< سفر الملوك الأول 1

Listen to this chapter • 7 min
[1] وكانَ أَنَّ المَلِكَ داوُدَ شاخَ وطَعَنَ في السِّنّ، وكانوا يُغطُّونَه بِالثِّيابِ فلا يَدفَأ.
[2] فقالَ لَه خَدَمُه: «لِيُبحَثْ لِسَيِّدِنا المَلِكِ عن فتاةٍ عَذْراءَ تَقومُ أَمامَ المَلِك، فتُعْنى بِه وتَضَّجِعُ في حِضنِكَ، فيَدفَأَ سَيِّدُنا المَلِك».
[3] فبَحَثوا عن فَتاةٍ جَميلَةٍ في جَميعِ أَراضي إِسْرائيل، فوَجَدوا أَبيشاجَ الشُّونَمِيَّة، فأَتَوا بِها المَلِك.
[4] وكانَتِ الفَتاةُ جَميلةً جِدًّا، فكانَت تُعْنى بالمَلِكِ وتَخدُمُه، ولٰكِنَّ المَلِكَ لم يَعْرِفْها.
[5] وإِنَّ أَدونِيَّا ٱبنَ حَجِّيتَ تَرَفَّعَ وقال: «أَنا أَملِك». وٱتَّخَذَ لَه مَركَبةً وخَيلًا وخَمْسينَ رَجُلًا يَركُضونَ أَمامَه.
[6] ولَم يَكُنْ أَبوه قد خالَفَه في أَيَّامِه بِأن قالَ لَه: «لِماذا فَعَلتَ كَذا؟» وكانَ هو أَيضًا جَميلَ المَنظَرِ جِدًّا، وكانَت أُمُّه قد وَلَدَته بَعدَ أَبْشالوم.
[7] وكانَ يُفاوِضُ يوآبَ ٱبنَ صَرويَة وأَبِياتارَ الكاهِن، وكانا يُعاوِنانِ أَدونِيَّا.
[8] وأَمَّا صادوقُ الكاهِنُ وبَنايا بنُ يوياداعَ وناتانُ النَّبِيُّ وشِمْعي وريعي وأَبْطالُ داوُد، فلَم يَكونوا مع أَدونِيَّا.
[9] وذَبَحَ أَدونِيَّا غَنَمًا وبَقَرًا وعُجولًا مُسَمَّنَةً عِندَ حَجَرِ زوحَلَتَ الَّذي بِجانِبِ عَينَ روجِل، ودَعا جَميعَ إِخوَتِه بَني المَلِكِ وجَميعَ رِجالِ يَهوذا حاشِيَةِ المَلِك.
[10] وأَمَّا ناتانُ النَّبِيُّ وبَنايا والأَبْطالُ وسُلَيمانُ أَخوه، فلَم يَدعُهم.
[11] فكَلَّمَ ناتانُ بَتْشابَعَ أُمَّ سُلَيمانَ قائِلًا: «أَما سَمِعتِ أَنَّ أَدونِيَّا ٱبنَ حَجِّيتَ قد مَلَك، ولَم يَعلَمْ بِذٰلك سَيِّدُنا داوُد؟
[12] فالآنَ تَعالَي أُشِرْ علَيكِ مَشورةً تُنَجِّينَ بِها نَفْسَكِ ونَفسَ سُلَيمانَ ٱبنِكِ:
[13] إِذهَبي وٱدخُلي على المَلِكِ داوُدَ وقولي لَه: أَلَيسَ أَنَّكَ أَنتَ، يا سَيِّديَ المَلِك، قد حَلَفتَ لأَمَتِكَ قائِلًا: إِنَّ سُلَيمانَ ٱبنَكِ هو يَملِكُ مِن بَعْدي وهو يَجلِسُ على عَرْشي، فلِماذا مَلَكَ أَدونِيَّا؟
[14] وبَينَما تَكونينَ أَنتِ هُناكَ في الكَلامِ مع المَلِك، آتي أَنا في إِثرِكِ وأُؤَيِّدُ كَلامَكِ».
[15] فدَخَلَت بَتْشابَعُ على المَلِكِ في المُخدَع (وكانَ المَلِكُ قد شاخَ جِدًّا، وكانَت أَبيشاجُ الشُّونَمِيَّةُ تَخدِمُ المَلِك).
[16] فٱنحَنَت بَتْشابَعُ ساجِدَةً لِلمَلِك فقالَ لَها المَلِك: «ما شَأنُكِ؟»
[17] فقالَت لَه: «يا سَيِّدي، إِنَّكَ كُنتَ قد حَلَفتَ بِالرَّبِّ إِلٰهِكَ لأَمَتِكَ قائلًا: إِنَّ سُلَيمانَ ٱبنَكِ هو يَملِكُ مِن بَعْدي وهو يَجلِسُ على عَرْشي.
[18] والآنَ هُوَذا أَدونِيَّا قد مَلَكَ، وأَنتَ، يا سَيِّديَ المَلِك، لم تَعلَم.
