< سفر صموئيل الأول 25

Listen to this chapter • 7 min
[1] وتُوُفِّيَ صَموئيل، فٱجتَمَعَ كُلُّ إِسْرائيلَ وناحوا علَيه ودَفَنوه في بَيتِه في الرَّامة. وقامَ داوُدُ ونَزَلَ إِلى بَرِّيَّةِ فاران.
[2] وكانَ رَجُلٌ في مَعون وكانَت له أَمْلاكٌ في الكَرمَل. وكانَ الرَّجُلُ غَنِيًّا جِدًّا، لَه ثَلاثَةُ آلافٍ مِنَ الغَنَم وأَلفٌ مِنَ المَعِز. وكانَ الرَّجُلُ يَجُزُّ غَنَمَه في الكَرمَل.
[3] وٱسمُ الرَّجُلِ نابال وٱسمُ ٱمرَأَتِه أَبيجائيل. وكانَتِ ٱمرَأَتُه ذَكِيَّةَ الفَهمِ جَميلَةَ المَنظَر، وكانَ نابالُ رَجُلًا قاسِيًا سَيِّئ الأَعْمال، وهو كالَبِيّ.
[4] فبَلَغَ داوُدَ في البَرِّيَّةِ أَنَّ نابالَ يَجُزُّ غَنَمَه.
[5] فأَرسَلَ داوُدُ إِلَيه عَشَرَةَ خُدَّام، وقالَ داوُدُ لِلخُدَّام: «إِصعَدوا إِلى الكَرمَل وٱذهَبوا إِلى نابالَ وأَقرِئوه السَّلامَ بِٱسْمي،
[6] وقولوا لَه: كُلُّ سَنَةٍ وأَنتَ سالِم، وبَيتُكَ وكُلُّ ما لَكَ سالِم.
[7] سَمِعتُ الآنَ أَنَّ عِندَكَ جَزَّازين. والحالُ أَنَّ رُعاتَكَ قد كانوا معَنا فلَم نُؤذِهم ولَم يَذهَبْ لَهم شَيءٌ جَميعَ الأَيَّامِ الَّتي كانوا فيها في الكَرمَل.
[8] سَلْ خُدَّامَكَ يُخبِروك. فلْيَنَلِ الخُدَّامُ حُظوَةً في عَينَيكَ. لأَنَّنا أَتَيناكَ في يَومِ خَير. فأَعطِ ما تَيَسَّرَ لِعَبيدِكَ ولٱبنِكَ داوُد».
[9] فوَصَلَ الخُدَّامُ وكَلَّموا نابالَ بِكُلِّ هٰذا الكَلامِ بِٱسمِ داوُد، ثُمَّ ٱنتَظَروا.
[10] لٰكِنَّ نابالَ أَجابَ خُدَّامَ داوُدَ وقال: «مَن هو داوُد ومَن هو ٱبنُ يَسَّى؟ لقَد كَثُرَ اليَومَ الخُدَّامُ الَّذينَ فَرُّوا مِن عِندِ سادَتِهم.
[11] أَآخُذُ خُبْزي ومائي وذَبيحَتيَّ الَّتي ذَبَحتُها لِجَزَّازِيَّ وأُعْطيها لِقَومٍ لا أَعرِفُ مِن أَينَ هُم؟»
[12] ورَجَعَ خُدَّامُ داوُدَ أَدْراجَهم وعادوا ووَصَلوا وأَخبَروا داوُدَ بِكُلِّ هٰذا الكَلام.
[13] فقالَ داوُدُ لِرِجالِه: «تَقَلَّدوا كُلٌّ مِنكم سَيفَه». فتَقَلَّدَ كُلُّ واحِدٍ سَيفَه وتَقَلَّدَ داوُدُ سَيفَه أَيضًا. وصَعِدَ مع داوُدَ نَحوُ أَربَعِ مِئَةِ رَجُل، وبَقِيَ مِئَتا رَجُلٍ عِندَ الأَمتِعَة.
[14] فأَخبَرَ واحِدٌ مِنَ الخُدَّامِ أَبيجائيلَ، ٱمرَأَةَ نابال، وقال: «إِنَّ داوُدَ أَرسَلَ رُسُلًا مِنَ البَرِّيَّةِ لِيُسَلِّموا على سَيِّدِنا، فثارَ علَيهم.
[15] والرِّجالُ مُحسِنونَ إِلَينا جِدًّا ولم يُؤذونا ولا فُقِدَ لَنا شَيءٌ كُلَّ أَيَّامِ سَيرِنا مَعهم ونَحنُ في الحُقول.
