< سفر الملوك الأول 20

Listen to this chapter • 7 min
[1] وجَمَعَ بَنهَدَدُ، مَلِكُ أَرام، كُلَّ جَيشِه (ومعَه ٱثْنانِ وثَلاثونَ مَلِكًا وخَيلٌ ومَركَبات) وحاصَرَ السَّامِرَةَ وحارَبَها.
[2] وأَرسَلَ رُسُلًا إِلى أَحآبَ، مَلِكِ إِسْرائيل، إِلى المَدينة،
[3] وقالَ لَه: «هٰكذا يَقولُ بَنهَدَدُ: فِضَّتُكَ وذَهَبُكَ هما لي، وأَزْواجُكَ وبَنوكَ الحِسانُ هم لي».
[4] فأَجابَ مَلِكُ إِسْرائيلَ وقال: «كما قُلتَ يا سَيِّدِيَ المَلِك، أَنا وكُلُّ ما هو لي لَكَ».
[5] فرَجَعَ الرُّسُلُّ وقالوا: «هٰكذا تَكَلَّمَ بَنهَدَدُ وقال: «إِنِّي قد أَرسَلتُ إِلَيكَ قائِلًا: فِضَّتُكَ وذَهَبُكَ وأَزْواجُكَ وبَنوكَ تُعْطيني إِيَّاهم.
[6] وإِنِّي في مِثلِ السَّاعةِ مِن غَدٍ أُرسِلُ إِلَيكَ خُدَّامي لِيُفَتِّشوا بَيتَكَ وبُيوتَ خُدَّامِكَ. فكُلُّ ما هو نَفيسٌ في عَينَيكَ يَجعَلونَه في أَيديهم ويأخُذونَه».
[7] فدَعا مَلِكُ إِسْرائيلَ جَميعَ شُيوخِ الأَرضِ وقال: «إِعلَموا وٱنظُروا! إِنَّ هٰذا يَطلُبُ الشَّرّ، لأَنَّه أَرسَلَ إِلَيَّ يأخُذُ نِسائي وبَنِيَّ وفِضَّتي وذَهَبي، مع أَنِّي لم أَمنَعْها مِنه».
[8] فقالَ لَه كُلُّ الشُّيوخِ وكُلُّ الشَّعْب: «لا تَسمَعْ ولا تَرْضَ».
[9] فقالَ لِرُسُلِ بَنهَدَد: «قولوا لِسَيِّديَ المَلِك: كُلُّ ما أَرسَلتَ بِه إِلى عَبدِكَ أَوَّلًا أَفعَلُه، وأَمَّا هٰذا الأَمرُ فلا طاقَةَ لي بِه». فمَضى الرُّسُلُ ورَدُّوا الجَواب.
[10] فأَرسَلَ إِلَيه بَنهَدَدُ يَقول: «كَذا تَصنَعُ الآلِهَةُ بي وكَذا تَزيد، إِن كانَ تُرابُ السَّامِرَةِ يَكْفي لأَكُفِّ القَومِ الَّذينَ يَتْبَعوني».
[11] فأَجابَ مَلِكُ إِسْرائيلَ وقال: «قولوا: لا يَفتَخِرَنَّ مَن يَتَقَلَّدُ سَيفَه كمَن يَنزِعُه».
[12] فلَمَّا سَمِعَ هٰذا الكَلام، وهو يَشرَبُ مع المُلوكِ في الأَكْواخ، قالَ لِرِجالِه: «إِستَعِدُّوا»، فٱستَعَدُّوا لِلهُجومِ على المَدينَة.
[13] وإِذا بِنَبِيٍّ تَقَدَّمَ إِلى أَحآب، مَلِكِ إِسْرائيل، وقال: «هٰكذا قالَ الرَّبّ: أَرَأَيتَ كُلَّ هٰذا الجَمعِ العَظيم؟ هاءَنَذا أُسلِمُه إِلى يَدِكَ، لِتَعلَمَ أَنِّي أَنا الرَّبّ».
[14] فأَجابَ أَحآبُ وقال: «عن يَدِ مَن؟» فقال: «هٰكذا قالَ الرَّبّ: عن يَدِ فِتْيانِ رُؤَساءِ الأَقاليم». قال: «فمَن يَشُنُّ القِتال». قالَ: «أَنتَ».
[15] فٱستَعرَضَ فِتْيانَ رُؤَساءِ الأَقاليم، فكانوا مِئَتَينِ وٱثنَينِ وثَلاثين. وٱستَعرَضَ بَعدَهم سائِرَ الشَّعبِ، بَني إِسْرائيلَ كُلَّهم، فكانوا سَبعَةَ آلاف.
