< سفر صموئيل الثاني 15

Listen to this chapter • 5 min
[1] وكانَ بَعدَ ذٰلك أَنَّ أَبْشالومَ ٱتَّخَذَ لَه مَركَبَةً وخَيلًا وخَمْسينَ رَجُلًا يركُضونَ أَمامَه.
[2] وكانَ أَبْشالومُ يُبَكِّرُ فيُقيمُ بِجانِبِ طَريقِ الباب. فكُلُّ مَن كانَت لَه دَعْوى يُريدُ أَن يَحتَكِمَ إِلى المَلِك، يَدْعوه أَبْشالومُ إِلَيه ويَقول: «مِن أَيِّ مَدينةٍ أَنتَ؟» فيَقول: «عَبدُكَ مِن أَحَدِ أَسْباطِ إِسْرائيل».
[3] فيَقولُ لَه أَبْشالوم: «أُنظُرْ! إِنَّ قَضِيَّتَكَ صالِحَةٌ عادِلَة، ولٰكِن لَيسَ لَكَ عِندَ المَلِكِ مَن يَسمَعُ لَكَ». وكانَ أَبْشالومُ يقول:
[4] «مَنِ الَّذي يَجعَلُني قاضِيًا في الأَرض، فيَأتيني كُلُّ ذي دَعْوى وقَضِيَّة، فأُنصِفُه».
[5] فإِذا دَنا أَحَدٌ لِيَسجُدَ لَه، كانَ يَمُدُّ يَدَه ويُمسِكُه ويُقَبِّلُه.
[6] وكانَ أَبْشالومُ يَفعَلُ مِثلَ ذٰلك مع كُلِّ إِسْرائيلَ الَّذي كانَ يأتي لِيَحتَكِمَ إِلى المَلِك. فكانَ أَبْشالُومُ يَستَرِقُ قُلوبَ رِجالِ إِسْرائيل.
[7] وكانَ بَعدَ أَربعِ سَنَواتٍ أَنَّ أَبْشالومَ قالَ لِلمَلِك: «دَعْني أَمْضي فأَفي نَذْريَ الَّذي نَذَرتُه لِلرَّبِّ في حَبْرون،
[8] ذٰلك بِأَنَّ عَبدَكَ نَذَرَ نَذْرًا حينَ كُنتُ مُقيمًا بِجَشورَ في أَرام، وقُلتُ: إِن رَدَّني الرَّبُّ إِلى أُورَشَليم، أَعبُدُ الرَّبّ».
[9] فقالَ لَه المَلِك: «إِذهَبْ بِسَلام». فقامَ وذَهَبَ إِلى حَبْرون.
[10] وأَرسَلَ أَبْشالومُ جَواسيسَ إِلى جَميعِ أَسْباطِ إِسْرائيلَ وقال: «إِذا سَمِعتُم صَوتَ البوق، فقولوا: قد مَلَكَ أَبْشالومُ في حَبْرون».
[11] وسارَ مع أَبْشالومَ مِئَتا رَجُلٍ مِن أُورَشَليمَ قد دُعوا. فذَهَبوا على سَلامَةِ نِيَّةٍ وهم لا يَعلَمونَ شَيئًا.
[12] فبَعَثَ أَبْشالومُ إِلى أَحيتوفَلَ الجيلونِيِّ، مُستَشارِ داوُد، فدَعاه مِن مَدينَتِه جيلو، بَينَما كانَ هو يَذبَحُ الذَّبائِح. وٱشتَدَّتِ المُؤامَرَة، وكانَ الشَّعبُ لا يَزالُ يَتَزايَدُ عِندَ أَبْشالوم.
[13] فجاءَ إِلى داوُدَ مُخبِرٌ وقال: «إِنَّ قُلوبَ رِجالِ إِسْرائيلَ صارَت وَراءَ أَبْشالوم».
[14] فقالَ داوُدُ لِجَميعِ حاشِيَتِه الَّذينَ معَه في أُورَشَليم: «قوموا بِنا نَهرُب، لأَنَّه لا يَكونُ لَنا مَفَرٌّ مِن وَجهِ أَبْشالوم. بادِروا بِالذَّهاب، لِئَلاَّ يُسرِعَ ويُدرِكَنا ويُنزِلَ بِنا الشَّرَّ ويَضرِبَ المَدينَةَ بِحَدِّ السَّيف».
[15] فقالَ لِلمَلِكِ حاشِيَتُه: «كُلُّ ما يَخْتارُه سَيِّدُنا المَلِك، فَحنُ عَبيدُك».
[16] فخَرَجَ المَلِكُ وكُلُّ بَيتِه مُشاةً، وتَرَكَ المَلِكُ عَشرًا مِنَ السَّرارِيِّ لِحِفْظِ البَيت.
[17] وهٰكذا فقد خَرَجَ المَلِكُ وكُلُّ الشَّعبِ معَه مُشاةً ووَقَفوا عِندَ آخِرِ بَيت.
[18] وكانَ جَميعُ رِجالِه يَمُرُّونَ بِقُربِه، مع جَميعِ الكَريتِيِّينَ والفَليتِيِّين. وكانَ جَميعُ الجَتِّيِّين، وهم سِتُّ مِئَةِ رَجُلٍ كانوا قد جاؤوا مِن جَتّ، يَعبُرونَ أَمامَ المَلِك.
[19] فقالَ المَلِكُ لأَتَّايَ الجَتِّيّ: «لِماذا أَنتَ أَيضًا آتٍ معَنا؟ إِرجَعْ وأَقِمْ مع المَلِك، لأَنَّكَ غَريبٌ نازِحٌ عن وَطَنِكَ.
