< سفر الملوك الثاني 4

Listen to this chapter • 6 min
[1] وإِنَّ ٱمرَأَةً مِن نِساءِ بَني الأَنبِياءِ صَرخَت إِلى أَليشاعَ قائِلَةً: «إِنَّ عَبدَكَ زَوجي قد مات، وأَنتَ تَعلَمُ أَنَّ عَبدَكَ كانَ يَتَّقي الرَّبّ، وقد جاءَ المُرابي لِيأَخُذَ ٱبنَيَّ عَبدَينِ لَه».
[2] فقالَ لَها أَليشاع: «ماذا أَصنَعُ لَكِ؟ أَخبِريني ما الَّذي عِندَكِ في البَيت». فقالَت: «لَيسَ عِندَ أُمَتِكَ في البَيتِ إِلاَّ حُقَّةُ زَيْت».
[3] فقالَ لَها: «إِمْضي وٱستَعيري لَكِ أَوانِيَ مِن خارِج، مِن جَميعِ جيرانِكِ، أَوانِيَ فارِغَة، ولا تُقَلِّلي.
[4] ثُمَّ ٱدخُلي وأَغلِقي البابَ عَليكِ وعلى ٱبنَيكِ، وصُبِّي في جَميعِ هٰذه الأَواني، وما ٱمتَلَأَ منها فضَعيه على حِدَة».
[5] فَمَضَتْ مِن عِندِه وأَغلَقَتِ البابَ علَيها وعلى ٱبنَيها، فكانا هما يُقَدِّمانِ الأَوانِيَ وهي تَصُبّ.
[6] فلَمَّا ٱمتَلَأَتِ الأَواني، قالَت لأَحَدِ ٱبنَيها: «هاتِ إِناءً آخَر». فقالَ لَها: «لم يَبْقَ إناء». فوَقَفَ الزَّيت.
[7] فذَهَبَت إِلى رَجُلِ اللهِ وأَخبَرَته، فقال: «إِمْضي وبيعي الزَّيتَ وٱقْضي دَينَكِ، وعيشي أَنتِ وٱبناكِ بِما يَبْقى».
[8] وكانَ في بَعضِ الأَيَّامِ أَنَّ أَليشاعَ مَرَّ بشونَم. وكانَت هُناكَ ٱمرَأَةٌ غَنِيَّة، فأَمسَكَته لِيَأكُل. وأَخَذَ، كُلَّما مَرَّ، يَميلُ إِلى هُناكَ لِيَأكُل.
[9] فقالَت لِزَوجِها: «قد عَلِمتُ أَنَّ هٰذا الَّذي يَمُرُّ بِنا دائِمًا هو رَجُلُ اللهِ وقِدِّيس.
[10] فلْنَبنِ لَه عِلِّيَّةً صَغيرةً ونَجْعَلْ لَه فيها سَريرًا ومائِدَةً وكُرسِيًّا ومَنارَةً، حتَّى، إِذا جاءَنا، يأوي إِلى هُناكَ».
[11] فجاءَ في بَعضِ الأَيَّامِ إِلى هُناكَ وأَوى إِلى العِلِّيَّةِ وٱضطَجَعَ فيها.
[12] وقالَ لِخادِمِه جيحَزي: «أُدعُ لي هٰذه الشُّونَمِيَّة». فدَعاها فوَقَفَت أَمامَ الخادِم.
[13] فقالَ لَه: «قُلْ لَها: إِنَّكِ قد تَكَلَّفتِ مِن أَجلِنا هٰذه الكُلفَةَ كُلَّها، فماذا تَبتَغينَ أَن يُصنَعَ لَكِ؟ هل مِن حاجَةٍ أُكَلِّمُ فيها المَلِكَ أَو قائِدَ الجَيش؟ فقالَت: «إِنَّما أَنا ساكِنَةٌ فيما بَينَ قَومي».
[14] فقال: «ماذا أَصنَعُ لَها؟» فقالَ جيحَزي: «لَيسَ لَها وَلَدٌ ورَجُلُها شَيخٌ كَبير».