[19] وقد ذَبَحَ كَثيرًا مِنَ البَقَرِ والعُجولِ المُسَمَّنةِ والغَنَم. ودَعا جَميعَ بَني المَلِكِ وأَبِياتارَ الكاهِنَ ويوآبَ قائِدَ الجَيش. وأَمَّا سُلَيمانُ عَبدُكَ فلَم يَدْعُه.
[20] والآنَ، يا سَيِّدِيَ المَلِك، فإِنَّ عُيونَ إِسْرائيلَ كُلِّه نَحوَكَ، حتَّى تُعلِمَهم مَن يَجلِسُ على عَرشِ سَيِّدِيَ المَلِكِ من بَعْدِه.
[21] فيَكونُ، إذا ٱضَّجَعَ سَيِّدِيَ المَلِكُ مع آبائه، أَنِّي أَنا وٱبْني سُلَيمانَ نَكونُ مُذنِبَين».
[22] وفيما هي تَتَكَلَّمُ مع المَلِك، إِذ وَصَلَ ناتانُ النَّبِيّ.
[23] فأَخبَروا المَلِكَ وقالوا لَه: «هُوَذا ناتانُ النَّبِيّ». فدَخَلَ إِلى حَضرَةِ المَلِكِ وسَجَدَ لِلمَلِكِ بِوَجهِه إِلى الأَرْض.
[24] وقالَ ناتان: «يا سَيِّدِيَ المَلِك، أَأَنتَ قُلتَ: إِنَّ أَدونِيَّا يَملِكُ مِن بَعْدي وهو يَجلِسُ على عَرْشي؟
[25] فإِنَّه قد نَزَلَ اليَومَ وذَبَحَ مِنَ البَقَرِ والعُجولِ المُسَمَّنَةِ والغَنَمِ شَيئًا كَثيرًا، ودَعا جَميعَ بَني المَلِكِ وقُوَّادَ الجَيشِ وأَبِياتارَ الكاهِن، وها هم يأكُلونَ ويَشرَبونَ أَمامَه ويقولون: لِيَحْيَ المَلِكُ أَدونِيَّا!
[26] وأَمَّا أَنا عَبدُكَ وصادوقُ الكاهِنُ وبَنايا بنُ يوياداعَ وسُلَيمانُ عَبدُكَ فلَم يَدعُنا.
[27] فهَل مِن قِبَلِ سَيِّدِيَ المَلِكِ كانَ هٰذا الأَمْرُ، ولَم تُعلِمْ عَبيدَكَ مَن يَجلِسُ على عَرشِ سَيِّدِيَ المَلِكِ مِن بَعْدِه؟».
[28] فأَجابَ المَلِكُ داوُدُ وقال: «أُدْعوا لي بَتْشابَع». فدَخَلَت إِلى حَضرَةِ المَلِكِ ووَقَفَت أَمامَ المَلِك.
[29] فحَلَفَ المَلِكُ وقال: «حَيٌّ الرَّبُّ الَّذي ٱفتَدى نَفْسي مِن كُلِّ ضيق!
[30] إِنِّي كما حَلَفتُ لَكِ بِالرَّبِّ إِلٰهِ إِسْرائيلَ وقُلتُ: إِنَّ سُلَيمانَ ٱبنَكِ هو يَملِكُ من بَعْدي وهو يَجلِسُ مَكاني على عَرْشي، كذٰلك أَفعَلُ هٰذا اليَوم».
[31] فٱنحَنَت بَتْشابَعُ بِوَجهِها إِلى الأَرْضِ لِلمَلِكِ وقالَت: «لِيَحْيَ سَيِّدِيَ المَلِكُ داوُدُ لِلأَبَد!»
[32] وقالَ المَلِكُ داوُد: «أُدْعوا لي صادوقَ الكاهِنَ وناتانَ النَّبِيَّ وبَنايا بنَ يوياداع». فدَخَلوا إِلى حَضرَةِ المَلِك.
[33] فقالَ المَلِكُ لَهم: «خُذوا معَكم خَدَمَ سَيِّدِكم وأَركِبوا سُلَيمانَ ٱبْني على بَغلَتي وٱنزِلوا بِه إِلى جيحون،
[34] ولْيَمْسَحْه هُناكَ صادوقُ الكاهِنُ وناتانُ النَّبِيُّ مَلِكًا على إِسْرائيل، وٱنفُخوا بِالبوقِ وقولوا: لِيَحْيَ المَلِكُ سُلَيمان.
[35] وٱصعَدوا وَراءَه، فيَأتِيَ ويَجلِسَ على عَرْشي، وهو يَملِكُ مَكاني، فإِنَّه هو الَّذي أَوصَيتُ أَن يَكونَ قائدًا على إِسْرائيلَ ويَهوذا».
[36] فأَجابَ بَنايا بنُ يوياداعَ المَلِكَ وقال: «آمين! فلْيَتَكَلَّمْ هٰكذا الرَّبُّ إِلٰهُ سَيِّدِيَ المَلِك،
[37] وكما كانَ الرَّبُّ مع سَيِّدِيَ المَلِك، فلْيَكُنْ مع سُلَيمانَ أَيضًا ويَجعَلْ عَرشَه أَعظَمَ مِن عَرشِ سَيِّدِيَ المَلِكِ داوُد».