[20] أَمْسًا أَتَيتَنا، واليَومَ أَجعَلُكَ تَتيهُ لِتَذهَبَ معَنا، بَينَما أَنا هائِمٌ على وَجْهي! فٱرجِعْ ورُدَّ إِخوَتَكَ معَكَ، والرَّبُّ يَصنَعُ إِلَيكَ رَحمَةً ووَفاءً».
[21] فأَجابَ إِتَّايُ وقالَ لِلمَلِك: «حَيٌّ الرَّبّ! وحَيٌّ سَيِّدي المَلِك! فحَيثُما كانَ سَيِّدي المَلِك، سَواءٌ كانَ لِلمَوتِ أَو لِلحَياة، فهُناكَ يَكونُ عَبدُكَ».
[22] فقالَ داوُدُ لإِتَّاي: «إِذهَبْ وٱعبُرْ». فعَبَرَ إِتَّايُ الجَتِّيُّ وجَميعُ رِجالِه وكُلُّ العِيالِ الَّذينَ كانوا معَه.
[23] وكانَ أَهْلُ البَلَدِ كُلُّهم يَبْكونَ بِصَوتٍ عَظيم، وكانَ الشَّعبُ كُلُّهم يَعبُرونَ وادِيَ قِدْرون، ثُمَّ عَبَرَ المَلِكُ. وجازَ الشَّعبُ كُلُّه وأَخَذَ في طَريقِ البَرِّيَّة.
[24] وإِذا بِصادوقَ وجَميعِ اللاَّوِيِّينَ معَه يَحمِلونَ تابوتَ عَهدِ الله. فوَضَعوا تابوتَ عَهدِ الله، وأَصعَدَ أَبِياتارُ مُحرَقَةً، حتَّى ٱنتهى كُلُّ الشَّعبِ مِن مَغادَرَةِ المَدينَة.
[25] فقالَ المَلِكُ لِصادوق: «رُدَّ تابوتَ اللهِ إِلى المَدينة، فإِن أَنا نِلتُ حُظوَةً في عَينَيِ الرَّبّ، فإِنَّه يَرُدُّني ويُريني إِيَّاه مع مَسكِنِه:
[26] وإِن قال: إِنِّي لا أَرْضى عنكَ، فهاءَنَذا، ولْيَصْنَعْ بي ما يَحسُنُ في عَينَيه».
[27] ثُمَّ أَضافَ المَلِكُ وقالَ لِصادوقَ الكاهن: «تَرى المَوقِف، فٱرجِعْ إِلى المَدينَةِ بِسَلام، أَنتَ وأَحيماعَصُ ٱبنُكَ ويوناتانُ بنُ أَبِياتار، اِبْناكُما معَكما.
[28] أُنظُروا! إِنِّي مُتَأَخِّرٌ في مَعابِرِ البَرِّيَّة، حتَّى يَرِدَ علَيَّ نَبَأٌ مِنكم».
[29] فرَجَعَ صادوقُ وأَبِياتارُ بِتابوتِ اللهِ إِلى أُورَشَليم، وأَقاما هُناك.
[30] وصَعِدَ داوُدُ مُرْتَقى الزَّيتون، وكانَ يَصعَدُ باكِيًا ورَأسُه مُغَطًّى، وهو يَمْشي حافِيًا، وكُلُّ الشَّعبِ الَّذي معَه غَطَّى كُلُّ واحِدٍ رأسَه وصَعِدوا وهم يَبْكون.
[31] وأُخبِرَ داوُدُ فقيلَ لَه: «إِنَّ أَحيتوفَلَ مِنَ المُتآمِرينَ مع أَبْشالوم». فقالَ داوُد: «إِجعَلْ، يا رَبُّ، مَشورَةَ أَحيتوفَلَ حَمْقى».
[32] ولَمَّا ٱنتَهى داوُدُ إِلى قِمَّةِ الجَبَل، حَيثُ يُسجَدُ لله، إِذا بِحوشايَ الأَركِيِّ قد لَقِيَه وثِيابُه مُمَزَّقَةٌ وعلى رأسِه تُراب.
[33] فقالَ لَه داوُد: «إِن أَنتَ ذَهَبتَ معي، كُنتَ علَيَّ ثِقَلًا.
[34] ولٰكِن، إِذا رَجَعتَ إِلى المَدينةِ وقُلتَ لأَبشالوم: أَنا عَبدُكَ أَيُّها المَلِك، وكما كُنتُ عَبدَ أَبيكَ مِن قَبلُ، فالآنَ أَنا عَبدُكَ، فإِنَّكَ تُبطِلُ لِصالِحي مَشورَةَ أَحيتوفَل.
[35] أَوَلَيسَ مَعَكَ هُناكَ صادوقُ وأَبِياتارُ الكاهِنان؟ فكُلُّ كَلِمَةٍ تَسمَعُها مِن بَيتِ المَلِك، فأَخبِرْ بِها صادوقَ وأَبِياتارَ الكاهِنَين،
[36] ومَعَهما هُناكَ ٱبناهما أَحيماعَصُ بنُ صادوقَ ويوناتانُ بنُ أَبِياتار، فتُرسِلونَ إِلَيَّ على أَلسِنَتِهما كُلَّ كَلِمَةٍ تَسمَعونَها».
[37] فوَصَلَ حوشايُ، صَديقُ داوُد، إِلى المَدينة، وأَبْشالومُ داخِلٌ إِلى أُورَشَليم.