< سفر صموئيل الثاني 17

Listen to this chapter • 5 min
[1] وقالَ أَحيتوفَلُ لأَبْشالوم: «دَعْني أَخْتارُ ٱثنَي عَشَرَ أَلفَ رَجُل، فأَقومَ وأَسْعى وَراءَ داوُدَ هٰذه اللَّيلَة،
[2] وأَهجُمَ علَيه، وهو تَعِبٌ ومُستَرْخي اليَدَين، وأُفزِعَه، فيَهرُبُ كُلُّ الشَّعبِ الَّذي مَعَه، وأَضرِبُ المَلِكَ على ٱنفِراد،
[3] وأَرُدُّ كُلَّ الشَّعبِ إِلَيكَ، كما رُدَّ الجَميعُ إِلى مَن تَطلُبُه، ويَكونُ الشَّعبُ كُلُّه في سَلام».
[4] فحَسُنَ الأَمرُ في عَينَي أَبْشالومَ وفي عُيونِ جَميعِ شُيوخِ إِسْرائيل.
[5] وقالَ أَبْشالوم: «أُدعُ لي أَيضًا حوشايَ الأَرْكِيَّ، فنَسمَعَ ما على لِسانِه هو أَيضًا».
[6] فوَصَلَ حُوشايُ إِلى أَبْشالوم، فكَلَّمَه أَبْشالومُ قائلًا: «إِنَّ أَحيتوفَلَ قالَ لَنا كَذا وكَذا. أَفنَعمَلُ بِحَسَبِ كَلامِه؟ وإِلاَّ فتَكَلَّمْ أَنتَ».
[7] فقالَ حوشايُ لأَبْشالوم: «لَيسَ حَسَنًا ما أَشارَ بِه أَحيتوفَلُ هٰذه المَرَّة».
[8] وأَضافَ حوشاي: «أَنتَ تَعرِفُ أَباكَ ورِجالَه: إِنَّهم أَبْطال، ونُفوسُهم مَريرةٌ كالدُّبَّةِ الثَّاكِلِ في الحَقْل. وأَبوكَ رَجُلُ حَرْبٍ لا يَبيتُ مع الجُنود،
[9] ولقَد يَكونُ الآنَ مُختَبِئًا في إِحْدى الحُفَرِ أَو في بَعضِ الأَماكِن. فيَكونُ، إِذا سَقَطَ بَعضُ هٰؤلاءِ في أَوَّلِ الأَمْر، أَنَّ السَّامِعَ يَسمَعُ فيَقول: قد وَقَعَ ٱنكِسارٌ في الشَّعبِ الَّذي وَراءَ أَبْشالوم،
[10] وحينَئِذٍ فحَتَّى ذو البَأسِ الَّذي قَلبُه كقَلْبِ الأَسَدِ يَذوبُ ذَوَبانًا، لأَنَّ كُلَّ إِسْرائيلَ يَعرِفُ أَنَّ أَباكَ بَطَلٌ وأَنَّ الَّذينَ معَه ذَوو بَأس.
[11] لِذٰلك أُشيرُ علَيكَ بِأَن يَجتَمِعَ إِلَيكَ كُلُّ إِسْرائيل، مِن دانَ إِلى بِئرَ سَبْع، وهُم كالرَّملِ الَّذي على البَحرِ كَثرَةً، وأَنتَ بِنَفسِكَ تَسيرُ في وَسطِهم.
[12] فنَهجُمُ علَيه في أَيِّ مَكانٍ يَكون، ونَسقُطُ علَيه كما يَسقُطُ النَّدى على الأَرض، فلا يَبْقى مِنهم أَحَدٌ، مِنه ومِن جَميعِ الرِّجالِ الَّذينَ معَه.
[13] وإِنِ ٱنصَرَفَ إِلى مَدينةٍ، يَحمِلُ كُلُّ إِسْرائيلَ إِلى تِلكَ المَدينَةِ حِبالًا ونَجُرُّها إِلى الوادي، حتَّى لا يَبْقى هُناكَ ولا حَصاة».
[14] فقالَ أَبْشالومُ وجَميعُ رِجالِ إِسْرائيل: «إِنَّ مَشورَةَ حوشايَ الأَرْكِيِّ خَيرٌ مِن مَشورَةِ أَحيتوفَل». وكانَ الرَّبُّ قد قَضى أَن يُبطِلَ مَشورَةَ أَحيتوفَلَ الصَّائِبَة، لِيُنزِلَ الشَّرَّ بِأَبْشالوم.
[15] ثُمَّ قالَ حوشايُ لِصادوقَ ولأَبِياتارَ الكاهِنَين: «إِنَّ أَحيتوفَلَ أَشارَ على أَبْشالومَ وعلى شُيوخِ إِسْرائيلَ بِكَذا وكَذا، وأَشَرتُ أَنا بِكَذا وكَذا.
