< رسالة كورنثوس الأولى 15

Listen to this chapter • 6 min
[1] أُذَكِّرُكم أَيُّها الإِخوَةُ البِشارَةَ الَّتي بَشَّرتُكم بِها وقَبِلتُموها ولا تَزالونَ علَيها ثابِتين،
[2] وبِها تَنالونَ الخَلاصَ إِذا حَفِظتُموها كما بَشَّرتُكم بِها، وإِلاَّ فقَد آمَنتُم باطِلاً.
[3] سَلَّمتُ إِلَيكم قبلَ كُلِّ شَيءٍ ما تَسَلَّمتُه أَنا أَيضًا، وهو أَنَّ المسيحَ ماتَ مِن أَجْلِ خَطايانا كما وَرَدَ في الكُتُب،
[4] وأَنَّه قُبِرَ وقامَ في اليَومِ الثَّالِثِ كما وَرَدَ في الكُتُب،
[5] وأَنَّه تَراءَى لِصَخْرٍ فالاِثْنَي عَشَر،
[6] ثُمَّ تَراءَى لأَكثَرَ مِن خَمْسِمائَةِ أَخٍ معًا لا يَزالُ مُعظَمُهُم حَيًّا وبَعضُهُم ماتوا،
[7] ثُمَّ تَراءَى لِيَعْقوب، ثُمَّ لِجَميعِ الرُّسُل،
[8] حتَّى تَراءَى آخِرَ الأَمرِ لي أَيضًا أَنا السِّقْط.
[9] ذٰلك بأَنِّي أَصغَرُ الرُّسُل، ولَستُ أَهْلاً لأَن أُدْعى رَسولاً لأَنِّي ٱضطَهَدتُ كَنيسةَ الله،
[10] وبِنِعمَةِ اللهِ ما أَنا علَيه، ونِعمَتُه عَلَيَّ لم تَذهَبْ سُدًى، فقَد جَهَدتُ أَكثَرَ مِنهُم جَميعًا، وما أَنا جَهَدتُ، بل نِعمَةُ اللهِ الَّتي هي معي.
[11] أَفكُنتُ أَنا أَم كانوا هُم، هٰذا ما نُعلِنُه وهٰذا ما بِه آمَنتُم.
[12] فإِذا أُعلِنَ أَنَّ المَسيحَ قامَ مِن بَينِ الأَموات، فكَيفَ يَقولُ بَعضُكُم إِنَّه لا قِيامَةَ لِلأَموات؟
[13] فإِن لم يَكُنْ لِلأَمواتِ مِن قِيامة، فإِنَّ المَسيحَ لم يَقُمْ أَيضًا.
[14] وإِن كانَ المسيحُ لم يَقُمْ، فتَبشيرُنا باطِلٌ وإِيمانُكُم أَيضًا باطِل.
[15] بل نَكونُ عِندَئِذٍ شُهودَ زُورٍ على الله، لأَنَّنا شَهِدْنا على اللهِ أَنَّه قد أَقامَ المسيح وهو لم يُقِمْه، هٰذا إِن صَحَّ أَنَّ الأَمواتَ لا يَقومون.
[16] فإِذا كانَ الأَمواتُ لا يَقومون، فالمسيحُ لم يَقُمْ أَيضًا.
[17] وإِذا لم يَكُنِ المسيحُ قد قام، فإِيمانُكم باطِل ولا تَزالونَ بِخَطاياكم،
[18] وإِذًا فالَّذينَ ماتوا في المسيحِ قد هَلَكوا.
[19] وإِذا كانَ رَجاؤُنا في المسيحِ مَقصورًا على هٰذهِ الحَياة، فنَحنُ أَحقُّ جَميعِ النَّاسِ بِأَن يُرْثى لَهم.
[20] كَلاَّ! إِنَّ المَسيحَ قد قامَ مِن بَينِ الأَموات وهو بِكْرُ الَّذينَ ماتوا.
[21] عَن يَدِ إِنسانٍ أَتى المَوت، فعَن يَدِ إِنسانٍ أَيضًا تَكونُ قيامةُ الأَموات،
[22] وكما يَموتُ جَميعُ النَّاسِ في آدم فكذٰلك سَيُحيَونَ جَميعًا في المسيح،
[23] كُلُّ واحِدٍ ورُتْبَتُه. فالبِكرُ أَوَّلاً وهو المَسيح، ثُمَّ الَّذينَ يَكونونَ خاصَّةَ المسيحِ عِندَ مَجيئِه.
