< سفر صموئيل الثاني 13

Listen to this chapter • 6 min
[1] وكانَ بَعدَ ذٰلك أَنْ كانَ لأَبْشالومَ بنِ داوُدَ أُختٌ جَميلةٌ ٱسمُها تامار، فأَحَبَّها أَمنونُ بنُ داوُد،
[2] وشُغِفَ أَمنونُ بِتامارَ أُختِه حتَّى سَقِمَ، لأَنَّها كانَت عَذْراءَ فكانَ يَبْدو لَه مُستَحيلًا أَن يَصنَعَ بِها شَيئًا.
[3] وكانَ لأَمْنونَ صَديقٌ ٱسمُه يونادابُ بنُ شِمعَة، أَخي داوُد، وكانَ يونادابُ رَجُلًا ذَكِيًّا جِدًّا.
[4] فقالَ لَه: «ما لي أَراكَ، يا ٱبنَ المَلِكِ، تَنحَلُ صَباحًا فصَباحًا؟ أَلا تُخبِرُني؟» فقالَ لَه أَمْنون: «إِنِّي أُحِبُّ تامار، أُختَ أَبْشالومَ أَخي».
[5] فقالَ يوناداب: «إِضطَجِعْ على سَريرِكَ وتَمارَض. فإذا أَتاكَ أَبوكَ لِيَعودَكَ، فقُلْ لَه: لَتَأتِ تامارُ أُخْتي وتُطعِمْني خُبزًا وتَعمَلِ الطَّعامَ أَمامي، لأَرى وآكُلَ مِن يَدِها».
[6] فٱضطَجَعَ أَمْنونُ وتَمارَضَ، فأَتاه المَلِكُ يَعودُه، فقالَ أَمْنونُ لِلمَلِك: «لِتأتِ تامارُ أُخْتي وتَعمَلْ أَمامي كَعكَتَينِ وآكُلَ مِن يَدِها».
[7] فأَرسَلَ داوُدُ إِلى تامارَ إِلى البَيتِ وقالَ لَها: «إِذهَبي إِلى بَيتِ أَمْنونَ أَخيكِ وٱصنَعي لَه طَعامًا».
[8] فمَضَت تامارُ إِلى بَيتِ أَمْنونَ أَخيها وهو مُضطَجِع، فأَخَذَت عَجينًا ودَلَكَته وعَمِلَت كَعْكًا أَمامَه وقَلَتِ الكَعْك.
[9] وأَخَذَتِ المِقْلاةَ وسَكَبَت أَمامَه، فأَبى أَن يأكُل. وقالَ أَمْنون: «أَخرِجوا كُلَّ واحِدٍ مِن عِنْدي». فخَرَجَ كُلُّ واحِدٍ مِن عِندِه،
[10] فقال أَمْنونُ لِتامار: «أَدخِلي الطَّعامَ إِلى المُخدَعِ فآكُلَ مِن يَدِكِ». فأَخَذَت تامارُ الكَعكَ الَّذي عَمِلَته وأَتَت بِه أَمْنونَ أَخاها إِلى المُخدَع،
[11] وعِندَما قَدَّمت لَه لِيأكُل، أمسَكَها وقال: «تَعالَيِ ٱضطَجِعي معي، يا أُخْتي».
[12] فقالَت لَه: «لا تَغتَصِبْني يا أَخي، لا يُفعَلُ هٰكذا في إِسْرائيل، فلا تَفْعَلْ هٰذه الفاحِشَة.
[13] فأَمَّا أَنا فأَينَ أَذهَبُ بِعاري؟ وأَمَّا أَنتَ فتَكونُ كواحِدٍ مِنَ الحَمْقى في إِسْرائيل. والآنَ فكَلِّمِ المَلِكَ، فإِنَّه لا يَمنَعُني مِنكَ».
