< سفر أخبار الأيام الثاني 32

Listen to this chapter • 5 min
[1] وبَعدَ أَعمالِ الأَمانَةِ هٰذه، زَحَفَ سَنْحاريب، مَلِكُ أَشُّور، وٱجْتاحَ يَهوذا وعَسكَرَ عِندَ المُدُنِ المُحَصَّنَةِ ونَوى أَن يَفتَتِحَها.
[2] فلَمَّا رأَى حِزقِيَّا أَنَّ سَنْحاريبَ قد أَتى قاصِدًا مُحارَبَةَ أُورَشَليم،
[3] عَقَدَ مَشورَةً مع رُؤَسائِه وأَبْطالِه في سَدِّ مِياهِ العُيونِ الَّتي في خارِجِ المَدينَة، فأَيَّدوه.
[4] فٱجتَمَعَ شَعبٌ كَثيرٌ وسَدُّوا جَميعَ العُيونِ والنَّهرَ الجارِيَ في وَسَطِ الأَرضِ قائِلين: «لِمَ يَأتي مُلوكُ أَشُّورَ ويَجِدونَ مِياهًا غَزِيرة؟».
[5] ثُمَّ تَشَدَّدَ وأَعادَ بِناءَ كُلِّ ما كانَ مَهْدومًا مِنَ السُّور، وعلَّى الأَبْراج، وبَنى سورًا آخَرَ في الخارِج، وحَصَّنَ مِلُّو، مَدينَةَ داوُد، وصَنَعَ حِرابًا وتُروسًا بِكَثرَة.
[6] وأَقامَ قُوَّادَ حَربٍ على الشَّعبِ وجَمَعَهم إِلَيه في ساحَةِ بابِ المَدينَة، وخاطَبَ قُلوبَهم قائِلًا:
[7] «تَشَدَّدوا وتَشَجَّعوا، ولا تَرتَعِدوا في وَجهِ مَلِكِ أَشُّور، ولا في وَجهِ كُلِّ الجُمْهورِ الَّذي معَه، لأَنَّ معَنا أَكثَرَ مِمَّن معَه.
[8] لَيسَ معَه إِلاَّ ذِراعُ بَشَر، ومعَنا الرَّبُّ إِلٰهُنا يَنْصُرُنا ويُحارِبُ حُروبَنا». فتَشَدَّدَ الشَّعبُ بِكَلامِ حِزقِيَّا، مَلِكِ يَهوذا.
[9] وبَعدَ ذٰلك، أَرسَلَ سَنْحاريب، مَلِكُ أَشُّور، رِجالَه إِلى أُورَشَليم، وهو عِندَ لاكيشَ بِكُلِّ قُوَّاتِه، إِلى حِزقِيَّا، مَلِكِ يَهوذا، وإِلى جَميعِ بَني يَهوذا الَّذينَ في أُورَشَليم، قائلًا:
[10] «هٰكذا قالَ سَنْحاريب، مَلِكُ أَشُّور: عَلامَ تَتَوَكَّلونَ حتَّى تُقيموا في الحِصارِ في أُورَشَليم؟
[11] أَلَيسَ أَنَّ حِزقِيَّا يُغْويكم لِيُسلِمَكم لِلمَوتِ جوعًا وعَطَشًا، بِقولِه: إِنَّ الرَّبَّ إِلٰهَنا يُنقِذُنا مِن يَدِ مَلِكِ أَشُّور؟
[12] أَلَيسَ حِزقِيَّا هٰذا هو الَّذي أَزالَ مَشارِفَه ومَذابِحَه وكَلَّمَ يَهوذا وأُورَشَليمَ قائِلًا: أَمامَ مَذبَحٍ واحِدٍ تَسجُدونَ وعلَيه تُحرِقونَ البَخور؟
[13] أَما تَعلَمونَ ما فَعَلتُ أَنا وآبائي بِجَميعِ شُعوبِ البِلاد؟ فهَل كانَت آلِهَةُ أُمَمِ تِلكَ البِلادِ تَقدِرُ أَن تُنقِذَ أَرضَها مِن يَدي؟
[14] فمَن مِن جَميعِ آلِهَةِ تِلكَ الأُمَمِ الَّتي حَرَّمَها آبائي قَدِرَ على إِنْقاذِ شَعبِه مِن يَدي، حتَّى يَقدِرَ إِلٰهُكم أَن يُنقِذَكم مِن يَدي؟
[15] فلا يَخدَعْكُمُ الآنَ حِزقِيَّا ولا يُغوِكم بِذٰلك، ولا تُصدِّقوه، لأَنَّه لم يَقْدِرْ إِلٰهُ أُمَّةٍ أَو مَمْلَكَةٍ أَن يُنقِذَ شَعبَه مِن يَدي ومِن أَيدي آبائي، أَفإِلٰهُكم بِالحَرِيِّ يُنقِذُكم مِن يَدي؟».
[16] وفيما كانَ رِجالُه لا يزالونَ يَتَكَلَّمونَ على الرَّبِّ الإلٰهِ وعلى عَبدِه حِزقِيَّا،
[17] كَتَبَ سَنْحاريبُ رِسالَةَ شَتْمٍ لِلرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرائيلَ وتَكَلَّمَ علَيه قائِلًا: «كما أَنَّ آلِهَةَ أُمَمِ البِلادِ لم تُنْقِذْ شُعوبَها مِن يَدي، فإِلٰهُ حِزقِيَّا أَيضًا لا يُنقِذُ شَعبَه مِن يَدي».