[24] ثُمَّ يَكونُ المُنتَهى حِينَ يُسَلِّمُ المُلْكَ إِلى اللهِ الآب بَعدَ أَن يَكونَ قد أَبادَ كُلَّ رِئاسةٍ وسُلطانٍ وقُوَّة.
[25] فلا بُدَّ لَه أَن يَملِكَ «حتَّى يَجعَلَ جَميعَ أَعدائِه تَحتَ قَدَمَيه».
[26] وآخِرُ عَدُوٍّ يُبيدُه هو المَوت،
[27] لأَنَّهُ «أَخضَعَ كُلَّ شَيءٍ تَحتَ قَدَمَيه». وعِندَما يَقول: «قد أُخضِعَ كُلُّ شَيء»، فمِنَ الواضِحِ أَنَّه يَستَثْني الَّذي أَخضَعَ لَه كُلَّ شَيء.
[28] ومتى أُخضِعَ لَه كُلُّ شَيء، فحينَئِذٍ يَخضَعُ الِٱبْنُ نَفْسُه لِذاكَ الَّذي أَخضَعَ لَه كُلَّ شَيء، لِيكونَ اللهُ كُلَّ شَيءٍ في كُلِّ شَيء.
[29] وإِذا كانَ الأَمْرُ على خِلافِ ذٰلك، فما تُرى يَعمَلُ الَّذينَ يَعْتَمِدونَ مِن أَجلِ الأَموات؟ وإِذا كانَ الأَمواتُ لا يَقومونَ البتَّة، فلِماذا يَعتَمِدونَ مِن أَجلِهم؟
[30] ولِماذا نَتَعَرَّضُ نَحنُ لِلخَطَرِ كُلَّ حِين؟
[31] أَشهَدُ، أَيُّها الإِخوَةُ، بِما لي مِن فَخْرٍ بِكُم في رَبِّنا يسوعَ المسيح، أَنِّي أُواجِهُ المَوتَ كُلَّ يَوم.
[32] فإِذا كُنتُ قد حارَبتُ الوُحوشَ في أَفَسُس، على ما يَقولُ النَّاس، فأَيَّةُ فائِدَةٍ لي؟ وإِذا كانَ الأَمواتُ لا يَقومون، «فلْنَأكُلْ ولْنَشْرَبْ فإِنَّنا غَدًا نَموت».
[33] لا تَضِلُّوا: «إِنَّ المُعاشراتِ الرَّديئَةَ تُفسِدُ الأَخلاقَ السَّليمة».
[34] إِصحُوا كما يَنبَغي ولا تَخطَأُوا، لأَنَّ بَينَكم قَومًا يَجهَلونَ اللهَ كُلَّ الجَهْل. لإِخْجالِكم أَقولُ ذٰلك!
[35] ورُبَّ قائِلٍ يَقول: «كَيفَ يَقومُ الأَموات؟ في أَيِّ جَسَدٍ يَعودون؟»
[36] يا لَكَ مِن غَبِيّ! ما تَزرَعُه أَنتَ لا يَحْيا إِلاَّ إِذا مات.
[37] وما تَزرَعُه هو غَيرُ الجِسْمِ الَّذي سَوفَ يَكون، ولٰكِنَّه مُجَرَّدُ حَبَّةٍ مِنَ الحِنطَةِ مَثَلاً أَو غَيرِها مِنَ البُزور،
[38] وإِنَّ اللهَ يَجعَلُ لَها جِسْمًا كما يَشاء، يَجعَلُ لِكُلٍّ مِنَ البُزورِ جِسْمًا خاصًّا.
[39] لَيسَتِ الأَجسامُ كُلُّها سَواء، فلِلنَّاسِ جِسْمٌ ولِلماشِيَةِ جِسْمٌ آخَر، ولِلطَّيرِ جِسْمٌ ولِلسَّمَكِ جِسْمٌ آخَر،
[40] ومِنها أَجرامٌ سَماوِيَّة وأَجسامٌ أَرْضِيَّة، فلِلأَجرامِ السَّماوِيَّةِ ضِياء ولِلأَجْسامِ الأَرضِيَّةِ ضِياءٌ آخَر.