[14] فأَبى أَن يَسمَعَ لِكَلامِها، بَل تَمَكَّنَ مِنها وٱغتَصَبَها وضاجَعَها.
[15] ثُمَّ أَبغَضَها أَمْنونُ بُغضًا شَديدًا جِدًّا، وكانَ البُغضُ الَّذي أَبغَضَها إِيَّاه أَعظَمَ مِنَ الحُبِّ الَّذي أَحَبَّها إِيَّاه، وقالَ لَها أَمْنون: «قومي فٱنصَرِفي».
[16] فقالَت لَه: «لا يا أَخي، لأَنَّ طَردَكَ لي شَرٌّ أَعظمُ مِنَ الشَّرِّ الآخَرِ الَّذي فَعَلتَه بي». فأَبى أَن يَسمَعَ لَها.
[17] ودعا الفَتى الَّذي كانَ يَخدُمُه وقال: «أَخرِجْ هٰذه عنِّي إِلى خارِجٍ وأَغلِقِ البابَ وَراءَها.
[18] (وكانَ علَيها قَميصٌ مُوَشَّى، لأَنَّ بَناتِ المَلِكِ العَذارى كُنَّ يَلبَسْنَ أَقمِصَةً مِثلَ هٰذا). فأَخرَجَها خادِمُه إِلى خارِجٍ وأَغلَقَ البابَ وَراءَها.
[19] فجَعَلَت تامارُ رَمادًا على رأسِها ومَزَّقَتِ القَميصَ المُوَشَّى الَّذي كانَ علَيها وجَعَلَت يَدَها على رأسِها وذَهَبَت وهي تَصرُخ.
[20] فقالَ لَها أَبْشالومُ أَخوها: «هل كانَ أَمْنونُ أَخوكِ مَعكِ؟ أُسكُتي الآنَ يا أُخْتي. إِنَّه أَخوكِ، ولا يَأخُذْ هٰذا الأَمرُ مِن نَفسِكِ». فأَقامَت تامارُ حَزينَةً في بَيتِ أَبشالومَ أَخيها.
[21] وسَمِعَ داوُدُ المَلِكُ بِجَميعِ هٰذه الأُمور، فٱغْتاظَ غَيظًا شَديدًا، ولٰكِنَّه لم يُحزِنْ نَفْسَ أَمْنونَ ٱبنِه، لأَنَّه كانَ يُحِبُّه لأَنَّه بِكرُه.
[22] فأَمَّا أَبْشالومُ فلَم يُكَلِّمْ أَمْنونَ بِشَرٍّ أَو خَير، لأَنَّ أَبْشالومَ أَبغَضَ أَمْنونَ بِسَبَبِ ٱغتِصابِ تامارَ أُختِه.
[23] وكانَ بَعدَ سَنَتَينِ مِنَ الزَّمانِ أَنَّه كانَ جَزَّازونَ لأَبشالومَ في بَعْلَ حاصورَ الَّتي بِالقُربِ مِن أَفْرائيم. فدَعا أَبْشالومُ جَميعَ بَني المَلِك. و
[24] أَتى أَبْشالومُ إِلى المَلِكِ وقالَ لَه: «إِنَّ عِندَ عَبدِكَ جَزَّازين، فليَذهَبِ المَلِكُ وحاشِيَتُه مع عَبدِكَ».
[25] فقالَ المَلِكُ لأَبْشالوم: «لا يا بُنَيَّ، لا نَذهَبْ كُلُّنا لِئَلاَّ نُثَقِّلَ عَليكَ». فأَلَحَّ علَيه، فلم يَشَأ أَن يَذهَب، بل بارَكَه.
[26] فقالَ أَبْشالوم: «إِذن يَذهَبَ معَنا أَمْنونُ أَخي». فقالَ المَلِك: «لِماذا يَذهَبُ معَكَ؟»
[27] فأَلَحَّ علَيه أَبْشالوم، فأَرسَلَ معَه أَمْنونَ وجَميعَ بَني المَلِك. وأَقامَ أَبْشالومُ مَأدُبَةً كَمأدُبَةِ المُلوك.