[16] وكانوا سورًا لَنا لَيلًا ونَهارًا، كُلَّ أَيَّامِ وجُودِنا معَهم في رَعْيِ الغَنَم.
[17] فتَبَصَّري الآنَ وٱنظُري ماذا تَعمَلين، لأَنَّ الشَّرَّ مَقضِيٌّ على سَيِّدِنا وعلى كُلِّ بَيتِه، وهو رَجُلٌ لا خَيرَ فيه لا يَستَطيعُ أَحَدٌ أَن يُكَلِّمَه».
[18] فبادَرَت أَبيجائيلُ وأَخَذَت مِئَتَي رَغيفٍ وزِقَّي خَمرٍ وخَمسَةَ خِرافٍ مُعَدَّةٍ وخَمسَةَ مَكاييلَ مِنَ الفَريك ومِئَةَ عُنقودٍ مِنَ الزَّبيب ومِئَتي قُرصٍ مِنَ التِّين، وجَعَلَت ذٰلك على حَمير.
[19] وقالَت لِخُدَّامِها: «مُرُّوا أَمامي، فإِنِّي أَتبَعُكم» ولم تُخبِرْ زوجَها نابال.
[20] وفيما هي راكِبَةٌ على الحِمار ونازِلَةٌ في سُترَةِ الجَبَل، إِذا بِداوُدَ ورِجالِه نازِلونَ تُجاهَها، فالتَقَتهُم.
[21] وكانَ داوُدُ قد قالَ في نَفْسِه: «باطِلًا حَفِظتُ كُلَّ ما لِهٰذا الرَّجُلِ في البَرِّيَّة، فلم يُفقَد شَيءٌ مِن كُلِّ ما هو لَه، فكافَأَني شَرًّا بَدَلَ خَير.
[22] كذا يَصنَعُ اللهُ بِداوُدَ وكَذا يَزيد، إِن أَبقَيتُ مِن كُلِّ ما لَه إِلى ضَوءِ الصَّباحِ بائِلًا بِحائِط».
[23] فلَمَّا رَأَت أَبيجائيلُ داوُد، نَزَلَت في الحالِ عن حِمارِها وٱرتَمَت على وَجهِها أَمامَ داوُدَ وسَجَدَت إِلى الأَرض.
[24] وسَقَطَت على رِجلَيه وقالَت: «علَيَّ أَنا يا سَيِّدي هٰذا الذَّنْب. فلْتَتَكَلَّمْ أَمَتُكَ على مِسمَعِكَ وأَصغِ لِكَلامِ أَمَتِكَ.
[25] لا يُبالِ سَيِّدي بِهٰذا الرَّجُلِ الَّذي لا خَيرَ فيه، بِنابال، لأَنَّه طِبقُ ٱسمِه، فإِنَّ نابالَ ٱسمُه والحَماقَةَ عِندَه. فأَمَّا أَنا أَمَتَكَ، فلَم أَرَ خُدَّامَ سَيِّدِيَ الَّذينَ أَرسَلتَهم.
[26] والآنَ يا سَيِّدي، حَيٌّ الرَّبُّ وحَيَّةٌ نَفْسُكَ، فبِما أَنَّ الرَّبَّ قد مَنَعَكَ مِن سَفْكِ الدَّمِ وٱنتِقامِ يَدِكَ لِنَفْسِكَ، فلْيَكُنْ أَعْداؤُكَ مِثلَ نابال، وكذٰلك كُلُّ مَن يَطلُبُ الشَّرَّ لِسَيِّدي.
[27] والآنَ فأَمَّا هٰذه الهِبَةُ الَّتي أَتَت بِها أَمَتُكَ سَيِّدي، فلتُعْطَ لِلخُدَّامِ السَّائرِينَ في خُطى سَيِّدي.
[28] وٱغفِرْ مَعصِيَةَ أَمَتِكَ، فإِنَّ الرَّبَّ سيُقيمُ لِسَيِّدي بَيتًا ثابِتًا، لأَنَّ سَيِّدي حارَبَ حُروبَ الرَّبّ، ولم يوجَدْ فيكَ سوءٌ كُلَّ أَيَّامِكَ.
[29] وإِذا قامَ رَجُلٌ لِيُطارِدَكَ ويَطلُبَ نَفْسَكَ، كانَت نَفْسُ سَيِّدي مَحْزومة في حُزمَةِ الحَياةِ لَدى الرَّبِّ إِلٰهِكَ. وأَمَّا أَنفُسُ أَعْدائِكَ، فيَقذِفُ بِها في كِفَّةِ المِقْلاع.