[16] فخَرَجوا عِندَ الظُّهْرِ، وكانَ بَنهَدَدُ يَشرَبُ ويَسكَرُ في الأَكْواخ، هو والمُلوك، وكانوا ٱثنَينِ وثَلاثينَ مَلِكًا مُناصِرينَ لَه.
[17] وخَرَجَ أَوَّلًا فِتْيانُ رُؤَساءِ الأَقاليم، فأَرسَلَ بَنهَدَدُ فأُخبِرَ وقيلَ لَه إِنَّ رِجالًا خَرَجوا مِنَ السَّامِرة.
[18] فقال: «إِن كانوا قد خَرَجوا مُسالِمين، فٱقبِضوا علَيهم أَحْياءً، وإِن كانوا قد خَرَجوا لِلقِتال، فٱقبِضوا علَيهم أَحْياءً».
[19] فخَرَجَ مِنَ المَدينَةِ فِتْيانُ رُؤَساءِ الأَقاليم، والجَيشُ وَراءَهم.
[20] فقَتَلَ كُلُّ رَجُلٍ رَجُلَه، فهَرَبَ الأَرامِيُّون، وٱتَّبَعَهم إِسْرائيل. فأَفلَتَ بَنهَدَدُ، مَلِكُ أَرام، على فَرَسٍ مع الفُرْسان.
[21] وخَرَجَ مَلِكُ إِسْرائيل، فضَرَبَ الخَيلَ والمَركَبات، وضَرَبَ أَرامَ ضَربَةً عَظيمة.
[22] فتَقَدَّمَ النَّبِيُّ إِلى مَلِكِ إِسْرائيلَ وقالَ لَه: «إِمضِ وتَشَدَّدْ وتَأَمَّلْ وٱنظُرْ ما تَصنَع. فإِنَّه عِندَ مَدارِ السَّنَةِ يَصعَدُ علَيكَ مَلِكُ أَرام».
[23] وقالَ لِمَلِكِ أَرامَ ضُبَّاطُه: «إِنَّ آلِهَتَهم آلِهَةُ الجِبال، ولِذٰلك قَوُوا علَينا، ولَكِن إِذا حارَبْناهم في السَّهلِ، فإِنَّنا نَقْوى علَيهم.
[24] وأَنتَ فٱفعَلْ هٰذا الأَمْر: إِعزِلِ المُلوكَ، كُلًّا مِن مَكانِه، وٱجعَلْ وُلاةً مَكانَهم،
[25] وجَنِّدْ لَكَ جَيشًا كالجَيشِ الَّذي سَقَطَ لَكَ وخَيلًا كالخَيل السَّابِقِ ومَرْكَباتٍ كالمَركَباتِ السابقة، فنُقاتِلَهُم في السَّهلِ ونَقْوى علَيهم». فسَمِعَ مِنهم وفَعَلَ كذٰلك.
[26] فلَمَّا كانَ مَدارُ السَّنَة، اِستَعرَضَ بَنهَدَدُ الأَرامِيِّين، وصَعِدَ إِلى أَفيقَ لِمُحارَبَةِ إِسْرائيل.
[27] وٱستُعرِضَ بَنو إِسْرائيل وتَزَوَّدوا وساروا لِلِقائِهم، وعَسكَرَ بَنو إِسْرائيلَ مُقابِلَهم، كأَنَّهم قَطيعانِ صَغيرانِ مِنَ المَعِز، والأَرامِيُّونَ قد مَلَأوا الأَرْض.
[28] فتَقَدَّمَ رَجُلُ اللهِ وكَلَّمَ مَلِكَ إِسْرائيلَ وقال: «هٰكذا قالَ الرَّبّ: لأَنَّ الأَرامِيِّينَ قالوا: إِنَّ الرَّبَّ هو إِلٰهُ الجِبال، لا إِلٰهُ السُّهول، فإِنِّي مُسلِمٌ إِلى يَدِكَ هٰذا الجُمْهورَ العَظيمَ كُلَّه، لِتَعلَموا أَنِّي أَنا الرَّبّ».
[29] فعَسكَرَ هٰؤُلاءِ تُجاهَ هٰؤُلاءِ سَبعَةَ أَيَّام. ولَمَّا كانَ اليَومُ السَّابِع، شُنَّتِ الحَربُ. فقَتَلَ بَنو إِسْرائيلَ مِنَ الأَرامِيِّينَ مِئَةَ أَلفِ راجِلٍ في يَومٍ واحِد.
