< سفر صموئيل الأول 26

Listen to this chapter • 4 min
[1] وأَتى الزِّفِيُّونَ إِلى شاوُلَ في جَبْعَ وقالوا: «أَلَيسَ داوُدُ مُختَبِئًا في أَكَمَةِ الحَكيلَةِ تُجاهَ القَفْر؟»
[2] فقامَ شاوُلُ ونَزَلَ إِلى بَرِّيَّةِ زيف ومعَه ثَلاثَةُ آلافِ رَجُلٍ مِن المُخْتارينَ في إِسْرائيل، لِيَطلُبَ داوُدَ في بَرِّيَّةِ زيف.
[3] وعَسكَرَ شاوُلُ في أَكَمَةِ الحَكيلةِ تُجاهَ القَفْرِ في الطَّريق، وكانَ داوُدُ مُقيمًا في البَرِّيَّة. فلَمَّا رأَى أَنَّ شاوُلَ قد تَبِعَه إِلى البَرِّيَّة،
[4] أَرسَلَ داوُدُ جَواسيسَ وتَيَقَّنَ أَنَّ شاوُلَ قد أَتى.
[5] فقامَ داوُدُ وأَتى إِلى المَكانِ الَّذي عَسكَرَ فيه شاوُل، ورأَى المَكانَ الَّذي كانَ نائِمًا فيه شاوُلُ وأَبْنيرُ بنُ نير، قائِدُ جَيشِه. وكانَ شاوُلُ نائِمًا في وَسَطِ المُعَسكَر، والشَّعبُ مُعَسكِرٌ حَولَه.
[6] فكَلَّمَ داوُدُ أَحيمَلِكَ الحِثِّيَّ وأَبيشايَ ٱبنَ صَرويَة، أَخا يوآب، وقال: «مَن يَنزِلُ معي إِلى شاوُلَ في المُعَسكَر؟» فقالَ أَبيشاي: «أَنا أَنزِلُ معَكَ».
[7] فأَتى داوُدُ وأَبيشايُ إِلى الشَّعبِ لَيلًا، فإِذا بِشاوُلَ مُضطَجِعٌ في وَسَطِ المُعَسكَرِ وهو نائِم ورُمحُه مَغْروزٌ في الأَرضِ عِندَ رأسِه، وأَبْنيرُ والشَّعبُ راقِدونَ حَولَه.
[8] فقالَ أَبيشايَ لِداوُد: «قد أَسلَمَ اللهُ اليَومَ عَدُوَّكَ إِلى يَدِكَ، فدَعْني أَطعَنُه بِهٰذا الرُّمْحِ إِلى الأَرضِ طَعنَةً واحِدَةً ولا أُثَنِّي علَيه».
[9] فقالَ داوُدُ لأَبيشاي: «لا تَقتُلْه، فمَنِ الَّذي يَمُدُّ يَدَه إِلى مَسيحِ الرَّبِّ ويَكونُ بَريئًا؟»
[10] وأَضافَ داوُد: «حَيٌّ الرَّبّ! إِنَّ الرَّبَّ هو الَّذي يَضرِبُه، إِمَّا بِأَن يَأتِيَ يَومُه فيَموت، أَو بِأن يَنزِلَ إِلى حَربٍ فيَهلِك.
[11] حاشَ لي بِالرَّبِّ أَن أَمُدَّ يَدي إِلى مَسيحِ الرَّبّ! والآنَ فخُذِ الرُّمحَ الَّذي عِندَ رَأسِه وجَرَّةَ الماءِ، ولْنَنصَرِفْ».
[12] وأَخَذَ داوُدُ الرُّمحَ وجَرَّةَ الماءِ مِن عِندِ رأسِ شاوُلَ وٱنصَرَفا، ولم يَكُنْ مِن ناظِرٍ ولا عارِفٍ ولا مُستَيقِظ، لأَنَّهم كانوا جَميعُهم نائِمين، إِذ إِنَّ سُباتَ الرَّبِّ العَميقَ وَقَعَ عَلَيهم.
[13] وٱجْتازَ داوُدُ إِلى العِبْرِ ووَقَفَ على قِمَّةِ الجَبَلِ مِن بُعدٍ، والمَسافةُ بَينَهم بَعيدة.