[30] وإِذا صَنَعَ الرَّبُّ لِسَيِّدي بِحَسَبِ كُلِّ ما تَكَلَّمَ بِه مِنَ الخَيرِ في حَقِّكَ وأَقامَكَ رَئيسًا على إِسْرائيل،
[31] فلا يَكُنْ سَفكُكَ لِلدَّمِ بِلا سَبَبٍ أَوِ ٱنتِقامُ سَيِّدي لِنَفْسِه صَدمةً ومَعثَرَةَ قَلْبٍ لِسَيِّدي. وإِذا أَنعَمَ الرَّبُّ على سَيِّدي، فٱذكُرْ أَمَتَكَ».
[32] فقالَ داوُدُ لأَبيجائيل: «مُبارَكٌ الرَّبُّ، إِلٰهُ إِسْرائيل، الَّذي أَرسَلَكِ اليَومَ لِلِقائي!
[33] مُبارَكَةٌ حِكمَتُكِ، ومُباركَةٌ أَنتِ لأَنَّكِ صَرَفتِني اليَومَ عن سَفكِ الدِّماءِ وعِن ٱنتِقامِ يَدي لِنَفْسي.
[34] ولٰكن حَيٌّ الرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرائيلَ الَّذي مَنَعَني عنِ الإِساءَةِ إِلَيكِ، فلَو لم تُسرِعي وتَأتي لِلِقائي لَما أُبقِيَ لِنابالَ إِلى ضَوءِ الصَّباحِ بائِلٌ بِحائط».
[35] وأَخَذَ داوُدُ مِن يَدِها ما أَتَتْه بِه وقالَ لَها: «إِصعَدي إِلى بَيتِكِ بِسَلام. أُنظُري! إِنِّي قد سَمِعتُ لِكَلامِكِ وأكرَمتُ وَجهَكِ».
[36] فعادَت أَبيجائيلُ إِلى نابال، فإِذا في بَيتِه مَأدُبَةٌ كمَأدُبَةِ المُلوك، وكانَ نابالُ قد طابَت نَفسُه وسَكِرَ جِدًّا، فلَم تُخبِرْه بِشَيءٍ صَغيرٍ أَو كَبيرٍ إِلى ضوءِ الصَّباح.
[37] فلَمَّا أَصبَحَ وأَفاقَ مِن سُكرِه، أَخبَرَته ٱمرَأَتُه بِما حَدَث. فماتَ قَلبُه في جَوفِه وصار كالحَجَر.
[38] وبَعدَ نَحوِ عَشَرَةِ أَيَّام، ضَرَبَ الرَّبُّ نابالَ فمات.
[39] فلَمَّا سَمِعَ داوُدُ بِمَوتِ نابال، قال: «تَبارَكَ الرَّبُّ الَّذي دافَعَ عن قَضِيَّتي مِمَّا عَيَّرني بِه نابال وصَرَفَ عَبدَه عن الشَّرِّ ورَدَّ شَرَّ نابالَ على رأسِه». وأَرسَلَ داوُدُ إِلى أَبيجائيلَ وكَلَّمَها في أَن يَتَّخِذَها زَوجَةً لَه.
[40] فأَتى خُدَّامُ داوُدَ إِلى أَبيجائيلَ في الكَرمَل، وكَلَّموها قائلين: «أَرسَلَنا داوُدُ إِلَيكِ لِكَي يأخُذَكِ لَه زَوجَةً».
[41] فقامَت وسَجَدَت على وَجهِها على الأَرضِ وقالَت: «هاءَنَذا أَمَتُكَ خادِمَةٌ لَكَ لِتَغسِلَ أَرجُلَ خُدَّامِ سَيِّدي».
[42] وأَسرَعَت أَبيجائيلُ وقامَت ورَكِبَت حِمارًا وأَخَذَت خَمسًا مِن خادِماتِها يَمْشينَ وَراءَها، وذَهَبَت وَراءَ رُسُلِ داوُد، وصارَت زَوجَةً لَه.
[43] وكانَ داوُدُ قد تَزَوَّجَ أَيضًا بِأَحينوعَم مِن يِزْرَعيل، فأصبَحَتا لَه كِلْتاهُما زَوجَتَين.
[44] وكانَ شاوُلُ قد أَعْطى ميكالَ ٱبنَتَه ٱمرَأَةَ داوُدَ زَوجَةً لِفَلْطِيَ بنِ لائيشَ الَّذي مِن جَلِّيم.