[16] فأَرسِلا الآنَ وأَعلِما داوُدَ سَريعًا وقولا لَه: لا تَبِتْ هٰذه اللَّيلَةَ في معابِرِ البَرِّيَّة، ولٰكِن بادِرْ بِالعُبور، لِئَلاَّ يُبتَلَعَ المَلِكُ وكُلُّ الشَّعبِ الَّذي معَه».
[17] وكانَ يوناتانُ وأَحيماعَصُ قائِمَينِ عِندَ عَينِ روجِل، فمَضَت إِلَيهما خادِمَةٌ وأَخبَرَتْهما، فٱنصَرَفا وأَخبَرا داوُدَ المَلِك، لأَنَّهما لم يَقدِرا أَن يَظْهَرا في دُخولِهما إِلى المَدينة.
[18] فرَآها فَتًى فأَخبَرَ أَبْشالوم، وأَمَّا هما فأَسرَعا في سَيرِهما ووَصَلا إِلى بَيتِ رَجُلٍ في بَحوريم، وكانَت لَه في دارِه بِئرٌ، فنَزَلا فيها.
[19] فأَخَذَتِ المَرأَةُ غِطاءً وبَسَطَته على فمِ البِئرِ ونَشَرَت علَيه بُرغُلًا، ولَم يُعلَمِ الأَمْر.
[20] فوَصَلَ خُدَّامُ أَبْشالومَ إِلى المَرأَةِ في البَيتِ وقالوا: «أَينَ أَحيماعَصُ ويوناتان؟» فقالَت لَهُمُ المَرأَة: «قد عَبَرا بِركَةَ المِياه». ففَتَّشوا، فلَم يَجِدوهما، فرَجَعوا إِلى أُورَشَليم.
[21] وبَعدَ ٱنصِرافِهم، خَرَجا مِنَ البِئرِ ومَضَيا وأَخبَرا داوُدَ المَلِكَ فقالا لَه: «قوموا فٱعبُروا المِياهَ عاجِلًا، لأَنَّ أَحيتوفَلَ أَشارَ في أَمرِكم بِكَذا وكَذا».
[22] فقامَ داوُدُ وكُلُّ الشَّعبِ الَّذي معَه وعَبَروا الأُردُنَّ، وإِلى طُلوعِ الصَّباحِ لم يَبْقَ مِنهم واحِدٌ إِلاَّ وعَبَرَ الأُردُنَّ.
[23] أَمَّا أَحيتوفَل، فلَمَّا رأَى أَنَّ مَشورَتَه لم يُعمَلْ بِها، شَدَّ على الحِمارِ وقامَ وٱنصَرَفَ إِلى بَيتِه في مَدينَتِه، ونَظَّمَ أُمورَ بَيتِه وخَنَقَ نَفْسَه وماتَ ودُفِن في قَبرِ أَبيه.
[24] ووَصَلَ داوُدُ إِلى مَحْنائيم، بَينَما عَبَرَ أَبْشالومُ الأُردُنَّ، هو وجَميعُ رِجالِ إِسْرائيلَ معَه.
[25] وكانَ أَبْشالومُ قد أَقامَ عَماسا بَدَلَ يوآبَ على رأسِ الجَيش. وكانَ عَماسا ٱبنَ رَجُلٍ يُقالُ لَه يِتْرا الإِسْرائيليّ، وهو الَّذي دَخَلَ على أَبيجائيل، بِنتِ ناحاش، أُختِ صَرويَة، أُمِّ يوآب.
[26] وعَسكَرَ إِسْرائيلُ وأَبْشالومُ في أَرضِ جِلْعاد.
[27] وكانَ، عِندَ وُصولِ داوُدَ إِلى مَحْنائيم، أَن أَتَى إِلَيه شوبي بنُ ناحاش، مِن رَبَّةِ بَني عَمُّون، وماكيرُ بنُ عَمِّيئيل، مِن لودَبار، وبَرزِلاَّيُ الجِلْعادِيُّ، مِن روجَليم،
[28] فأَتَوا بِفُرُشٍ وطُسوتٍ وأَوعِيَةِ خَزَفٍ وحِنطَةٍ وشَعيرٍ ودَقيقٍ وفَريكٍ وفولٍ وعَدَسٍ
[29] وعَسلٍ وسَمْنٍ وجُبنِ ضَأنٍ وبَقَر، لِداوُدَ ولِلشَّعبِ الَّذي معَه لِيَأكُلوا، لأَنَّهم قالوا: «إِنَّ الشَّعبَ جائع، وقد تَعِبَ وعَطِشَ في البَرِّيَّة».