[15] فقال: «أُدعُها». فدَعاها، فوَقَفَت بِالباب.
[16] فقال: «إِنَّكِ، في مِثلِ هٰذا الوَقتِ مِنَ السَّنَةِ المُقبِلَة، ستَحضُنينَ ٱبنًا». فقالَت: «لا يا سَيِّدي، يا رَجُلَ الله، لا تَكذِبْ على أَمَتِكَ».
[17] ثُمَّ حَبِلَتِ المَرأَةُ ووَلَدَتِ ٱبنًا في مِثلِ هٰذا الوَقتِ مِنَ السَّنَةِ التَّالِيَة، كما قالَ أَليشاع.
[18] وكَبُرَ الصَّبِيّ، فخَرَجَ ذاتَ يَومٍ إِلى أَبيه عِندَ الحَصَّادين.
[19] فقالَ لأَبيه: «رَأْسي رَأْسي»! فقالَ أَبوه لِلخادِم: «إِحمِلْه إِلى أُمِّه».
[20] فحَمَلَه وذَهَبَ بِه إِلى أُمِّه. فبَقِيَ على رُكبَتِها إِلى الظُّهرِ ومات.
[21] فأَصعَدَته وأَضجَعَته على سَريرِ رَجُلِ الله، وأَغلَقَت علَيه وخَرَجَت.
[22] ونادَت زَوجَها وقالَت: «أَرسِلْ إِلَيَّ أَحَدَ الخُدَّامِ ومعَه أَتان، فأُسرِعَ إِلى رَجُلِ اللهِ وأَعود».
[23] فقالَ لَها: «لِماذا تَمْضينَ إِلَيه اليَومَ ولَيسَ اليَومُ رأسَ الشَّهرِ ولا هو سَبْت؟» فقالَت: «سَلام».
[24] ثُمَّ شَدَّت على الأَتانِ وقالَت لِخادِمِها: «سُقْ وٱمْضِ ولا توقِفْ سَيري حتَّى أَقولَ لَكَ».
[25] ومَضَت فأَتَت إِلى رَجُلِ اللهِ في جَبَلِ الكَرمَل. فلَمَّا رَآها رَجُلُ اللهِ مِن بَعيد، قالَ لِجيحَزي خادِمِه: «هٰذه هي تِلكَ الشُّونَمِيَّة».
[26] فبادِرِ الآنَ لِلِقائِها وقُلْ لَها: «أَسالِمَةٌ أَنتِ؟ أَسالِمٌ زَوجُكِ؟ أَسالِمٌ الصَّبِيّ؟ فقالت: «سالِمون».
[27] ثُمَّ وَصَلَت إِلى رَجُلِ اللهِ على الجَبَلِ وأَخَذَت بِرِجلَيه. فتَقَدَّمَ جيحَزي لِيَرُدَّها. فقالَ رَجُلُ الله: «دَعْها، لأَنَّ نَفسَها مُرَّةٌ فيها، والرَّبُّ قد كَتَمَ الأَمرَ عنِّي ولم يُخبِرْني».
[28] فقالَت: «هَل طَلَبتُ ٱبنًا مِن سَيِّدي؟ أَلَم أَقُلْ: لا تَخدَعْني؟».
[29] فقالَ لِجيحَزي: «أُشدُدْ حَقوَيكَ وخُذْ عَصايَ في يَدِكَ وٱمْضِ، وإِن لَقيتَ أَحَدًا فلا تُسَلِّمْ علَيه. وإِن سَلَّمَ علَيكَ أَحَدٌ، فلا تُجِبْه. وٱجعَلْ عَصايَ على وَجهِ الصَّبِيّ».
[30] فقالَت أُمُّ الصَّبِيّ: «حَيٌّ الرَّبُّ وحَيَّةٌ نَفسُكَ! إِنِّي لا أُفارِقُكَ». فقامَ وتَبِعَها.
