ ٱسْمي». ودَعا النُّصُبَ بِٱسمِه، وهو يُدْعى «نُصُبَ أَبْشالومَ» إِلى هٰذا اليَوم.
[19] وإِنَّ أَحيماعَصَ بنَ صادوقَ قال: «دَعْني أَركُضُ وأُبَشِّرُ المَلِكَ بِأَنَّ اللهَ قد أَنصَفَه فخلَّصَه مِن أَعْدائِه».
[20] فقالَ لَه يوآب: «لَستَ بِصاحِبِ بُشْرى في هٰذا اليَوم، وإِنَّما تُبَشِّرُ في يَومٍ آخَر. أَمَّا اليَومَ فلا تُبَشِّر، لأَنَّ ٱبنَ المَلِكِ قد مات».
[21] وقالَ يوآبُ لأَحَدِ الكوشِيِّين: «إِمْضِ فأَخبِرِ المَلِكَ بِما رَأَيتَ». فسَجَدَ الكوشِيُّ ورَكَض.
[22] وعادَ أَحيماعَصُ بنُ صادوقَ وقالَ لِيوآب: «مَهْما يَكُنْ فدَعْني أَركُضُ أَنا أَيضًا وَراءَ الكوشِيّ». فقالَ يوآب: «لِماذا تَركُضُ يا بُنَيَّ، ولَيسَ لَكَ بُشْرى تُكافَأ».
[23] فقال: مَهْما يَكُنْ، فإِنِّي أَركُض». فقالَ لَه: «أُركُضْ». فرَكَضَ أَحيماعَصُ في طَريقِ السَّهْلِ وسَبَقَ الكوشِيّ.
[24] وكانَ داوُدُ جالِسًا بَينَ البابَين، فصَعِدَ الرَّقيبُ على سَطحِ البابِ على السُّور، ورَفَعَ عَينَيه ونَظَر، فإِذا بِرَجُلٍ يَركُضُ وَحدَه.
[25] فنادى الرَّقيبُ وأَخبَرَ المَلِك، فقالَ المَلِك: «إِن كانَ وَحدَه فعَلى لِسانِه بُشْرى». وكانَ يَقتَرِبُ شَيئًا فشَيئًا،
[26] حينَ رأَى الرَّقيبُ رَجُلًا آخَرَ يَركُض. فنادى الرَّقيبُ البَوَّابَ وقال: «هُوَذا رَجُلٌ يَركُضُ وَحدَه». فقالَ المَلِك: «وهٰذا أَيضًا مُبَشِّر».
[27] فقالَ الرَّقيب: «أَرى رَكْضَ الأَوَّلِ كرَكْضِ أَحيماعَصَ بنِ صادوق». فقالَ المَلِك: «هٰذا رَجُلٌ صالِحٌ يَأتي بِبِشارةٍ صالِحة».
[28] فنادى أَحيماعَصُ وقالَ لِلمَلِك: «السَّلام»، وسَجَدَ لِلمَلِكِ بِوَجهِه إِلى الأَرضِ وقال: «تَبارَكَ الرَّبُّ إِلٰهُكَ الَّذي أَسلَمَ القَومَ الَّذينَ رَفَعوا أَيدِيَهم على سَيِّدي المَلِك».
[29] فقالَ المَلِك: «هل سَلِمَ الفَتى أَبْشالوم؟» فقالَ أَحيماعَص: «قد شاهَدتُ ضَجيجًا شَديدًا، حينَ أَرسَلَ يوآبُ خادِمَ المَلِكِ وعَبدَكَ، ولم أَعلَمْ ما كان».
[30] فقالَ المَلِك: «قِفْ على حِدَةٍ وٱنتَظِرْ هٰهُنا»، فوَقَفَ على حِدَةٍ وٱنتَظَر.
[31] وإِذا بِالكوشِيِّ قد وَصَل فقال: «بُشْرى لِسَيِّديَ المَلِك. إِنَّ الرَّبَّ قد أَنصَفَكَ وخَلَّصَكَ اليَومَ مِن جَميعِ الثَّائِرينَ علَيكَ».
[32] فقالَ المَلِكُ لِلْكوشِيّ: «هل سَلِمَ الفَتى أَبْشالوم؟» فقالَ الكوشِيّ: «يَكونُ كالفَتى أَعْداءُ سَيِّدِيَ المَلِكِ وجَميعُ الَّذينَ ثاروا علَيكَ بالشَّرّ».