< سفر الملوك الأول 3

Listen to this chapter • 4 min
[1] وصاهَرَ سُلَيمانُ فِرعونَ، مَلِكَ مِصْر، وتَزَوَّجَ ٱبنَةَ فِرعَونَ وأَتى بِها إِلى مَدينَةِ داوُد، رَيثَما يُتِمُّ بِناءَ بَيتِه وبَيتِ الرَّبِّ وسورِ أُورَشَليمَ المُحيطِ بِها.
[2] وأَمَّا الشَّعبُ فكان يُقَرِّبُ ذَبائِحَه على المَشارِف، لأَنَّه لم يَكُنْ قد بُنِيَ بَيتٌ لِٱسمِ الرَّبِّ إِلى تِلكَ الأَيَّام.
[3] وأَحَبَّ سُلَيمانُ الرَّبَّ سائِرًا على سُنَنِ داوُدَ أَبيه، ولٰكِنَّه كانَ يَذبَحُ ويُحرِقُ البَخورَ على المَشارِف.
[4] وذَهَبَ المَلِكُ إِلى جِبْعونَ لِيَذبَحَ هُناكَ، لأَنَّها هي المَشرَفُ الأَعظَم، وأَصعَدَ سُلَيمانُ أَلفَ مُحرَقَةٍ على ذٰلِكَ المَذبَح.
[5] وفي جِبْعونَ تَراءَى الرَّبُّ لِسُلَيمانَ في الحُلْمِ لَيلًا وقالَ الله: «أُطلُبْ ما تُريدُ أَن أُعطِيَكَ».
[6] فقال سُلَيمان: «أَنتَ صَنَعتَ إِلى عَبدِكَ داوُدَ أَبي رَحمَةً عَظيمةً بِحَسَبِ سُلوكِه أَمامَكَ بِالحَقِّ والبِرِّ وٱستِقامةِ القَلبِ مَعَكَ، وحَفِظتَ لَه تِلكَ الرَّحمَةَ العَظيمة، وأَعطَيتَه ٱبنًا يَجلِسُ على عَرشِه كما هو اليَوم.
[7] والآنَ أَيُّها الرَّبُّ إِلٰهي، أَنتَ مَلَّكتَ عَبدَكَ مَكانَ داوُدَ أَبي، وأَنا صَبِيٌّ صَغيرُ السِّنِّ، لا أَعرِفُ أَن أَخرُجَ وأَدخُل،
[8] وعَبدُكَ في وَسْطِ شَعبِكَ الَّذي ٱختَرتَه، شَعبٍ عَظيمٍ لا يُحْصى ولا يُعَدُّ لِكَثرَتِه.
[9] فَهَبْ عَبدَكَ قَلبًا فَهيمًا لِيَحكُمَ شَعبَكَ ويُمَيِّزَ بينَ الخَيرِ والشَّرّ، لأَنَّه مَن يَقدِرُ أَن يَحكُمَ شَعبَكَ هٰذا الكَثير؟»
[10] فحَسُنَ في عَينَيِ الرَّبِّ أن يكونَ سُلَيمانُ قد سَأَل هٰذا الأَمْر.
[11] فقالَ لَه الله: «بِما أَنَّكَ سَأَلتَ هٰذا الأَمرَ، ولم تَسأَلْ لَكَ أَيَّامًا كَثيرة، ولا سَأَلتَ لَكَ الغِنى، ولَم تَطلُبْ نُفوسَ أَعْدائِكَ، بل سَأَلتَ لَكَ التَّمْييزَ لإجراءِ الحُكْمِ،
[12] فهاءَنَذا قد فَعَلتُ بِحَسَبِ كَلامِكَ. هاءَنَذا قد أَعطَيتُكَ قَلبًا حَكيمًا فَهيمًا، حتَّى إِنَّه لم يَكُنْ قَبلَكَ مِثلُكَ ولا يَقومُ بَعدَكَ مِثلُكَ.
[13] وحتَّى ما لَم تَسأَلْه قد أَعطَيتُكَ إِيَّاه مِنَ الغِنى والمَجْد، فلا يَكونُ رَجُلٌ مِثلُكَ في المُلوكِ كُلَّ أَيَّامِكَ.