[31] وكانَ جَيحَزي قد سَبَقَهما وجَعَلَ العَصا على وَجهِ الصَّبِيّ، فلَم يَكُنْ صَوتٌ ولا إِحْساس. فعادَ لِلِقاءِ أَليشاعَ وأَخبَرَه قائِلًا: «لم يَستَيقِظِ الصَّبِيّ».
[32] فوصَلَ أَليشاعُ إِلى البَيت، فإِذا بِالصَّبِيِّ مَيْتٌ مُضطَجِعٌ على سَريرِه.
[33] فدَخَلَ وأَغلَقَ البابَ علَيهما وصَلَّى إِلى الرَّبّ.
[34] ثُمَّ صَعِدَ وٱنبَسَطَ على الصَّبِيِّ وجَعَلَ فَمَه على فَمِه وعَينَيه على عَينَيه وكَفَّيه على كَفَّيه، وتَمَدَّدَ علَيه فسَخَنَ جَسَدُ الصَّبِيّ.
[35] ثُمَّ عادَ يَتَمَشَّى في البَيتِ تارةً إِلى هُنا وتارةً إِلى هُناك. وصَعِدَ وتَمَدَّدَ علَيه، فعَطَسَ الصَّبِيُّ سَبعَ مَرَّات، ثُمَّ فَتَحَ الصَّبِيُّ عَينَيه.
[36] فدَعا جيحَزي وقال: «أُدعُ هٰذه الشُّونَمِيَّة». فدَعاها فأَتت. فقال لَها: «خُذي ٱبنَكِ».
[37] فأَقبَلَت تَرتَمي على رِجلَيه وتَسجُدُ إِلى الأَرض. وأَخَذَتِ ٱبنَها ومَضَت.
[38] ورَجَعَ أَليشاعُ إِلى الجِلْجال، والمَجاعَةُ في الأَرض. وفيما كانَ بَنو الأَنبِياءِ جالِسينَ أَمامَه، قالَ لِخادِمِه: «هَيِّئِ القِدرَ الكَبيرَةَ وٱطبُخْ طَبيخًا لبَني الأَنبِياء».
[39] فخَرَجَ أَحَدُهم إِلى البَرِّيَّةِ لِيَقتَطِعَ بُقولًا، فوَجَدَ كَرمَةً بَرِّيَّة، فٱقتَطَعَ مِنها مِلءَ ثَوبِه حَنظَلًا وجاءَ بِه فقَطَّعَه في قِدرِ الطَّبيخ، لأَنَّهم لم يَعلَموا ما هو.
[40] ثُمَّ سَكَبوا لِلرِّجالِ لِيَأكُلوا. فلَمَّا أَكَلوا مِنَ الطَّبيخ، صاحوا وقالوا: «في القِدرِ مَوتٌ، يا رَجُلُ الله»، ولم يَقدِروا أَن يَأكُلوا.
[41] فقالَ أَليشاع: «إِئْتوني بِدَقيق». فأَلْقاه في القِدرِ وقال: «أُسكُبْ لِلقَومِ لِيأكُلوا». فلَم يَكُنْ بَعدَ ذٰلك في القِدرِ سوء».
[42] وإِنَّ رَجُلًا وَصَلَ مِن بَعْلَ شَليشة، وأَحضَرَ لِرَجُلِ اللهِ خُبزَ بَواكير، عِشْرينَ رَغيفًا مِنَ الشَّعيرِ وسُنبُلًا طَريئًا في جِرابِه. فقال: «أَعطِ القَومَ لِيَأكُلوا».
[43] فقالَ لَه خادِمُه: «ما هٰذا؟ أَأَضَعُ هٰذا أَمامَ مِئَةِ رَجُل؟» فقال: «أَعْطِ القَومَ فيأكُلوا، لأَنَّه هٰكذا قالَ الرَّبّ: إِنَّهم يأكُلونَ ويَفضُلُ عنهم».
[44] فوَضَعَ أَمامَهم، فأَكَلوا وفَضَلَ عنهم، كما قالَ الرَّبّ.