[41] الشَّمْسُ لَها ضِياء والقَمَرُ لَه ضِياءٌ آخَر، ولِلنَّجْمِ ضِياء، وكُلُّ نَجْمٍ يَخْتَلِفُ بِضِيائِه عنِ الآخَر.
[42] وهٰذا شَأنُ قِيامَةِ الأَموات: يَكونُ زَرْعُ الجِسْمِ بِفَساد والقِيامةُ بِغَيرِ فَساد.
[43] يَكونُ زَرْعُ الجِسْمِ بِهَوان والقِيامَةُ بِمَجْد. يَكونُ زَرْعُ الجِسْمِ بِضُعْف والقِيامةُ بِقُوَّة.
[44] يُزرَع جِسْمٌ بَشَرِيٌّ فيَقومُ جِسْمًا رُوحِيًّا. وإِذا كانَ هُناكَ جِسْمٌ بَشَرِيّ، فهُناكَ أَيضًا جِسْمٌ رُوحِيّ،
[45] فقد وَرَدَ في الكِتاب: «كانَ آدمُ الإِنسانُ الأَوَّلُ نَفْسًا حَيَّة» وكانَ آدمُ الآخِرُ رُوحًا مُحْيِيًا.
[46] ولٰكِن لم يَظهَرِ الرُّوحِيُّ أَوَّلاً، بلِ البَشَرِيّ، وظَهَرَ الرُّوحِيُّ بَعدَه.
[47] الإِنسانُ الأَوَّلُ مِنَ التُّراب فهو أَرْضِيّ، والإِنسانُ الآخَرُ مِنَ السَّماء.
[48] فعَلى مِثالِ الأَرضِيِّ يَكونُ الأَرضِيُّون، وعلى مِثالِ السَّماوِيِّ يَكونُ السَّماوِيُّون.
[49] وكما حَمَلْنا صُورةَ الأَرضِيّ، فكذٰلك نَحمِلُ صُورَةَ السَّماوِيّ.
[50] أَقولُ لَكم، أَيُّها الإِخوَة، إِنَّ اللَّحْمَ والدَّمَ لا يَسَعُهما أَن يَرِثا مَلَكوتَ الله، ولا يَسَعُ الفَسادَ أَن يَرِثَ ما لَيسَ بِفَساد.
[51] وإِنِّي أَقولُ لَكم سِرًّا: إِنَّنا لا نَموتُ جَميعًا، بل نَتَبدَّلُ جَميعًا،
[52] في لَحْظَةٍ وطَرْفةِ عَين، عِندَ النَّفْخِ في البُوقِ الأَخير. لأَنَّه سيُنفَخُ في البُوق، فيَقومُ الأَمواتُ غَيرَ قابِلينَ لِلفَساد ونَحنُ نَتَبَدَّلُ.
[53] فلا بُدَّ لِهٰذا الكائِنِ الفاسِدِ أَن يَلبَسَ المَنَعَةَ مِنَ الفَساد، ولِهٰذا الكائِنِ الفاني أَن يَلبَسَ الخُلود.
[54] ومَتى لَبِسَ هٰذا الكائِنُ الفاسِدُ المَنَعَةَ مِنَ الفَساد، ولَبِسَ الخُلودَ هٰذا الكائِنُ الفاني، حينَئذٍ يَتِمُّ قَولُ الكِتاب: «قدِ ٱبتَلَعَ النَّصْرُ المَوت».
[55] فأَينَ يا مَوتُ نَصْرُكَ؟ وأَينَ يا مَوتُ شَوكَتُكَ؟
[56] إِنَّ شَوكَةَ المَوتِ هيَ الخَطيئة، وقُوَّةَ الخَطيئَةِ هيَ الشَّريعة.
[57] فالشُّكرُ للهِ الَّذي آتانا النَّصْرَ عَن يَدِ رَبِّنا يسوعَ المسيح!
[58] فكونوا إِذًا، يا إِخوَتي الأَحِبَّاء، ثابِتينَ راسِخين، مُتَقَدِّمينَ في عَمَلِ الرَّبِّ دائِمًا، عالِمينَ أَنَّ جَهْدَكُم لا يَذهَبُ سُدًى عِندَ الرَّبّ.