[28] وأَمَرَ أَبْشالومُ خُدَّامَه وقالَ لَهم: «أُنظُروا! إِذا طابَ قلبُ أَمْنونَ بِالخَمرِ وقُلتُ لَكم: إِضرِبوا أَمْنونَ فٱقتُلوه، لا تخافوا. أَلَيسَ أَنِّي أَنا أَمَرتُكم؟ فتَشَجَّعوا وكونوا ذوي بأس».
[29] ففَعَلَ خُدَّامُ أَبْشالومَ بِأَمْنونَ كما أَمَرَهم أَبْشالوم. فقامَ جَميعُ بَني المَلِك، ورَكِبَ كُلُّ واحِدٍ مِنهم بَغلَه وهَرَبوا.
[30] وبَينَما هم في الطَّريق، بَلَغَ الخَبَرُ إِلى داوُدَ وقيلَ لَه: «قد قَتَلَ أَبْشالومُ جَميعَ بَني المَلِك، ولم يَبْقَ مِنهم أَحَد».
[31] فقامَ المَلِكُ ومَزَّقَ ثِيابَه وٱضطَجَعَ على الأَرْض، ووَقَفَ حاشِيَتُه وثِيابُهم مُمَزَّقَة.
[32] فتَكَلَّمَ يونادابُ بنُ شِمعَة، أَخي داوُدَ، وقال: «لا يَحسَبْ سَيِّدي أَنَّ جَميعَ الفِتْيانِ بَني المَلِكِ قد هَلَكوا. لم يُقْتَلْ إِلاَّ أَمنونُ وَحدَه، لأَنَّ ذٰلك كانَ في نِيَّةِ أَبْشالوم، مُذ يَومَ ٱغتَصَبَ أَمْنونُ أُختَه.
[33] فالآنَ لا يأخُذْ هٰذا الأَمرُ من نَفْسِ سَيِّدي المَلِك، قائلًا في نَفْسِه: إِنَّ جَميعَ بَني المَلِكِ قد قُتِلوا، إذ لم يُقتَلْ إِلاَّ أَمنونُ وَحدَه،
[34] وهرب أَبْشالوم». ورَفَعَ الفَتى الرَّقيبُ عَينَيه ونَظَر، فإذا بِجَمعٍ كَثيرٍ يَسيرُ على طَريقِ حورونائيمَ الَّتي بِجانِبِ الجَبَل. فأَتى الرَّقيبُ وأَخبَرَ المَلِكَ قائِلًا: «إِنِّي أَرى رِجالًا على طَريقِ حورونائيمَ التي بِجانِبِ الجَبَل».
[35] فقالَ يونادابُ لِلمَلِك: «هُوَذا بَنو المَلِكِ مُقبِلون، وقد تَمَّ الأَمرُ كما قالَ عَبدُك».
[36] فلَمَّا ٱنتَهى مِن كَلامِه، إِذا بِبَني المَلِكِ قد جاؤُوا ورَفَعوا أَصْواتَهم بِالبُكاء، وبَكى المَلِكُ وجَميعُ حاشِيَتِه بُكاءً شَديدًا جِدًّا.
[37] وأَمَّا أَبْشالومُ فهَرَبَ وذَهَبَ إِلى تَلْمايَ بنِ عَمِّيهود، مَلِكِ جَشور. وناحَ داوُدُ على ٱبنِهِ كُلَّ الأَيَّام.
[38] وكانَ أَبشالومُ قد هَرَبَ وذَهَبَ إِلى جَشور ولَبِثَ هُناكَ ثَلاثَ سَنَوات.
[39] وكَفَّ روحُ المَلِكِ عنِ الغَضَبِ على أَبْشالوم، لأَنَّه تَعَزَّى عن مَوتِ أَمْنون.