[14] وصاحَ داوُدُ بِالشَّعبِ وبِأَبْنيرَ بنِ نيرٍ قائلًا: «هَلاَّ تَجيبُ يا أَبْنير؟» فأَجابَ أَبْنيرُ وقال: «ومَن أَنتَ يا مَن يَصيح بِالمَلِك؟»
[15] فقالَ داوُدُ لأَبْنير: «أَما أَنتَ رَجُلٌ ومَن مِثلُكَ في إِسْرائيل؟ فلِماذا لم تَحرُسْ سَيِّدَكَ المَلِك؟ فقَد جاءَ واحِدٌ مِنَ الشَّعبِ لِيُهلِكَ سَيِّدَكَ المَلِك.
[16] إِنَّكَ لم تُحسِنْ فيما صَنَعتَ. حَيٌّ الرَّبّ! فإِنَّكم قدِ ٱستوجبتُمُ المَوتَ، لأَنَّكم لم تَحرُسوا سَيِّدكم مَسيحَ الرَّبّ. فٱنظُرِ الآنَ أَينَ رُمحُ المَلِكِ وجَرَّةُ الماءِ اللَّذانِ كانا عِندَ رَأسِ المَلِك».
[17] فعَرَفَ شاوُلُ صَوتَ داوُد، فقالَ: «أَصَوتُكَ هٰذا، يا ٱبْني داوُد؟» فقالَ داوُد: «هو صَوتي يا سَيِّدي المَلِك».
[18] ثُمَّ أَضافَ داوُد: «ما بالُكَ، يا سَيِّدي، تُطارِدُ عَبدَك؟ ما الَّذي صَنَعتُ وما الَّذي في يَدي مِنَ السُّوء؟
[19] فلْيَسمَعِ الآنَ سَيِّديَ المَلِكُ كَلامَ عَبدِه: إِن كانَ الرَّبُّ هو الَّذي حَرَّضَكَ علَيَّ، فليَتَنَسَّمْ رائِحَةَ تَقدِمة، وإِن كانَ بَنو البَشَر، فهُم مَلْعونونَ أَمامَ الرَّبّ، لأَنَّهم نَفَوني اليَومَ مِنَ الٱشتِراكِ في ميراثِ الرَّبِّ قائلين: إِذهَبْ فٱعبُدْ آلِهَةً أُخْرى.
[20] والآنَ لا يَسقُطْ دَمي على الأَرضِ بَعيدًا عن وَجهِ الرَّبّ، فإِنَّ مَلِكَ إِسْرائيلَ قد خَرَجَ لِيَطلُبَ بُرْغوثًا واحِدًا، كما يُطارَدُ الحَجَلُ في الجِبال».
[21] فقالَ شاوُل: «قد خَطِئتُ، فٱرجِعْ يا ٱبْني داوُد، فإِنِّي لا أَعودُ أُوذيكَ، لأَنَّ نَفْسي كانت كَريمةً في عَينَيكَ اليَوم، وأَنا قد فَعَلتُ بِحَماقةٍ وضَلَلتُ ضَلالًا بَعيدًا جِدًّا».
[22] فأَجابَ داوُدُ قائِلًا: «هٰذا رُمحُ المَلِك، فلْيَعْبُرْ أَحَدُ الخُدَّامِ ويَأخُذْه.
[23] سيُكافِئُ الرَّبُّ كُلَّ واحِدٍ بِحَسَبِ بِرِّه وأَمانَتِه، فقَد أَسلَمَكَ الرَّبُّ اليَومَ إِلى يَدي، ولم أَشَأْ أَن أَمُدَّ يَدي إِلى مَسيحِ الرَّبّ.
[24] فكَما عَظُمَت نَفسُكَ اليَومَ في عَينَيَّ، فلْتَعظُمْ نَفْسي في عَينَيِ الرَّبِّ ويُنقِذْني مِن كُلِّ ضيق».
[25] فقال شاوُلُ لِداوُد: «مُبارَكٌ أَنتَ، يا ٱبْني داوُد، فإِنَّكَ تَسْعى سَعْيًا وتَنتَصِرُ ٱنتِصارًا». ثُمَّ ٱنصَرَفَ داوُدُ في سَبيلِه، ورَجَعَ شاوُلُ إِلى مَكانِه.