[38] فنَزَلَ صادوقُ الكاهِنُ وناتانُ النَّبِيُّ وبَنايا ٱبنُ يوياداعَ والكَريتِيُّونَ والفَليتِيُّون، وأَركَبوا سُلَيمانَ على بَغلَةِ المَلِكِ داوُد، وذَهَبوا بِه إِلى جيحون.
[39] وأَخَذَ صادوقُ الكاهِنُ قَرنَ الزَّيتِ مِنَ الخَيمَةِ ومَسَحَ سُلَيمان، فنَفَخوا بِالبوقِ ونادى كُلُّ الشَّعب: «لِيَحْيَ المَلِكُ سُلَيمان!»
[40] وصَعِدَ كُلُّ الشَّعبِ وَراءَه، وكانَ الشَّعبُ يَعزِفونَ بِالنَّاي، ويَبتَهِجونَ ٱبتِهاجًا عَظيمًا، حتَّى تَصَدَّعَتِ الأَرضُ مِن أَصْواتهم.
[41] فسَمِعَ أَدونِيَّا وجَميعُ مَن عِندَه مِنَ المَدعُوِّين، وقدِ ٱنتَهَوا مِنَ الأَكْل، وسَمِعَ يوآبُ صوتَ البوقِ فقال: «ما هٰذا الصَّوتُ الَّذي تَضطَرِبُ مِنه المَدينة؟»
[42] وبَينَما هو يَتَكَلَّم، إِذ أَقبَلَ يوناتانُ بنُ أَبِياتارَ الكاهِن، فقالَ لَه أَدونِيَّا: «تَعالَ، فإِنَّكَ رَجُلٌ شَريف، وأَنتَ تُبَشِّرُ بِالخَير».
[43] فأَجابَ يوناتانُ وقالَ لأَدونِيَّا: «بل سَيِّدُنا المَلِكُ داوُدُ قد مَلَّكَ سُلَيمان.
[44] وقد أَرسَلَ المَلِكُ معَه صادوقَ الكاهِنَ وناتانَ النَّبِيَّ وبَنايا بنَ يوياداعَ والكَريتِيِّينَ والفَليتِيِّين، فأركَبوه على بَغلَةِ المَلِك.
[45] ومَسَحَه صادوقُ الكاهِنُ وناتانُ النَّبِيُّ مَلِكًا في جيحون، وصَعِدوا مِن هُناكَ مُبتَهِجين، فٱضطَرَبَتِ المَدينة، وهٰذا هو الصَّوتُ الَّذي سَمِعتُموه.
[46] بل قد جَلَسَ سُلَيمانُ على عَرشِ المُلْك.
[47] وأَتى حاشِيَةُ المَلِكِ لِيُهَنِّئوا سَيِّدَنا المَلِكَ داوُد، وقالوا: لِيَجعَلْ إِلٰهُكَ ٱسمَ سُلَيمانَ أَعظَمَ مِنِ ٱسمِكَ وعَرشَه أَعظَمَ مِن عَرشِكَ. فسَجَدَ المَلِكُ على سَريرِه.
[48] وأَيضًا هٰكذا قالَ المَلِك: تَبارَكَ الرَّبُّ إِلٰهُ إِسْرائيلَ الَّذي أَعْطانِيَ اليَومَ مَن يَجلِسُ على عَرْشي، وعَينايَ تَنظُران».
[49] فٱرتاعَ جَميعُ مَدعُوِّي أَدونِيَّا ونَهَضوا وذَهَبوا كُلُّ واحِدٍ في سَبيلِه.
[50] وأَمَّا أَدونِيَّا فخافَ من وَجهِ سُلَيمان. فقامَ وذَهَبَ وتَمَسَّكَ بِقُرونِ المَذبَح.
[51] فأُخبِرَ سُلَيمانُ وقيلَ لَه: «هُوَذا أَدونِيَّا خائِفٌ مِنَ المَلِكِ سُلَيمان، وهُوَذا قد تَمَسَّكَ بِقُرونِ المَذبَحِ قائِلًا: لِيَحلِفْ لِيَ اليَومَ المَلِكُ سُلَيمانُ أَنَّه لا يَقتُلُ عَبدَه بِالسَّيف».
[52] فقالَ سُلَيمان: «إِن كانَ ذا شَرَف، فلا تَسقُطُ شَعَرَةٌ مِنه على الأَرض. وأَمَّا إِن وُجِدَ به سوءٌ، فإِنَّه يَموت».
[53] وأَرسَلَ المَلِكُ سُلَيمانُ فأَنزَلَه عنِ المَذبَح. فأَتى وسَجَدَ لِلمَلِكِ سُلَيمان. فقالَ لَه سُلَيمان: «إِنصَرِفْ إِلى بَيتِكَ».