[18] وصَرَخَ رِجالُ سَنْحاريبَ بِصَوتٍ عَظيمٍ بِاليَهودِيَّةِ نَحوَ شَعبِ أُورَشَليمَ الَّذي على السُّورِ لِيُخَوِّفوه ويُرعِبوه، حتَّى يَستَولوا على المَدينَة.
[19] وتَكَلَّموا على إِلٰهِ أُورَشَليمَ بِمِثْلِ كَلامِهم على آلِهَةِ شُعوبِ الأَرضِ، صُنعِ أَيدي النَّاس.
[20] فصَلَّى حِزقِيَّا المَلِكُ وأَشَعْيا بنُ آموصَ النَّبِيُّ لأَجلِ ذٰلك وصَرَخا إِلى السَّماء،
[21] فأَرسَلَ الرَّبُّ مَلاكًا، فأَبادَ كُلَّ بَطَلِ بَأسٍ وقائدٍ ورَئيسٍ في مُعَسكَرِ مَلِكِ أَشُّور، فرَجَعَ بِخِزي وَجهٍ إِلى أَرضِه. ولَمَّا دَخَلَ بَيتَ إِلٰهِه، قَتَلَه هُناكَ بِالسَّيفِ بَعضُ الَّذينَ خَرَجوا مِن صُلْبِه.
[22] وخَلَّصَ الرَّبُّ حِزقِيَّا وسُكَّانَ أُورَشَليمَ مِن يَدِ سَنْحاريب، مَلِكِ أَشُّور، ومِن أَيدي الجَميع، وأَراحَهم مِن كُلِّ جِهَة.
[23] وجاءَ كَثيرونَ بِتَقدِمَةٍ لِلرَّبِّ في أُورَشَليمَ وبِتُحَفٍ لحِزقِيَّا، مَلِكِ يَهوذا، وعَظُمَ بَعدَ ذٰلك في عُيونِ جَميعِ الأُمَم.
[24] وفي تِلكَ الأَيَّام، مَرِضَ حِزقِيَّا مَرَضَ المَوت، فصَلَّى إِلى الرَّبِّ فكَلَّمه وأَعْطاه آيَة.
[25] إِلاَّ أَنَّ حِزقِيَّا لم يُقابِلْ ما أُنعِمَ بِه علَيه، لأَنَّ قَلبَه تَشامَخَ. فلِذٰلك كانَ الغَضَبُ علَيه وعلى يَهوذا وأُورَشَليم.
[26] ثُمَّ ٱتَضَعَ حِزقِيَّا مِن تَشامُخِ قَلبِه، هو وسُكَّانُ أُورَشَليم، فلَم يَحِلَّ بِهم غَضَبُ الرَّبِّ في أَيَّامِ حِزقِيَّا.
[27] وكانَ لحِزقِيَّا غِنًى ومَجدٌ عَظيمٌ جِدًّا، وعَمِلَ لِنَفسِه خَزائِنَ لِلفِضَّةِ والذَّهَبِ والحِجارَةِ الكَريمَةِ والأَطْيابِ والتُّروسِ ولِكُلِّ مَتاعٍ نَفيس،
[28] ومَخازِنَ لِغَلَّةِ الحِنطَةِ والنَّبيذِ والزَّيت، وإِسطَبلاتٍ لِكُلِّ نَوعٍ مِنَ البَهائِمِ وحَظائِرَ لِلماشِيَة.
[29] وأَنشأَ له مُدُنًا وقُطْعانًا كَثيرَةً مِنَ الغَنَمِ والبَقَر، لأَنَّ اللهَ رَزَقَه مالًا كَثيرًا جِدًّا.
[30] وحِزقِيَّا هو الَّذي سَدَّ مَخرَجَ الماءِ الأَعْلى في جيحون، وأَجْراه أَسفَلَ إِلى غَربيِّ مَدينَةِ داوُد. ونَجَحَ حِزقِيَّا في أَعْمالِه كُلِّها،
[31] حتَّى في أَمرِ سُفَراءِ رُؤَساءِ بابِلَ الَّذينَ أُرسِلوا إِلَيه لِيَسأَلوه عنِ الآيَةِ الَّتي حَدَثَت في تِلكَ الأَرض، فإِنَّ الرَّبَّ أَهمَلَه ٱمتِحانًا لَه لِيَعرِفَ كُلَّ ما في قَلبِه.
[32] وبَقِيَّةُ أَخْبارِ حِزقِيَّا ومَبَرَّاتُه مَكْتُوبَةٌ في رُؤْيا أَشَعْيا بنِ آموصَ النَّبِيِّ وفي سِفرِ مُلوكِ يَهوذا وإِسْرائيل.
[33] وٱضطَجَعَ حِزقِيَّا مع آبائِه ودُفِنَ في عَقَبَةِ قُبورِ بَني داوُد. وأَكرَمَه كُلُّ يَهوذا وسُكَّانِ أُورَشَليمَ إِكْرامًا عَظيمًا عِندَ مَوتِه. ومَلَكَ مَنَسَّى ٱبنُه مَكانَه.