[14] وإِن أَنتَ سِرتَ في طَريقي حافِظًا فَرائضي ووَصايايَ، كما سارَ داوُدُ أَبوكَ، أُطيلُ أَيَّامَكَ».
[15] فٱستَيقَظَ سُلَيمان، فإِذا هو حُلْم. فجاءَ إِلى أُورَشَليمَ ووَقَفَ أَمامَ تابوتِ عَهدِ الرَّبّ، وأَصعَدَ مُحرَقاتٍ وقَرَّبَ ذَبائِحَ سَلامِيَّة، وأَقامَ مأدُبَةً لِجَميعِ حاشِيَتِه.
[16] حينَئذٍ جاءَت إِلى المَلِكِ ٱمرَأَتانِ بَغِيَّان، ووَقَفَتا بَينَ يَدَيه.
[17] وقالَت إِحْداهما: «أَرْجوكَ يا سَيِّدي. إِنِّي وهٰذه المَرأَةُ مُقيمَتانِ في بَيتٍ واحِد. فوَلَدتُ وأَنا في البَيتِ معَها.
[18] وفي ثالِثِ يَومٍ من وِلادَتي، وَلَدَت هٰذه المَرأَةُ أَيضًا، وكُنَّا مَعًا، ولَيسَ معَنا غَريبٌ في البَيتِ غَيرُنا نَحنُ كِلتَينا في البَيت.
[19] فماتَ ٱبنُ هٰذه المَرأَةِ في اللَّيل، لأَنَّها ٱضَّجَعَت علَيه.
[20] فقامَت عِندَ نِصفِ اللَّيل، فأَخَذَتِ ٱبْني مِن جانِبي، وكانَت أَمَتُكَ راقِدَة، وأَضجَعَتِ ٱبني في حِضنِها، وٱبنُها المَيتُ أَضجَعَته في حِضْني.
[21] فلَمَّا قُمتُ في الصَّباحِ لأُرضِعَ ٱبْني، إِذا هو مَيت. فتَفَرَّستُ فيه في الصَّباح، فإِذا هو لَيسَ بِٱبْنيَ الَّذي وَلَدتُه».
[22] فقالَتِ المَرأَةُ الأُخْرى: «كَلاَّ، بلِ الحَيُّ هو ٱبْني والمَيتُ هو ٱبنُكِ». فقالَت تِلكَ: «لا، بلِ ٱبنُكِ هو المَيتُ وٱبني هو الحَيّ». وكانَتا تَتَجادَلانِ هٰكذا أَمامَ المَلِك
[23] فقالَ المَلِك: «هٰذه تَقولُ: هٰذا ٱبنِيَ الحَيُّ وٱبنُكِ المَيت، وتِلكَ تَقول: لا، بلِ ٱبنُكِ المَيتُ وٱبْنيَ الحَيّ».
[24] فأَضافَ المَلِك: «علَيَّ بِسَيف». فأَتَوا بِسَيفٍ إِلى أَمامِ المَلِك.
[25] فقالَ المَلِك: «أُشطُروا الوَلَدَ الحَيَّ شَطرَين، وأَعْطوا الواحِدَةَ شَطرًا والأُخْرى شَطرًا».
[26] فكَلَّمَتِ المَلِكَ المَرأَةُ الَّتي ٱبنُها الحَيّ، لأَنَّ أَحْشاءَها تَحَرَّكَت على ٱبنِها، وقالَت: «أَرجوكَ يا سَيِّدي. أَعْطوها الوَلَدَ حَيًّا ولا تَقْتُلوه». فقالَتِ الأُخرى: «بل لا يَكونُ لي ولا لَكِ. أُشطُروه».
[27] فأَجابَ المَلِكُ وقال: «أَعْطوا هٰذه الوَلَدَ الحيَّ ولا تَقْتُلوه، لأَنَّها هي أُمُّه».
[28] فسَمِعَ إِسْرائيلُ كُلُّه بِالحُكمِ الَّذي أَصدَرَه المَلِك، فهابوا وَجهَ المَلِك، لأَنَّهم رَأوا فيه حِكمَةَ اللهِ في إِجراءِ الحُكم.