[30] وهَرَبَ الباقونَ إِلى أَفيق، إِلى المَدينَة. فسَقَطَ السُّورُ على السَّبعَةِ والعِشْرينَ أَلفَ رَجُلٍ الَّذينَ بَقوا. وهَرَبَ بَنهَدَدُ ودَخَلَ المَدينَةَ إِلى مُخدَعٍ ضِمنَ مُخدَع.
[31] فقالَ لَه رِجالُه: «إِنَّنا سَمِعْنا أَنَّ مُلوكَ بَيتِ إِسْرائيلَ هم مُلوكُ رَحمَة. فلْنَضَعِ الآنَ مُسوحًا على أَحْقائِنا وحِبالًا على رُؤُوسِنا، ونَخرُجْ إِلى مَلِكِ إِسْرائيل، لَعَلَّه يُبقي على نَفسِكَ».
[32] فشَدُّوا مُسوحًا على أَحْقائِهم وجَعَلوا حِبالًا على رُؤُوسِهم وجاؤوا إِلى مَلِكِ إِسْرائيلَ وقالوا: «إِنَّ عَبدَكَ بَنهَدَدَ يَقول: أَسأَلُ أَن تُبقِيَ على نَفْسي». فقال: «أَوّلًا يَزالُ حَيًّا؟ إِنَّما هو أَخي».
[33] فٱستَبشَرَ القَومُ وبادَروا فتَلَقَّفوا الكَلِمَةَ مِن فَمِه، وقالوا: «أَخوكَ بَنهَدَد». فقال: «هَلُمَّ فأتوا بِه». فخَرَجَ إِلَيه بَنهَدَد، فأَصعَدَه أَحآبُ على المَركَبَة.
[34] فقالَ لَه بَنهَدَد: «المُدُن الَّتي أَخَذَها أَبي مِن أَبيكَ أَرُدُّها إِلَيكَ، وتَجعَلُ لَكَ أَسْواقًا في دِمَشْق، كما فَعَلَ أَبي في السَّامِرة». فقال: «وأَنا أُطلِقُكَ مُقابِلَ عَهدٍ». وقَطَعَ لَه عَهدًا وأَطلَقَه.
[35] وإِنَّ رَجُلًا مِن بَني الأَنبِياءِ قالَ لِصاحِبِهِ بِأَمرِ الرَّبّ: «إِضرِبْني». فأَبى الرَّجُلُ أَن يَضرِبَه.
[36] فقالَ لَه: «بِما أَنَّكَ لم تَسمَعْ لِصَوتِ الرَّبّ، فإِنَّك، عِندَ ٱنصِرافِكَ مِن عِنْدي، يَقتُلُكَ أَسَد». فلَمَّا ٱنصَرَفَ مِن عِندِه، لَقِيَه أَسَدٌ فقَتَلَه.
[37] ثُمَّ لَقِيَ رَجُلًا آخَرَ فقالَ لَه: «إِضرِبْني»، فضَرَبَه ذٰلك الرَّجُلُ ضَربَةً فجَرَحَه.
[38] فمَضى النَّبِيُّ ووَقَفَ لِلمَلِكِ في الطَّريق، وتَنَكَّرَ بِبُرقُعٍ على عَينَيه.
[39] فلَمَّا مَرَّ المَلِك، نادى المَلِك وقال: «إِنَّ عَبدَكَ خَرَجَ في وَسَطِ القِتال، فإِذا بِرَجُلٍ مالَ وأَتاني بِرَجُلٍ وقال: إِحفَظْ هٰذا الرَّجُل، وإِن فُقِدَ، تَكونُ نَفسُكَ بَدَلًا مِن نَفْسِه أَو تَزِنُ لي قِنْطارًا مِنَ الفِضَّة.
[40] فبَينَما عَبدُكَ مُنشَغِلٌ هُنا وهُناك، إِذا بِه قد فُقِد». فقالَ لَه مَلِكُ إِسْرائيل: «ذاكَ حُكمُكَ، فأَنتَ أَصدَرتَه».
[41] فبادَرَ وأَزاحَ البُرقُعَ عن عَينَيه، فعَرَفَ مَلِكُ إِسْرائيلَ أَنَّه مِن الأَنبِياء.
[42] فقالَ لَه النَّبِيّ: «هٰكذا قال الرَّبّ: بِما أَنَّكَ أَطلَقتَ مِن يَدِكَ رَجُلًا قد حَرَّمتُه، فنَفسُكَ تَكونُ بَدَلًا مِن نَفْسِه وشَعبُكَ بَدَلًا مِن شَعبِه».
[43] فٱنصَرَفَ مَلِكُ إِسْرائيلَ إِلى بَيتِه، وهو واجِمٌ قَلِق، وجاءَ إِلى السَّامِرَة.